كفاح أول طبيبة في العالم
ولحقب تاريخية طويلة، قَبلنَا كفكرة صحيحة وشائعة أِنْ الذكرِ عموما هو "صيّاد ماهر"، يَجِبُ عليه أَنْ يَحْمي عائلتِه ويزود عنها، لذا في الحقيقة، ومِنْ الطفولةِ السابقةِ، فإن الأمم على مختلف أجناسها، وعلى مر الأجيال، تم تقبل دور الذكر على هذه الصورة، وأصبح ذلك مفهوما شعبيا تراثيا،ْ يشجّعْ الحزم وتأكيد الذات في الذكور- و قد يزداد هذا التشجيع إلى تقبل بعض الأسر لعدوان العائل الذكر في بعض الأحيان – سواء أكان هذا الذكر زوجا أو أبا أو أخا أكبر.
ولم يتوقف الذكور عند حد تقوى الله ورعايتهم لمن يرعونهم من النساء، بل تعدوا ذلك إلى الظلم، وسلب النساء حقوقهن التي أعطاها الله لهم، ومازال وإلى يومنا هذا هناك بعض العائلات التي تحرم بناتها من الميراث الشرعي الذي افترضه الله لهن!!، حتى لا تذهب الأراضي و الأملاك إلى عائلة أخرى!!، والعجيب أنك تجد أمهات البنات واللائي ظلمن من قبل هن الذين يشجعن الذكور في العائلة على فعل ذلك!!، بل وحرموا البنات من طلب العلم وهو فريضة على كل مسلم ومسلمة، وأصبح العديد من البنات والسيدات في مجتمعاتنا أسوأ حالا من نظرائهن في العصر الجاهلي.
ولأن الضغط يولد الانفجار، كان ولابد أن نرى بنات الجنس الناعم ثائرات على أوضاعهن في بعض مجتمعاتنا، وقد ساعدهن على ذلك الكثير من مثقفينا وقادتنا الذين تربوا على موائد الغرب، وتشبعوا بأفكاره، وكانت النتائج التي نراها في بعض مجتمعاتنا هذه الأيام:
* نرى سيدات تعلمن لستة عشر عاما أو أكثر ولكنهن يعانين من خواء ثقافي، وجهل بأبسط قواعد تربية النشء وإدارة شؤون المنزل، والنتيجة الحتمية هي زيادة معدلات الطلاق لدرجة اقتربت من معدلات الطلاق في الغرب، وازدادت نسبة العنوسة بين الفتيات، لارتفاع تكاليف الزواج، وانصراف الشباب عن الزواج، لرغبتهم في الانغماس في اللذات المحرمة، والمتاحة بأرخص الأسعار، ولا تسأل عن الدين والقيم والأعراف في ظل غياب القدوة الصالحة أمام أعين الشباب والشابات، وأصبحنا نتخبط من خطأ لخطأ أكبر منه، وأصبح التفكير الفردي الأناني هو الغالب على من يُفترض أنهم الطبقة الواعية المثقفة، والذين هم دائما صمام الأمان للأمم، فيلجأ إليهم العامة كي يستنيروا برأيهم وبفكرهم، في الأزمات والملمات.
وأصبحت مشكلة المشاكل هي أن يعرف الشباب الصواب من الخطأ، والحق من الباطل، فلكل من فريقي الخير والشر أبواق كثيرة تهتف باسمه، وتسبح بحمده، وفي ظل تلك الفوضى، وغياب الهدف العام لأبناء الأمة، وانعدام القدوة، ظهر بيننا من ضل الطريق، وهو خِّيرٌ في قرارة نفسه وضميره، محب لوطنه ودينه، ولكنه لم يعرف على من يطلق الرصاص، ويقذف بالحمم والمتفجرات، فأخذ يقتل في أبناء وطنه، بدلا من أن يواجه المشكلة الكبرى.
والقضية الأولى والعظمى في زمننا الحاضر ألا وهي الصهيونية العالمية والمتجسدة في ورم سرطاني خبيث، قد تم زرعه بين أظهرنا منذ أكثر من نصف قرن، وقام بدعمه الغرب بكل دوله، وإن أظهرت بعض حكومات الغرب بعض التعاطف الكاذب مع العرب المنكوبين، ولكنها سياسة استعمارية خبيثة تقصد أن يعيش أبناء أمتنا في تنازع دائم وضعف في كل النواحي، يبدأ هذا الضعف بغرس الهزيمة النفسية في أبناء الأمة من العوام والمتعلمين على حد سواء، ثم انحلال أسري وقبلي واضح، ثم تشجيع من يروجون للفكر الغربي بمساوئه، وليس لمميزاته بالطبع!.
سواء أكان هؤلاء مفكرين أو كتاب يمكن احتكارهم لحساب السياسات الغربية، أوقادة أو أصحاب آراء متطرفة في الدين أو الدنيا المهم أن يسير الجميع وفق السياسة الغربية المرسومة، والتي هدفها شغل هذه المنطقة الإستراتيجية من العالم بخلافات دائمة، ونزاعات لا حصر لها، وإشعال الحروب بين أبناء البلد الواحد، ناهيك عن دول وممالك وإمارات هذه الأمة المتفككة، كل ذلك يحدث وأوروبا توحد دولها اقتصاديا وعسكريا بل واجتماعيا إن استطاعوا، والغرب يسخر منا، ومن تخلفنا وتفرقنا، بل ويؤججون نار الفرقة والخلاف بين أبناء البلد الواحد، كل ذلك حتى تظل لهم السيادة علينا، والسيطرة على مقدراتنا، ونحن كشعوب مستضعفة، أرهقتنا الحروب، وامتص خيرات بلادنا الاستعمار من قبل.
وبعد أن خرج الاستعمار العسكري، سلطوا علينا نظما قمعية متسلطة، مع ضمان الحماية، وتقديم المساعدات أحيانا لتلك الأنظمة، أخافت الناس، وفرضت عليهم الجبن والذل، وكممت الأفواه، وعذبت أصحاب الرأي من الأحرار، بل وجعلتهم عبرة لمن يعتبر، مع تشويه تاريخهم واتهامهم بالعمالة لدول أخرى!، حتى أصبحت كلمة الحق، الخالصة لوجه الله على وشك الانقراض، ولكن الهجمة الغربية الصهيونية الجديدة أعتى وأشد، فهي موجهة لكبد الأمة، ألا وهم تلاميذ وطلاب المدارس.
فالضربة اليوم موجهة للمناهج الدراسية لأبنائنا، فقد صدرت أوامرهم السنية بإغلاق بعض المدارس الدينية، ثم حذف كل ما يدعو إلى اعتزاز أبناء أمتنا بتاريخهم المجيد، وإلى ما يدعو إلى كفاح الصهاينة المحتلين، أو ما يدعو إلى توحيد كيان هذه الأمة، والتي خاطبها الله عز وجل بالأمة الواحدة، ""وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون" سورة المؤمنون ، الآية 52".
المهم أن الكثير من الرجال بمنطقتنا قد يعانون من مشكلة في تأكيد الذات، وأعتقد أن الظروف التي أحاطت بنا وبآبائنا وأجدادنا الأقربين، والتي قد ذكرتها من قبل، كانت سببا في عدم تأكيد الكثير لذواتهم، وأصبح للكثير منا، نحن الرجال، نمط معين للشخصية، أطلق عليه تجاوزا "نمط شخصية القهر"، حيث تتسم هذه الشخصية ببعض من الصفات العديدة التالية، والتي يكون أغلبها بالطبع سيئا مثل:
* النفاق: فهذه الشخصية تماري وتداهن من هو أعلى مرتبة منها، ثم إذا خلى إلى نفسه، أو إلى من يثق به سب ولعن فيمن يتملقه من قادته ورؤسائه آناء الليل وأطراف النهار.
* الكذب: تجده شائعا بين أصحاب هذه الشخصية، وقد يكذب الشخص منهم على نفسه، ثم يصدق نفسه في هذا الكذب، وذلك من إحساسه العميق بالعجز والضعف والهوان.
* بغض النصيحة الصادقة أو أن يواجهه أحد بعيوبه: حتى و إن كان من يوجه إليه النصيحة أباه أو أمه أو أخاه، أو صديقه الذي يهواه.
* اللهث وراء المناصب و أصحابها: فتجد الكثير من أصحاب "شخصية القهر" يلهثون وراء أصحاب المناصب العالية، وإن كانوا من أهل الفساد والعبث والضياع!، وكأن المنصب أو صاحبه الذي يلهثون وراءه، هو من سيوفر لهم الأمن عند الخوف، وسيلبي لهم حاجاتهم عندما يطلبونها، ولذا تجد أصحاب هذه الشخصية متطوعين ببذل أي شيء، حلالا كان أم حراما، صوابا كان أم خطأ في سبيل استرضاء المنصب أو صاحبه!.
* تحقير من هم دونهم سلطة ومنزلة، والتعالي عليهم، وانتقاصهم حقوقهم، بل وأحيانا يتسلطون عليهم بالأذى والمكاره، وإن كان هؤلاء الأدنى منزلة أهل صلاح وخير وتقى!.(لذا إذا أردت أن تعرف الخلق الكريم لشخص فانظر إلى معاملته لمن هو أقل منزلة منه وقدرا، ولا تعتد أبدا بمعاملته لمن يساويه أو يعلوا عليه منزلة وقدرا).
* الجبن والتخاذل: من الصفات الأساسية في شخصية القهر، فتجد صاحب هذه الشخصية خائر العزم، مضيعا لحقوقه وحقوق أهله، ليس كرما وتنزها منه، ولكن خوفا من أن يؤذيه مدير ظالم، أو رئيس جائر، أو حتى خوفا من بلطجي أو صاحب سوابق، فيخشى أن يبلغ عنه جهات الأمن فيؤذيه أو يؤذي عائلته، ولذا نجد في النهاية أن أهل الظلم والفساد يعلون ويتعالون، وذلك لأنهم في بداية ظلمهم لم يجدوا من يأمرهم بالمعروف أو ينهاهم عن المنكر.
* محبة المديح لهم والإعجاب والفخر، بما ليس فيهم: وتفسير هذا أيضا يرجع إلى إحساسهم بالنقص والعجز والضعف والقهر في مكنون أنفسهم، فيكون تعويض ذلك بمحبة المديح والإعجاب من الآخرين، حتى وإن مدحهم المنافقون بما ليس فيهم، وأظهروا لهم من المناقب والفضائل التي لا يملكها المادح والممدوح على السواء، لذا يقول تعالى:"لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم" سورة آل عمران، آية 188.
* شدة الخصومة في عداواتهم مع نظرائهم: فتجدهم يتفننون في عداوة من يخاصمونهم، وقد يفْجُرون في الخصومة، مع أن الأمر قد لا يستحق كل تلك الخصومة، وبقليل من التسامح قد تنحل المشكلة وكأنهم يقومون بإزاحة وإسقاط ما لديهم من غل وحقد على من يخافونهم ويرهبون جانبهم – ممن هم أعلى منهم سلطة وسطوة - على نظرائهم، أو على من هم أضعف منهم، وأقل منهم منزلة وقدرا.
* خلف الوعود والعهود، وضياع الأمانة بينهم: قد نجد هذه الصفات السيئة في بعض "شخصيات القهر"، ولكن إذا وصل صاحب هذه الشخصية إلى تلك المرحلة، فاغسل يديك منه، وابتعد عنه، وأنت الكسبان ولاشك.
ويتبع >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> تابع: يجب على الرجال أن يكونوا مؤكدين لذواتهم(3)