لم أندهش من زمان، لكن عندما قابلت فتاتين ترتديان النقاب، وتناقشنا حول التعليم البديل، وطافت بنا الأفكار والأخبار والمعاني، هما تعرفان "علي شريعتي"، وتعرفان "منير فاشة"!!! ولتذهب المفاهيم المسبقة، وقولبة البشر في أطر، وحصرهم في أصنام وأيقونات نتوهمها إلى الجحيم!!!
أعرف منهما ثم أتأكد عن الإخوانية العتيدة -سابقا- التي تتغير، وتغير ما حولها، وتهتم هي الأخرى بملف التعليم بمحتوى مختلف، وأفق حرية مغاير، أتأمل.... هل يتغير ويتطور في مصر أحد غير بعض الإخوان؟؟
هل نشهد بدايات انطلاقات متجاوزة للأطر الفكرية "الإسلامية" التقليدية الحاكمة لقرون؟؟؟
هل أندهش وأنا في الزمالك، والشيخ على المنبر يذكر إخلاصه، وتجرده، وزهده، وتقشفه، وحلمه على مخالفيه، وصبره على المكاره، حتى يبلغ دعوته، وتنتصر كلمته في مواجهة مخالفيه، الإمام كان يتحدث عن الحاج "غاندي"، ويذكرنا أن عامة ملبسه كان الرداء، والإزار، مثل ثياب الإحرام عند المسلمين... غاندي على المنبر، في الزمالك، عقبالكم يللي في شبرا !!!
الإمام ينهي خطبته بالدعاء لأولي الأمر، ويدعو بالتوفيق للرئيس، وبعد الفراغ من الصلاة لا يسلم من اللوم العلني بصوت عالي، يعجبني ألا نمرر الكلام مثلما كنا نفعل -يعجبني ويهمني أن نتحاور بحق، وتفصيل، وتأمل في تفاصيل العلاقة بين المسجد والسياسة، بين المنبر والتنافس الحزبي!!!
أتمنى وأعلم أن الأوقاف بصدد "تسليم" إدارة المساجد لمجالس إدارات منتخبة من جيران كل مسجد، أتمنى أن تؤول هذه الفكرة إلى عودة المسجد إلى دوره، وإلى الناس..بعد طول تشوه، وغياب!!!
يزعجني أن يقال لشعب ثار...... أن اهدأوا!!!
لو كان مقصودا أن نصمت صمت الحملان القديمة، وننتظر أولي الأمر يدبرون لنا أحوالنا، فتبا ثم تبا ثم تبا!!
ولو كان مقصودا أن الاحتجاج وحده لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وما بدولتهم، وما بأجهزتهم، وما بتعليمهم، وما بإعلامهم، وقضائهم، وما بتدينهم، وما ببيوتهم!!! أوافق...
لو كان مقصودا أن الاكتفاء بالاحتجاج -نحسبه الثورة- قد صار سخيفا، ومحبطا، ومبددا، أوافق...
لكن هذا لا يقال له: اهدأوا... يا متعلمين يا بتوع المدارس.
هذا يمكن أن يقال له: تأملوا، ثوروا بحق، استثمروا طاقتكم وأكملوا مسارات تغييركم، وتغيركم لأن شيئا لن يتغير بحق، إلا بجهودكم لا يقال له: اهدأوا، فتعلموا الكلام يا أمة الكلام، وما نزل عليه من السماء سوى كلام!!! ولكنه مش أي كلام!!!
الحمد لله على نعمة الثورة، وكفى بها نعمة!!!
يعيش أهل كل سعادة في تصورهم لها، ومن يرون السعادة في التغير، والتغيير..... يعيشون اليوم سعادة لو علمها أهل الثروة، والسلطة لجالدوهم عليها بالسيوف!!!
اللهم ارحم شهداءنا وألحقنا بهم بعد طول عمر، وإحكام أمر، وحسن تدبير، واستكمال تغيير... بدأوه بالدم الطاهر!!
ألحقنا بهم غير خزايا، ولا مفتونين.... يا رب.
اللهم لا تفتنا بعدهم، ولا تحرمنا أجرهم، وخذ بنواصينا إليك -وأنت العدل والرحمة- آخذ الكرام عليك!!