ينتابها إحساس غريب، يجعلها ترتب به أولويات اللحظات القادمة على ظهر بطاقة المغادرة...
1- يجب أن تجمع أدوات روحها
2- أن تشتري فنجان قهوة لتحدثه في قاعة الانتظار
3- أن تنتظر القطار حتى يمر حاملا بائع المظلات في رحلتها الأخيرة؟
تنتظر ترشف الوقت ولا يمر تتمايل مع خطوط القهوة المنسابة برفق، تجامل ذاتها أن القهوة جيدة وتستحق الانتظار والحكايات والوقت،
تكمل ما بدأت بكتابته،
4- ....... - لا تجد ماذا تقول من أمور مهمة تستحق،
هناك مواقف كثيرة تركتها خلفها وهناك لحظات لم تأتِ على خاتمتها بعد، وهناك حوض النباتات التي قال لها البائع أنها افريقية الأصل، ولكن لونها أخضر، أخضر مدهش، شهي، يغري العين لتذوقه، وعندما جربته كان مرَّ الطعم.
تقترب اللحظات للغروب، المحطة تغير وجوهها مع كل لحظة، وموعدها لم يأتِ،
جائها ضابط وسألها هل هذي أنتِ، أجابت نعم...
هل هذه صورتك، ... نعم بتردد.
قال لها شكرًا وحاول المغادرة لكنها استوقفته، مر الكثير من الوقت وهذا أنا وهذي أوراقي لماذا لا أمر؟
قالت له.
قال وهو صامت بعينيه ولم تفهم لغته، العربية أحيانًا تتكسر، تفقد الحروف دسامة التراكيب، لم تعد هذي الحروف التي يتلفظ بها تشبه حروف الحب التي كانت تسمعها لسنوات ولجلسات وفي كثير من اللحظات، حروف أثرها مختلف، وتخشى أن يمر الوقت ولا تصل رصيف المغادرة لتأخذ من بائع المظلات نصيبها، في حينه سترجع خائبة، ستصاب بنكسة مدتها عامٌ كامل، وقد لا تحصل على فرصة أخرى لتجربة الحظ والوصول للرصيف، وإذا عادت هل ستتمكن من إيجاد قطة، من استرجاع أثاث بيتها الذي فرطت به لأنها ستغادر بلا رجعة؛
ولو أرجعته، هل سيرجع كما تنازلت عنه وهل سيرجع بكل بساطة التنازل، لحظات طوال تكرر ذات السؤال،
وعاد الضابط ولكن بلون مختلف، بزيِّ مدني وكأنه أطول كثيرًا، يبتسم ينادي.. السيدة البرتقالية تجيب... نعم!
هل هذه أنتِ.. نعم!
هل هذا جواز سفرك؟
نعم... تحاول أن تشرح له أن الاختلاف والنظرة العابسة في جواز السفر تأتي دائمًا هكذا، جواز السفر عند العربي يحتاج للكثير من العبوس وربما فكرة إخراجه وما يتبعه هي السبب، أو ربما بسبب خوفها من الفقد نتيجة إخراجه الحتمية.
ولكن ماذا ستفقد؟
اقترب منها وقال.. شكرًا.
عادت إلى المقعد تنتظر اللحظات قبل أن يكتمل الغروب، وينثر البرتقالي الذي وسمت به كل الوجوه.
قال مكررًا لماذا رجعت..!
لم تفهم حروفه المتكسرة
كانت أصيبت بإحساس بالإعياء من تكرار الوقوف والانتظار، كان نزعها لحذائها أسرع من كلماته، وعودتها للجلوس أسرع،
ناداها مكررًا.. لم تفهم هل هي مدعوة للتحقق من أوراقها للمرة الثالثة أو هو ستمر، جمعت ابتسامة أقرب للتكسر، أقرب للتفتت، حملت حقيبتها وتركت ورقة لحظاتها وأولوياتها وفنجان القهوة ولحقته، وتذكرة المرور.
تمت
واقرأ أيضاً:
قـلَّـةُ فَـهْـمٍ قـليـلَـةُ الأدَبِ ! / الترهات الماكثة / نا حين لا تدلُ !! / يا ألله ُ !! بعد 6 ليت أنا ما كبرنا!!! / تقوى ! / كوفاد / من قصيدة لبغداد / عسى..يا عَسى! / تعالي..تعالي! / لُعْـبَةُ الزَّوجينِ !