من قسوة التعبيرعن الضياع واليأس وفقدان القيمة والدور، أصبح الكلام عن الهوية العربية أشبه بالنكتة أو السخرية، ذلك أن الإنسان العربي قد تم العمل على برمجته ليكون عدوا لذاته وموضوعه، وهذا ما تترجمه الأحداث والتطورات الحاصلة في الأرض العربية. فالعربي ما عاد يفخر بعروبته وأمته، ويحسب ذلك سُبة ولعنة، وصفة مشينة عليه أن يتجرد منها أو يتحرر من أصفادها وينكرها، ولذلك تجده يعمل جاهدا على ضياع لسانه العربي، والإبتعاد عن لغته ويتبنى لغات أجنبية، حتى لتجد نفسك اليوم في عدد من الدول العربية لا تحتاج للكلام بالعربية!!
بينما دول العالم كلها تهتم وتعتز بهويتها، فالألماني بهويته الألمانية، والصيني بهويته الصينية، والهندي بهويته الهندية، والإيراني بهويته الإيرانية، والتركي بهويته التركية، والأمريكي بهويته الأمريكية وهكذا دواليك، إلا العربي الذي يسعى نحو ما يؤذيه، في زمن معفر بالنكبات والإنكسارات والإذعانات والتورطات والإنزلاقات المهينة المشينة، التي جعلت العربي يقانل العربي وينقض على وجوده وكأنه الوحش الكاسر الشرس الفتاك.
والأمم التي تعتز بهويتها وتعلي قيمتها ودورها الإنساني والحضاري، لا تمتلك ما عند العرب من المفردات الضامة الجامعة المشتركة، المتداخلة المتشابكة إلى حد التسابك والتمازج المطلق. لكن العرب يعملون وفقا لإرادة الفاعل فيهم وبهم، وما تعلموا كيف يفعلون ويكونون الفاعل المرفوع وليس المفعول به المنصوب، أو الإسم المجرور بألف حرف جرٍ وحرف!!
فالعلة الحقيقية في العرب أشخاص وجماعات وفئات وأحزاب وأنظمة حكم، فلا بقاء إلاّ لمن يؤمّن ويخدم المصالح الأخرى ويتنكر لمصالح العرب في جميع أوطانهم. وما يتحقق في هذا الزمن الدنيئ، أن العرب يعملون بإخلاص لتأكيد مصالح الطامعين بهم، والذين يؤكدون مصالح الآخرين من حولهم.
ولهذا تجدنا نقرأ كتابات ضد العروبة والعرب، وتمحق أي دلالة عربية، وتريد العرب أن يكتسبوا مواصفات خطيرة ومروعة، ذات مسميات ودلالات تسوّغ الفتك بهم وببعضهم البعض، وبإستعمالهم كأدوات لتنفيذ المشاريع الإتلافية التدميرية الخلاقة، كما هو واضح ومبين في الدول التي تخرّبت عن بكرة أبيها وأمها وإخوانها وأخواتها، والحبل على الجرار يا "عرب"!!
فقل لي بربك: "إلى أين المسير في ظلمة الدرب الطويل"؟!!
واقرأ أيضاً:
العقيدة العلمية الغائبة!! / هل نراجع لكي نكون؟!! / الاعتماد القاتل!! / صوت الكلمة!!