حكاوي القهاوي (126)
(589)
ياعزيزي كلكلم لصوص
خرج علينا أحد المشايخ في إحدى القنوات الفضائية الدينية؛ ليفضح لنا المشايخ الذين ما لهم من الدعوة إلاّ إدعاء التدين والاتجار بالدين واستغفال السذج أمثالنا. ينصحنا الشيخ نصيحة ذهبية بعدم التبرع بالمال لأمثال هؤلاء المشايخ؛ فهم جميعاً يجمعون ما يجمعون من الأموال والله وحده أعلم لأي جيوب تذهب. ويكاد الرجل يذكرنا بهذا الذي جمع مالاً في حب مصر، ولم يسأل أحد أين ذهبت كل هذه الملايين.
كان الرجل ينصحنا بتجنب هؤلاء فهم ليسوا إلاّ خدام أمن الدولة تخصصوا في كتابة التقارير الأمنية في إخوانهم في الدعوة والتدين. كانت تظهر في الخلفية صورة لواحد من تجار الدين هؤلاء وهو يبكي ويتباكى ليقنع السذج من مشاهديه أنه يبكي من خشية الله، وكأنه هو المقصود بهمزات ولمزات مقدم البرنامج. ورغم صدق ما يقوله الرجل إلاّ أني شعرت بأن الأمر ليس أكثر من تصفية للحسابات بين هؤلاء المشايخ دعاة التدين وتجار الدين. نعم أصدق الرجل فيما قاله وأزيد عليه بأنني لا أستثني أحد بما فيهم مقدم البرنامج نفسه وقناته التي يطل علينا منها. لهذا أشعر بالغثيان من أمثال هؤلاء ذلك لأنهم جميعاً سواء.
(590)
من التوريث إلى التمكين
بدأ مبارك حكمه مقبولاً إلى حد كبير حتى فسد وزاد الطين بلة أن هبطت عليه فكرة التوريث فتحول الرجل ليهب المنح والعطايا لمجموعة من الفاسدين الذين تلقفوا الفكرة ودعموها ليحصلوا من ورائها على كل ما يمكن لهم الحصول عليه، فنهبوا البلاد بما فيها وبما عليها. فتحول النظام الحاكم إلى قمة الفساد لا يهمه من يسرق وماذا يسرق طالما أن هذه المنظومة الفاسده ستعمل في النهاية على تمرير مشروع التوريث، ليجلس طفله المدلل على الكرسي من بعده.
لم يختلف الحال في الداخل عنه في الخارج إذ انبطح مبارك أرضاً لأمريكا وإسرائيل فصار خادمهم الأمين الذي يفعل ما به يحملون فصارت أمريكا تطلب وصارت إسرائيل تتمنى ومبارك يجيب. فصار مبارك بعد خضوعه لحلم التوريث كنزهم الاستراتيجي. كل هذا على أمل أن ترضى أمريكا فلا تقف ضد حلمه. نعم لقد باع مبارك مصر في الداخل والخارج من أجل أن يرى طفله المدلل جالساً على كرسي حكم مصر.
أسقط الشعب مبارك فانزعجتا أمريكا وإسرائيل ظناً منهما بأن الزمان لن يجود بمثله أبداً فمن أين لهما برئيس له من نقاط الضعف مثلما كان التوريث نقطة ضعف لمبارك. ولكن فيما يبدو أن الله يحب أمريكا وشعب إسرائيل فأتى لهم بجماعة لا تختلف كثيراً عن مبارك إذ أن لها حلمها بالتمكين والذي يتطابق مع حلم مبارك بالتوريث؛ فالتوريث هو التمكين والتمكين هو التوريث. تلقفت أمريكا الخيط وطالبت جماعة الإخوان بتقديم فروض الطاعة والولاء حتى ترضى عن الجماعة فتسهل الجلوس على كرسي الحكم في مصر. فما كان من الجماعة إلاّ أن انبطحت أرضاً وانفشخت تحت أقدام أمريكا وإسرائيل حتى تحقق حلمها بالتمكين.
وما أن جلست الجماعة على الكرسي حتى فعلوا ما لم يفعله مبارك فصار بيريز عشيقاً، وتعهدوا بأمن إسرائيل وأقسموا أنه لن تطلق رصاصة بعد اليوم عليها، ثم نادوا بحق العودة لليهود لمصر وما خفي كان أعظم. فلا مانع لدى الجماعة أن تنبطح وتنفشخ لكل من يقدم لها يد العون للتمكين بدءاً من إسرائيل وانتهاءً بقطر. فلا مانع لدى الجماعة أن تهب لقطر قناة السويس وأكثر طالما أنها تدعم مشروع التمكين. الأخوان إذن مثلهم كمثل مبارك أو أشد فهم لا يفكرون في مصر ولا يهمهم من أمرها شيئ سوى أن يتمكنوا من البلاد.
وغداً كما فهم عصابات الخارج جماعة الإخوان واستغلوا طمعهم في الكرسي وفي التمكين، سيفهم الفاسدون في الداخل ذلك وسيلعبون على هذا الوتر ليحصدوا ما لم يتمكنوا من حصاده أيام مبارك وسنشاهد فساداً في الداخل وانفشاخاً في الخارج تماماً مثلما فعل مبارك أو أشد. الإخوان إذن مثلهم كمثل مبارك يظنون أن بقاءهم مرهون برضى أمريكا وإسرائيل.
ما لم يفهمه الإخوان أن الشعب المصري هو من أسقط مبارك وليس أمريكا. ما لم يفهمه الإخوان أن أمريكا لم تكن قادرة على الوقوف ضد الشعب لتحمي مبارك رغم أنه كان لها ما كان. إن سلوك الإخوان يذكرني بسلوك اللص الذي يظن في نفسه الذكاء وأنه سيسرق وسيفلت بفعلته من العقاب ولن يقبض عليه كسابقيه من اللصوص الأغبياء. مشكلة الإخوان أنهم يتذاكون ولا يفهمون ولا يتعلمون ولا يعلمون أن مصيرهم لن يكون بأفضل من مصير مبارك إن لم يكن أشد قسوة وأنهم حتماً سيسقطون. إن قمة غباء الإخوان تتبدى في أنهم قد بدأوا سيرتهم الذاتية في حكم مصر بالتمكين، حيث انتهى مبارك بالثوريث، ولهذا فإن سقوطهم بات وشيكاً وشيكا.
(591)
أحلام سيادتك أوامر
يوجد في الجيش قول مأثور يقول "أحلام سيادتك أوامر"، فيكفي أن يحلم القائد حتى يهرول الجميع ليصبح الحلم أمرا واجب النفاذ فيكون الحلم واقعاً وحقيقة. بهذا المبدأ حكم مبارك الرجل العسكري مصر، فكانت أمريكا تحلم ومبارك ينفذ. ثم ذهب مبارك وجاء المجلس الذي هو عسكري أيضاً، فحلمت أمريكا وأطاع العسكر فنفذوا الحلم ليصير واقعاً وحقيقة. حلمت أمريكا بأن يركب عملاؤها الإخوان على أنفاس المصريين، ليجلسوا على الكرسي خلفاً لمبارك.
حلمت أمريكا أن يركب عملاؤها الإخوان بعد أن قام سعد الدين إبراهيم لا سامحه الله في عام 2007– كما صرح بنفسه- بوصل علاقات الخيانة والعمالة بين قيادات الإخوان وأمريكا بعد أن انقطعت لسنين. وجدت أمريكا في جماعة الإخوان نموذجاً للطماع الذي يمكنه أن يفعل أي شيء ويلتهم أي طعم فقط لإشباع طمعه وجشعه. باختصار تجسد في الإخوان النموذج الذي تحلم به أمريكا والذي قال عنه ميسوفيتش بأن أمريكا عندما تتخلى عن ابن بيتش فإنما تأتي لنا بابن ستين بيتش.
نعم حلمت أمريكا وألمحت للعسكر بالحلم فهرول العسكر بالتنفيذ وأفسحوا الطريق ليسرق الإخوان كل شيء أفسح العسكر الطريق للإخوان عندما جعلوا كائناً مثل صبحي صالح يكتب لمصر إعلانها الدستوري. أفسح العسكر الطريق للإخوان عندما رفضوا أن يخطف كائناً من كان الأضواء من الإخوان فقاموا بالتوافق وبالتنسيق وبالتآمر مع قطر؛ بإقصاء نبيل العربي. فعندما جاء الرجل وزيراً للخارجية شعر المصريون بأن هذا هو رئيسهم الذي يحلمون به، فوجب حينئذ ركل الرجل لأعلى؛ فرفضت قطر وأقسمت ألاّ يكون مصطفى الفقي رئيساً للجامعة العربية، وأنها لن ترضى إلاّ بنبيل العربي بديلاً وبهذا انطفأ نجم الرجل وتم إخلاء الطريق للإخوان ليكون فقط واحد من مسوخهم هو الرئيس، فعل العسكر الأمر نفسه عندما استبعدوا البرادعي كمرشح لرئاسة حكومة الإنقاذ وقال طنطاوي "الإخوان عاملين عليه فيتو"، وبالمثل فعلوها مع عمرو موسى، فبعد أن طلب طنطاوي منه رئاسة حكومة إنقاذ، امتعض الإخوان وهددوا وتوعدوا فتراجع طنطاوي فوراً عن الفكرة، وقال لسامي عنان "معلش بقى اعتذر لموسى بأي حاجة".
نعم لقد استولى الإخوان على الكرسي لأنهم قدموا نموذجاً للحلم الأمريكي لمن يجلس على كرسي الحكم في مصر. نعم استولى الإخوان على الكرسي لأن العسكر يطيعون الأوامر فيجعلون من حلم السيد حقيقة. نعم انكشف الغطاء ولن يغفر المصريون لكل من تآمر عليهم، لن نغفر للإخوان.. لن نغفر للعسكر.. لن نغفر لقطر.. لن نغفر لأمريكا.. وإن غدا لناظره قريب.
(592)
ليس في الإمكان
كنت أقول أيام حكم السادات "ليس في الإمكان أسوأ مما كان"، وصراحة فقد فرحت عندما اُغتيل الرجل وتنفست الصعداء وظننت أن القادم أفضل لا محالة. ولكن خاب ظني وجاء من هو أسوأ مما كان بكثير. ويبدو أني لسذاجة أتمتع بها ظللت أردد نفس المقولة في عهد مبارك "ليس في الإمكان أسوأ مما كان"، فأخذت أحلم بأنه لو ذهب مبارك، وسيذهب بالتأكيد، فلا يمكن أن يأتي بعده من هو أسوأ منه. وذهب مبارك فتنفست الصعداء ثانية وظننت أن القادم أفضل لا محالة. وجاء الإخوان واكتشفت أن القادم أسوأ بكثير وكثير وكثير. ولما كان المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين فمن المؤكد إذن أني لست بهذا المؤمن ولا جدال. الأدهى والأمر أني ما زلت أردد نفس المقولة فمازلت واثقاً بأنه ليس في الإمكان أسوأ مما كان. نعم ما زال هناك أمل في غد لن يكون فيه خائن أو إخوان رغم أنف أمريكا ورغم كل أنوف كل الإخوان.
(593)
نبيل العربي رئيساً
سعى الإخوان لتشويه كل وطني شريف يمكن أن يعيق حلمهم بالاستيلاء على مصر، فاستكملوا مسيرة مبارك في تشويه البرادعي، ولما أزعجهم حمدين صباحي جعلوه "حمضين" و"واحد خمّنا" وعمرو موسي أصبح بامتياز "فلول". بذلك لم ولن يسلم رمز وطني من تشويه الإخوان حتى ينفض الشعب المصري عنه فيخلو لهم الجو للاستيلاء على مصر. لهذا ومع بدء ثورة خمسة وعشرين يناير غداً من جديد، ومع الإصرار على سقوط حكم الإخوان فإني أدعو شباب ألتراس الثورة، نعم أقولها شباب ألتراس الثورة الذي لن يغادر ميادين التحرير حتى يسقط حكم الإخوان بأن يدعوا لتولي نبيل العربي رئاسة الجمهورية فيكون رئيساً انتقالياً لفترة واحدة ولا يجوز له الترشح لفترة ثانية ويقوم خلال مدته بإعادة كتابة الدستور ليكون دستوراً يتوافق عليه كل المصريين، وإعادة بناء الدولة المدنية وإنقاذ اقتصادها ليكون اقتصاداً لا يقودنا إلى الفقر والإفلاس.
نعم.. مع احترامي الشديد للبرادعي وحمدين وصباحي وكل الرموز الوطنية المخلصة، أنتم لا تصلحون الآن للرئاسة فقد نجحت خطة الإخوان في تشويهكم لدى العامة من الشعب للدرجة التي قد لا تنجحون معها في لم شمل المصريين. نعم.. أدعو ألتراس الثورة باختيار نبيل العربي رئيساً توافقياً؛ فهو الوحيد الذي يستطيع القيام بهذه المهمة الآن، فلم يفكر ولم ينجح الإخوان حتى الآن في تشويه صورة الرجل في أذهان المصريين. نعم.. أقول لكل الرموزز الوطنية سارعوا بتأييد الفكرة حتى تنقشع الغمة ويذهب الإخوان لمزبلة التاريخ وحينها سيعرف المصريون من أنتم، وحينها سيكون لكل حادث حديث.
24/1/2013
ويتبع >>>>>>>>: حكاوي القهاوي (128)
واقرأ أيضا:
مرسي والكرسي / آفاق أكتوبرية!! / مصر العربية!! / الأثر النفسي للقفص الزجاجي / الزعيم الملهم / الشباب محبط... انتبهوا / حكاوي القهاوي