إيميل كريبلين Emil kraepelin

 ايميل كريبلين (1856-1926): من أبرز علماء الطب النفسي، ويعتبر أبو التصنيف المعاصر للأمراض العقلية والنفسية، إذ قام بتصنيف الأمراض العقلية والنفسية في كتابه المجمل في الطب النفسي Compendium of Psychiatry الذي نشره عام 1883 ويعتبر هذا الكتاب أول كتاب في التصنيف العلمي الحديث للأمراض العقلية والنفسية، ولهذا يدعى kraepelin في المحافل العلمية (أبو التصنيف الحديث).

kraepelin ألماني تعلم في فيرتسبورغ، وتتلمذ على يدي مؤسس علم النفس التجريبي الملقب (أبو علم النفس التجريبي) العالم الألماني Wilhelm Wundt وكان صديقاً شخصياً له رغم حداثة سن kraepelin وفارق العمر بينهما الذي قارب ربع قرن تقريباً، وبتأثير من أستاذه بدأ يطبق نظريات وأدوات علم النفس في مجال الطب النفسي.

علّم في جامعتي هايدبيرغ وميونخ علم النفس السريري، وترأس معهد أبحاث الطب النفسي في ميونخ، وكتب في الجريمة من وجهة النظر الطبية النفسية، وعارض الضرب وعقوبة الإعدام، وكان شديد الكراهية للتدخين ومقولته المشهورة: (أن الأمة التي تريد أن تبني شباباً قوياً وصحيحاً من الناحية النفسية عليها أن تحظر التدخين)، وكان ضد تعاطي الخمور والمخدرات وكتب في ذلك كثيراً، كما كان يحذر من الإسراف في وصف الأدوية وضد تعاطي العقاقير، وكان ينصح بالزواج المبكر للشباب من وجهة نظر طبية نفسية أيضاً؛

وكان يقول (إن الجنس عندما يمارس في إطاره الصحيح فإنه يساعد على خفض التوترات، وبالتالي استعادة الجسم لتوازنه، وبذلك تنتشر الطمأنينة في النفس، ويحدث الاستقرار الجنسي، وتبنى الأهداف الاجتماعية الكبرى من تكوين أسرة وتربية أطفال وتحسين الوضع الوظيفي والاجتماعي)، وكان يحض على الزواج من منطلق وأسس علمية نتيجة خطورة الوراثة وإمكانية توريث البنية المعتلة والصفات العقلية والنفسية غير الجيدة ولا مانع لديه من الرومانسية شريطة إتباع هذه الأسس العلمية.

حقيقة أن Emil kraepelin ورث عن عائلته موضوع التصانيف، إذ أن شقيقه الأكبر Carl kraepelin كان عالماً نباتياً وله تصانيف مشهورة في علم النبات، ولهذا تأثر بموضوع التصنيف ومواضيع الوراثة، والشهرة الحقيقية له ضمن ميدان الطب النفسي كانت بسبب أبحاثه في الذهان ووصفه الدقيق للعته الباكر (ما يدعى بالفصام Schizophrenia المصطلح الذي أحدثه العالم السويسري Eugen Bleuler واعتمد عالميا منذ أيامه وحتى الآن) وذهان الهوس والاكتئاب.

يعود لـ kraepelin الفضل في استخدام الاختبارات النفسية ضمن الفحص الطبي النفسي لتحديد مدى القصور النفسي عند المريض العقلي، ولهذا يحب البعض من العلماء والباحثين المعاصرين أن يدعوه أيضاً (أبو علم النفس السريري)، وهو من رواد الباحثين في علم الصيدلة النفسية Psychopharmacology إذ أن أبحاثه المخبرية عن تأثير تعاطي مختلف أنواع الأدوية والعقاقير على السلوك الإنساني، ورغم بدائيتها وفق مفهومنا الحالي فهي متوافقة مع المعلومات والمعطيات المتوفرة لنا في هذا العصر بأحدث التقنيات.

الحق يقال أن kraepelin رغم الشهرة التي يتمتع بها في الأوساط العلمية -خاصة في حقل الطب النفسي- فإنه لم ينل حقه الكافي من الاعتراف به، ويعود ذلك إلى طغيان Sigmund Freud ونظرياته التي انتشرت بين العاملين في الحقل النفسي من أطباء وسواهم، وكان kraepelin يبدي سخطه الدائم واحتقاره الشديد لـ Freud ويصف نظرياته بأنها غير علمية ولا يمكن تطبيقها، إضافة إلى ذلك ساهم في التقليل من شهرته آنذاك أن كتبه لم تترجم إلى الانكليزية إلا متأخراً جداً، رغم إعادة طباعة كتابه المجمل في الطب النفسي Compendium of Psychiatry ثماني طبعات وكان في طريقه إلى الطبعة التاسعة أثناء وفاته.
 
من بعده التزم تلامذته بنشر أفكاره وتطويرها، ومن أشهرهم عالم النفس الألماني Ernst Kretschmer الذي طور الكثير من أفكاره في نظريته في الأنماط والشخصية.

٠ نشرت في  الشبكة العربية للعلوم النفسية (المصدر: المركز الرقمي للعلوم النفسية www.DCpsy.com).