على مر سنوات، ومن خلال حوارات تلفزيونية، وتحقيقات صحفية، وتأملات، وقراءات... اهتممت كثيرا، وغالبا بتحريض مستمر من الإعلامية النابهة Doaa Khalifa بالعشوائية، والعشوأة، والعشوائيين!!!
توصلت حينذاك إلى أن العشوائيات ليست مجرد مناطق سكنية، ولكنها مساحات نفسية، وسلوكيات متفشية، وقيم حاكمة، عند أغلب المصريين!! وهي حصاد مفهوم لعقود من التخريب والتجريف والانكسارات والصدمات والانتكاسات والتشوهات التي طالت عقولهم، وأرواحهم، وتحضرهم الإنساني القديم!!!
يمكن رصد وبحث وتقييم تطور الانحدار والانهيار والتفكك الذي أصاب الوطن، ولم يكن هناك ثمة أمل حتى قامت ثورة 25 يناير!!
بخبطة واحدة خاطفة ومذهلة، استوعبت الثورة هذا الميراث الثقيل من حيث أنها أدمجت عشوائية المصريين بدرجاتها، والعشوائيين على مختلف أنواعهم، وجمعتهم في حلم كبير راقي وملهم ومتجاوز، يبدو أن هذا الاستيعاب أعمى عيوننا، أو اختلط علينا فاعتبرناه علاجا لميراثنا النكد!!!
ومع تفكيك ثورة 25 الذي تبارينا جميعا في تصعيد وتيرته، عادت الأوجاع والأعراض إلى البروز والظهور!! وكنت أندهش لدهشة المصريين وهم يقولون أن الثورة أخرجت أسوأ ما فيهم!!
هل سيكون مفهوما إذن أن الرعاع الرائعين الذين كانوا في مقدمة الصفوف في المشاهد الثورية كلها -ضمن مشروع استوعب العشوائية فينا جميعا- هم أنفسهم الذين سيكونون المتصرفين في مصائر المصريين خلال الأيام القادمة؟؟ بإذن الله!!!
الأمر أكبر من الإخوان، والإسلاميين، وطبعا.... أكبر من الشباب الثوري، والتحالفات السياسية السلمية!!!
الأمر يتعلق بأعداد وأجيال لا حصر لها من بشر بلا معالم، ولا معارف، ولا قواعد!!!
يعيشون بيننا، أو نعيش نحن بينهم، دون أن نراهم -غالبا- ودون أن نهتم بهم إلا لحسابنا!!!
هؤلاء هم بعض ما تحاربنا مخابرات الخليج بشأنه، فهم مصدر للحم البشري الرخيص، والعبيد بلا حقوق في القصور، والمهن الحقيرة..... هناك!!!
والخليج لا يريد لهذا المورد أن ينضب!!
وهم الخدم في بيوت الهوانم والبهوات من الطبقة الوسطى العليا، والطبقة العليا في مصر!!!
وهم مادة الدم في الثورة المصرية منذ بدأت، حياتهم ومماتهم سواء، يخرجون بلا ضجيج ولا مماحكات، ويموتون موتا سهلا، في صمت!!!
مصر في قبضة هؤلاء، من الآن وحتى إشعار آخر!!!
تتوارى الداخلية، وسيتوارى الجيش إلى جوانب المشهد، تاركين كل مكونات الشعب تتدافع، وهم يتفرجون!!!
ويتبع >>>>>: مسار الثورة 28-30 يونيو2013 لو كنت رئيسا،.. المحلل...