حكاوي القهاوي (142)
(688)
(688)
الله أعلم
ما أشعر به سأكتبه مهما بدى ساذج أو غير منطقي بالمرة، عذراً فالأفكار تتدافع في رأسي ولن أهدأ حتى تنزاح عن صدري. كان الله في عون من يقرأ ما أهذي به، وإليكم بعض من هذياني.
1- شعر البرادعي والسيسي بغضب شديد بسبب تسريب بعض المعلومات الهامة من أشخاص يُفترض فيهم أنهم أهل للثقة لا يصرحون بما يقال لهم أو في حضورهم. وقد حدث هذا بتسريب البعض للصحف تهديد البرادعي في إجتماع مجلس الدفاع الوطني بالاستقالة لو تم فض اعتصامات الإخوان بالقوة. وقد عبر البرادعي عن غضبه الشديد عما حدث من تسريب في مقابلته بقناة الحياة .
2- تكرر نفس الموقف للمرة الثانية في مقابلة أشتون لمرسي، وقد عبر البرادعي عن غضبه أيضاً، وكذلك أشتون التي عبرت عن غضبها واستغرابها من تسريب حديثها مع مرسي للصحف.
3- بناء على هذه الوقائع قرر البرادعي والسيسي ومعهم المستشارعدلي منصور رئيس الجمهورية، أن يعملوا ويتحركوا بدون علم أي شخص حتى الوزراء أنفسهم، وذلك لمنع تسريب أي معلومة يمكن أن تسبب ارتباكا لتحركاتهم أو بلبلة للناس في وقت لا يحتمل أي بلبلة. السيسي رجل حرب ويعرف معنى كتم الأسرار والموضوع بالنسبة له في حكم المنتهي. والبرادعي رجل سياسة دولي ويعرف أيضاً معنى كتم الأسرار، ونفس الأمر ينطبق على المستشار عدلي منصور وساعده على ذلك شخصية القاضي وحساسية الموقف.
4- الله أعلم لما كانت تهدف تحركاتهم ، ربما استخدام الغرب للضغط على الإخوان لفض الاعتصام بدون مشاكل. ربما محاولتهم لكشف الإخوان أمام الغرب لإبراء الذمة فيما بعد من أي مشاكل أو دم ممكن أن يجري. ربما مداهنة وتجنباً لغضب أمريكي يمكن تجنبه ببعض إجراءات التهدئه. قد يكون كل ما سبق، الله أعلم ولكنهم أنتهوا إلى التحرك في اتجاه معين. بالطبع للبرادعي دور في إقناع السيسي بهذا التوجه وفيما يبدو إن نتائج تحركات الغرب كانت في اتجاه يؤكد صحة وجهة نظر البرادعي، وإلا ما كان للسيسي الاستمرار فيه. فقد استمر الإخوان في غبائهم كالعادة وازدادوا عناداً وتصوروا أن المفاوضات معهم إنما تعني أنهم الأقوى، فانكشف الإخوان للخارج والداخل، فلا فائدة منهم فهم لا يستمعون، أضف على ذلك ما تكشف من جرائم قتل وتعذيب واستغلال للأطفال. ومن ثم إزداد موقف السيسي قوة أمام الخارج والداخل وحصل الجميع على إبراء للذمة من أي دم قد يجري نتيجة فض الاعتصام.
5- إلاّ أن الأمر ليس بالسهولة التي تخيلها البرادعي أو السيسي فعدو الداخل أشد من عدو الخارج أحيانا. فهناك لاعب أساسي في الداخل وقد يكون مدعوماً من الخارج بالطبع، هذا اللاعب ينتمي لنظام مبارك ويسعى لترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية القادمة. يتحين ويترقب هذا اللاعب الفرصة لإزاحة التيار الثوري من طريقه بأي ثمن. فبعد خسارة التيار الديني للدعم الشعبي وضمان عدم ترشح السيسي للرئاسة، خاصة بعد وضع الإدارة الأمريكية لهذا الشرط لقبول ما يجري في مصر، أصبح الطريق خال للوصول لكرسي الرئاسة. ولهذا كان يجب على هذا اللاعب الاستمرار بهمه عالية في حرب ضروس والتي بدأها مبارك منذ سنوات لتشويه البرادعي بكل الوسائل.
فلم يعد سوى البرادعي عائقاً في سبيل عودة نظام مبارك، الذي حتماً سيلقى كل الترحيب والدعم الأمريكي. فلا داعي إذن للهجوم على السيسي، فالمهم التركيز على أن يتحمل البرادعي كل المسئولية لما يجري حتى يتم تشويه الرجل وإقصائه من المشهد السياسي وإن أمكن فليكن ذلك بفضيحة.
6- رغم السرية التامة لتحركات البرادعي إلاّ إن التسريبات ذهبت للصحافة، فعرف الجميع بأمر كل ما جرى من زيارات لقيادات الإخوان في السجون، والتي حاولت الداخلية نفيها ولكن في النهاية كان لزاماً عليها أن تعترف. وقد أوقعت هذه المعلومات التي تم تسريبها للصحف جميع الوزراء في حرج شديد فبدى جميعهم كخيالات للمآته في مجلس الوزراء، لا يعلمون شيئاً عن أي شيء. وقد زاد الطين بلة أنهم لا يوافقون على ما يجري من مفاوضات، فخرج بعضهم بتصريحات غاضبة مهددون بالاستقالة، مما ينبئ عن أزمة وانشقاق في الصف الوطني.
7- استطاع هذا اللاعب الخفي الذي يتبع نظام مبارك أن يستخدم قنوات وبرامج ومذيعين بعينهم في تدشين حملة تخوين وتشويه للبرادعي. ولزيادة الخناق عليه استخدموا ضيوفاً يعملون لحسابهم دوماً؛ كلٌ له جمهوره الذي ينتظره بمجرد التنويه عن ظهوره على شاشات التليفزيون. فهذا المنمق المهذب الدارس الفاهم الذي يجتذب بحلو الحديث وترتيب أفكاره جماعة المثقفين وأفراد الطبقة الوسطى من المشاهدين بالدرجة الأولى.
وذاك يوجه حديثه للعامة البسطاء الذين يحبون مشاهدة المشاجرات في الاحياء الشعبية أو مباريات مصارعة المحترفين التي تتسم بقدر كبير من العنف. إذ لا يقدر على مواجهته أحد ومن يفعل؛ فهو حتماً ولا محالة مهزوم مهزوم مهزوم، فلن يقدر عليه - هذا إن استطاعت- سوى الفنانة عبلة كامل في دورها بفيلم "خالتي فرنسا". وحتى تنجح خطة هذا اللاعب الخفي فقد أمدهما بمعلومات صادقة لا يملكها إلاّ من يعمل في جهاز أمن الدولة حتى تعطي لهم المصداقية ولضمان أعلى نسبة مشاهدة ممكنة لتحقيق الغرض الذي يخرجون للمشاهدين من أجله.
8- بعد كل هذه التسريبات عما يجري في الكواليس، وخاصة بعد تصريحات جون ماكين أكتسب البرادعي الكثير من العداوة حتى من أقرب المقربين له سواء كانوا وزراء معه في الوزارة أو كُتّاب ومقدمي برامج يمكن اعتبارهم من المحسوبين على تيار البرادعي. فغموض البرادعي أثار غضبهم، خاصة أن الرجل وهو الدبلوماسي الدولي يعرف جيداً أن المؤتمرات الصحفية أمر ضروري لا غنى عنه. فالرجل لا يتكلم وبدى وكأنه يتعالى عليهم، فصار البرادعي لديهم مشروع ديكتاتور جديد وهو بعد ليس برئيس. فاشطاط الجميع غضباً وتفرغ الأصدقاء قبل الأعداء للهجوم على الرجل.
9- ثم جاءت تصريحات جون ماكين لتشعل النار في الهشيم، فقرر السيسي والبرادعي ومنصور بأن ما تم تحقيقه من نتائج كاف ليثبتوا للعالم الخارجي والداخلي حقيقة الإخوان، ولتبرئة الذمة فيما سيراق من دماء. ولهذا سمحوا أن يخرج المسلماني بتصريحات عنترية لتمتص غضب الناس. ثم بدأ الحديث عن خطاب مرتقب لمنصور يعلن فيه فشل المفاوضات وعدم الوصول لحل للأزمة، مما يعني البدء في التحرك لفض الاعتصام بالقوة مع الاعتذار مقدما للشعب على أي دماء تسيل.
هذا ما أظن أنه جرى ويجري الآن على الساحة في مصر. وهذا يعني أن العمليات ستبدأ لفض الاعتصام ولغلق ملف الإخوان للتفرغ للبناء في الداخل ومكافحة الإرهاب في سيناء أو ما قد يظهر منه في الداخل من عمليات هنا أو هناك. إذا صحت هذه التخمينات فلقد تحمل البرادعي الكثير من التشويه، الذي يستوجب تبرئة لساحة الرجل من السيسي نفسه في خطاب للشعب يضع فيه النقاط على الحروف وليوضح ما خفي على الناس، وتحمله البرادعي في صمت. يبدو أن ما كتبته مجرد وهم ومن صنع الخيال، وقد يكون فيه شيء من الحقيقة وهذا ما ستكشفه الساعات القادمة والله أعلم.
7/8/2013