عجيب أمر "الإخوان المسلمين" أعلنوا في بيانات رسمية أنهم من بين فصائل التيار الإسلامي المشاركة في مليونية الإسلاميين 29 يوليو بميدان "التحرير" إلا أنهم لم يفعلوا، واكتفوا بحضور شكلي تمثل في المنصة التنسيقية التي أقاموها ليل الخميس وبعض اللافتات هنا وهناك، حتى بدا لمن يعرف الإخوان أن صاحب القرار السياسي في الجماعة قرر أن يرسل اللافتات وحدها ويستبقي الأفراد لحاجة في نفسه، لا تقل لي كيف وقد تحدث منهم فلان وفلان وفلان، لأنهم الأولى بالرد.
شاءت الأقدار بأن أقتطع جزءا غير قليل من هذا اليوم الهام في تاريخ الحركة الإسلامية، التي يسعد الإسلاميون جميعا كون الإمام حسن البنا ـ رحمه الله ـ أول من أطلق شرارتها في عشرينيات القرن الماضي، لكي أبحث عن الوجود الذي تطوع به إخوانه في الميدان هذا اليوم، فكنت أطوف على التجمعات والمخيمات لأسأل عنهم، وخرجت بنتيجة كارثية لا شك في مدلولاتها وهي أن الإخوان لم يحضروا بل أرسلوا عشرات فقط من أفرادهم حتى ليصعب علي أن أقدرهم بالمئات، فما الذي يُقعد هؤلاء الكرام عن الحشد لمثل هذا المشهد الإسلامي؟.
تأويلات المفسرين ممن همهم حجم المشاركة الإخوانية، ذهبت هنا وهناك، البعض رأى فيها رغبة من الجماعة "الأم" في الوقوف على الحجم الحقيقي لقوة شركائها من الإسلاميين، أو ربما إمساكا للعصا من المنتصف حتى إذا نجحت المليونية على كافة الأصعدة فنحن جزء منها وإن كانت الأخرى فنحن لم نشارك فيها، أو من باب آخر إيصال رسالة لمن يهمه الأمر فحواها أن الإخوان أهون من غيرهم أو على الأقل مازالوا حريصين على هذه المساحة الفاصلة "مساحة التميز" وهو ما ظهر جليا في تصريحات كبار قادة الجماعة بعد انتهاء المشهد المليوني ممن قالوا إنهم يرفضون الشعارات التي رفعت وأغضبت القوى العلمانية، مستدلين بأن الجماعة "وعلى مدار الـ 18 يوماً من الثورة"، لم ترفع مثل هذه الشعارات.
بعض من تحدثت معهم من الحركة أرادوا أن يقنعوني بالحضور القوي لها، فكان الرد الذي رأيته منطقيا أن لو كان هذا الحضور قويا لكانت النتيجة أكثر كارثية على الإخوان أنفسهم، أن يقال إن حجمهم الحقيقي في الخارطة الإسلامية المصرية لا يتجاوز الـ (1%) واحد في المائة. لكن بالطبع هذا لا ينفي وجود تفسيرات أخرى منطقية لدى الطرف المدافع عن الإخوان كقولهم إن الأمر لم يكن مقصودا من قبل الجماعة، فهو هنا يقر بقلة التواجد لكنه يرى أنه لم يكن مقصودا باعتبار أن الكثيرين من أفراد الجماعة كانوا يظنونها جمعة عادية دعت لها الفصائل الإسلامية وتوافقت الجماعة معهم على الحضور، لكن توافقها هذا لا يعني أنها تولي الأمر أولوية كبيرة حتى يحشدوا له.
ومن أظرف ما سمعت من التفسيرات ذلك الذي ذهب إلى أن الإخوان ذابوا في المشهد الذي كان سلفيا بامتياز، سلفيا في لافتاته، وفي شعاراته، وفي مظاهره، التي جعلت السواد الأعظم فيه من أصحاب اللحى من الإسلاميين، فإذا أضفنا إلى ذلك ملاحظة أن الكثيرين من شباب وشيوخ الإخوان أعفوا لحاهم في أعقاب ثورة الـ 25 من يناير تبين إلى أي مدى كان ميدان "التحرير" إسلاميا سلفيا ملتحيا، وإلى أي مدى يسهل على الناظر إليه القول بأن الإخوان آثروا عدم الحضور هذا اليوم.
واقرأ أيضاً:
الرؤية المستقبلية لمصر/ لا.... للإحباط/ سلوك الحشد/ المرشحون للرئاسة بين الكاريزما والضمير2/ قنا: البحث عن.. جملة مفيدة/ أهم من الاستفتاء، وأخطر من ثورة مضادة/ هنا والآن.. الثورة تكون إزاي؟؟
التعليق: زاد تواجد الاخوان كثيراً في التحرير وغيرها من ميادين مصر في الفترة الأخيرة
ولكن أؤكد لسيادتكم أن هناك قرارات من مجلس الإرشاد بالنزول لجمعة الاسلاميين لا أعلم إن كان النزول للتحرير أو لميادين أخرى ففي مدينة الزقازيق حيث أعيش نزل الإخوان عقب الصلاة فى مسجد الفتح حتى بعد المغرب وظل منهم أناس إلى أبعد من ذلك
فمن الممكن أن يكون الاخوان قد قسموا أنفسهم ووزعوا أنفسهم على باقي الميادين حتى نحس أن مصر كلها تريد الإسلام وليس من في التحرير فقط.