بعد كثرة الأكاذيب عن ميدان رابعة ونتيجة لوجود العديد من الأصدقاء على صفحتي خارج مصر ولا يستطيعون زيارة الميدان فقد رأيت أن أشرككم جميعاً فيما رأيت بالميدان...
لا يمكن لأحد أن يدخل الميدان دون إبداء شخصيته وتفتيشه للتأكد من عدم حمله لأسلحة. عملية التفتيش والتحقق من الشخصية تتم بسلاسة ولين ولطف ولا يتضرر منها أحد. والناس تدخل بإرادتها وتخرج بإرادتها. رأيت وجوهاً بشوشة ومرحبة معظمها من خارج القاهرة وخاصةً في النهار. يفترش المتواجدون الأرض والأرصفة على الجانبين وفي الجزيرة الوسطى. الميدان يتسع ليبدأ من بعد طيبة مول مباشرة إلى تقاطع شارع يوسف عباس ويمتد في شارع الطيران لمسافة كبيرة يميناً ويساراً. في النهار معظم من في الميدان يجلسون لقراءة القرآن أو يجلس في منتصفهم فقيه يعطيهم درسا دينياً أو يسبحون.
تضع كل مجموعة منهم رؤيتهم ورسالتهم على باب خيمتهم بالإضافة إلى موطنهم الصغير الذي جاءوا منه. كل الفئات العمرية موجودة نساءً ورجالا. بالرغم من بساطة الجميع في ملبسهم تستطيع أن تميز كل المستويات الاجتماعية الغني والفقير وكل المستويات التعليمية فهناك أساتذة وأطباء ومدرسون ومهندسون وهناك الكهربائية والسباكون وكل المهن. لم أسمع في الميدان كلمة نابية ولم أرَ شجاراً حتى من الباعة الجائلين. وفي عز حرارة الشمس هناك مجموعات ثائرة لا تهدأ تهتف وتجول الميدان.
الجميع صائم وترى البعض يحملون على ظهورهم جراكل مياه برشاشات ويمرون على إخوانهم ليرشوا وجوههم ورؤوسهم بهذه المياه فلا تصيبهم حرارة الشمس الحارقة.
بسهولة تستطيع أن تجد مكانا للوضوء وبسهولة تستطيع أن تتعرف على موقع المستشفى الميداني على أحد بوابات المسجد. الميدان نظيف بالرغم من الزحمة ويتعاون الجميع مع عمال النظافة وسيارات النظافة التي تأتي يومياً للميدان عدة مرات.
قبل الإفطار بساعتين يبدأ الجميع في إعداد الطعام والعصائر. معظم من في الميدان يشترون المأكولات على حسابهم ولكن البعض يصطف في طابور عند أحد أبواب المسجد ليستلم وجبة طعام معدة في المكان هي بسيطة ولكنها جيدة. وتمر سيارات عليها براميل كبيرة مليئة بالعصائر المختلفة التي توزع مجاناً على الجميع فيصطف المتظاهرون لملء زجاجات العصير تمهيداً للإفطار. الناس بسيطة للغاية وتتشارك في القليل من كل شيء وهم سعداء. لا يملون ولا يتزمرون ولا يتعبون من الهتاف.
في الليل أرى العجب, أرى ثورة تبث على الهواء مباشرةً للعالم كله ما عدا مصر حيث لا يرغب قادة الانقلاب في ذلك ولكن رغم أنوفهم من يريد أن يرى يستطيع أن يرى.
كل من يريد أن يتحدث أو يقول كلمة عليه بحجز دوره للطلوع على المنصة فما أكثر المشاركات وما أكثر المبدعين بالميدان.
نفس البرامج الحوارية التي كانت تبث بقنوات أغلقت أصبحت تبث على الهواء مباشرة وبمشاركة مئات الألوف من الجمهور من منصة رابعة العدوية.
يستعمل المتظاهرون لبث الإرسال إلى العالم 3 سيارات للتليفزيون المصري يضعونهم داخل أسوار مسجد رابعة العدوية بالإضافة إلى وضع محطة إرسال أرضية بهوائي ضخم للغاية لا أعلم كيف استطاعوا تركيبه داخل المسجد.
في وقت الصلاة تفترش الأرض للصلاة وبعدها مباشرةً تفتح بعض الطرقات للتحرك. يقوم بالصلاة بالمتظاهرين أساتذة ودكاترة من الأزهر وأطباء والمتظاهرون يدعون من خلفهم في كل صلاة.
لم أرى سوريا واحدا ولا فلسطينيا واحدا في الميدان وعند الخروج لا يمنعك أحد كما يقولون في الإعلام الكاذب.
الجميع يتمنى أن يعمل أي شيء من أجل مصر البعض يربط رأسه بشريط مكتوب عليه لا إله إلا الله والبعض يرتدي تي شيرت مكتوب عليه مشروع شهيد والبعض يمسك بالمصحف في يده طوال الوقت ولكن الأكيد أنهم غير مسلحين إلا إذا كانت هذه هي أسلحتهم التي تخيف الانقلابيين.
لا أظن أبداً أن يكون هذا المشهد باطلاً لا أظن أبداً أن يكون هؤلاء على باطل إنهم على حق وما أشبههم بالواقفين في عرفات. لا أظن أبداً أن يرد الله سبحانه وتعالى دعوات هؤلاء وهم صائمين . لا أعلم كيف يمكن لإنسان أن يتحمل دعوة هؤلاء جميعاً عليه في كل صلواتهم. الحل الوحيد هو أنه لا يفهم ولا يعي أو أنه ذا خلفية ثقافية مختلفة.
نعم هم سببوا حالة من الطوارئ في منطقة رابعة العدوية وما حولها نعم قد يوجد من يتضرر من السكان ولكن ماذا عن الانقلاب ألم يضع مصر كلها وليس رابعة وسكانها في حالة طوارئ ألم يهدر أصوات الأغلبية المصرية ألم يهدد الأمن القومي ألم يؤدي إلى خسارة اقتصادية فادحة ألم يؤدي إلى فقدان مصر لوضعها الإفريقي وفقدانها للمصداقية أمام العالم الحر ألم يؤدى إلى تسول قادة الانقلاب على بلاد العالم للاعتراف بهم.
عموماً هذا هو ميدان رابعة لمن لم يشاهده مع العلم أن الأفضل هو الزيارة العملية فبزيارتكم للميدان سوف تلمسون العديد من المشاعر التي لا يمكن وصفها سوف تدركون الحقيقة من الأكاذيب سوف تعلمون من هو على حق ومن هو على باطل.
التعليق: حينما يتم استخدام الأطفال لأن يحملوا كفنهم ويُكتب عليهم مشروع شهيد وحين تناقش أحدا يجادلك بأن ذلك ليس انتهاكاً لحقوق الطفل وآدميته...حينها ستملؤك كثير من الشكوك.
لأنه كيف تكون الغاية نبيلة تستخدم أداة ليست نبيلة على الإطلاق. الإصرار على تبرير أخطاء فادحة ترقى إلى الجريمة يجعلك لا تتعاطف على الإطلاق مع من يرتكبون هذه الأفعال ويبررونها بمنتهى اللامبالاة يبررون تلك الأفعال الرخصية ضد أرواح هي أمانة...أمانة للأسف لم تُصان!