كان السرير معدا ليكون مسرحا للمشاعر الدافئة والأحاسيس الممتعة والراحة والسكن والطمأنينة والأمان ولكن لسبب أو لآخر تحول إلى لوح من الثلج، تحولت الملاءة إلى كفن، وتحولت البطانية إلى قبر، وتحولت الوسادة إلى صخرة.
نام كل طرف على حافة السرير وأعطى ظهره للآخر، تباعدت بينهما المسافات، وفصلتهما التراكمات والمشكلات والأزمات، فرقتهما الغيرة والظنون والشكوك، طرد كل منهما الآخر من جنته، ألقى كل منهما الآخر في جحيمه، نسيا كلمات العتاب، اشتعلت نار الفتنة والحقد والانتقام، بدأت الحرب الباردة. سادت حالة من العدوان السلبي والمكايدة، عمّ الصمت والتجاهل، فقد كل منهما الإحساس بالآخر. هدأ الصراع ليحل الموات...... انتهى صخب المشاكل ليحل صمت القبور.
أصبح السرير باردا فقد غاب عنه الزوج سنوات في الغربة.
أصبح السرير باردا فكل طرف ينام في وقت يصحو فيه الآخر.
أصبح السرير باردا فقد غادرته الزوجة هربا من شخير الزوج.
أصبح السرير باردا فقد اختلفا حول تشغيل المكيف أو المروحة.
أصبح السرير باردا فقد تركته الزوجة لتنام مع أطفالها حتى لا ينكشفوا ويبردوا ليلا.
أصبح السرير باردا فقد سهر الزوج يشاهد التليفزيون أو سهرت الزوجه تتجاذب الحديث على الفيس بوك.
أصبح السرير باردا فقد هرب الزوج إلى الغرفة الأخرى ليتصفح المواقع الجنسية.
أصبح السرير باردا لانشغال مرهق بعمل لا ينتهي.
أصبح السرير باردا لمغامرات عاطفية حطمت روابط الود والمحبة.
أصبح السرير باردا لغيرة وشك بحق وغير حق.
أصبح السرير باردا لمشكلات وهموم تقصم الظهر.
أصبح السرير باردا لتدخلات العائلتين من الطرفين.
أصبح السرير باردا لتسلط أحد الطرفين وعدوانه وقهره واستبداده.
كانت هذه قصة السرير التي تلخص حياتنا, ويبتعد عنها الناس وعلماء النفس والمحللون نسيانا أو خجلا أو تجاهلا, وينشغلون جميعا بتفاصيل الحياة اليومية والخلافات المملة والمرهقة.
حقا إن السرير هو ترمومتر العلاقة الزوجية, ودرجة حرارته علامة على صحة العلاقة أو مرضها. كثير من الدراسات أثبتت أن نسبة كبيرة من حالات الطلاق قد تصل إلى 70% كان منشؤها السرير وما يحدث فوقه.
حقا فإن السرير هو أرشيف الذكريات في العلاقة الزوجية, وهو سر الأسرار وقدس الأقداس فيها, وهو شاهد على العصر الزواجي بأكمله, ومع ذلك فهو قد لا يبوح بكل ما فيه, وقد يئن في صمت لشهور أو سنوات دون أن يشعر به أحد.
قد يدفع الزوجان سعادتهما ثمنا لسرير مضطرب, وقد يدفع الأبناء استقرارهم وهناءهم وأمانهم وسعادتهم ثمنا لسرير متفسخ لم ينتبه إليه أحد.
من فضلكم اهتموا بإصلاح السرير فهو محضن السكن والمودة والرحمة والرضى والسعادة في الحياة الزوجية.
واقر أ أيضاً:
الصمت الزوجي / برنامج التعافي من الخيانة الزوجية / هل تشجع الدراما العربية على الخيانة الزوجية؟ / ضلالات الخيانة الإلكترونية