حول حقوق المرأة في اللباس (مقال ساخر نوعا ما)
مطالبة بعض العقليات النسوية بعدم تأثر الرجال بكشف أجسادهنّ، مثل مطالبة بعض العقليات الذكورية بعدم تأثر النساء بدورتهن الشهرية!
وهل هناك رجل في العالم، نعم في العالم كله، يستطيع أن يدّعي استشعاره بألم المخاض والولادة، أو الدورة أو تقلبات المزاج المصاحبة لها ؟! طبعا لا... إلا إن كان مغرقا في الميزوجينة (إيتوا به إلى الصدمات الكهربائية الحوضية)
ولكني حقيقة سمعتُ الكثير من النساء يدّعين "فهم" شعور الرجل اتجاه "الجمال الأنثوي"، لدرجة وصفه بالحيوانية والانحطاط (اكشتفن السرّ ووصفوه وصفا "علميا" جديرا بعلم سلوك الحيوان éthologie!) غير منتبهات للفرق بين "الشعور" وبين "السلوك" (الذي يُحاكَم)
ثم تتباكى كثير من النساء (لإحساسهن بالخطر الدائم ربّما) على عدم تفهم الرجال لطبيعة تقلباتهن وخصائصهن واحترام "أجسادهنّ"، في حين صممن آذانهنّ وأطبقن عقولهن عن فهم خصائص الرجال (أيضا لسبب له علاقة بحرية المرأة ونديّتها)
- والمفارقة المضحكة، والتي لا يمكننني أن أتغاضى عنها في خطاب الليبيراليين وتجّار المرأة، أن ثقة المرأة بنفسها وتقديرها لذاتها وقيمتها (في القيم الإعلامية على الأقل) وحبّ الرجال لها ينبع من السبب نفسه الذي يحمل المدافعين عن احتشام المرأة على قول ما يقولون. بمعنى: المرأة حُسن وفتنة لذلك ننضبط معها، مقابل المرأة حُسن وفتنة لذلك نطالب بعدم حبسها والحق في إبداء ما تشاء من جسدها، حرام يضيع هذا الجمال ! (والجمال شيء والطاقة شيء آخر عزيزي القارئ) (فليطلّ عليّ الشرفاء الرومانسيون ممّن يكذبون على أنفسهم، ولكن إيّاهم ونسيان الدّرع والخوذة -_- لأن السهام جاهزة)
ومن جهتها، المرأة تعلم أن سلاحها في أنوثتها، وتعلم أثرها على الرجال، لكنها في الوقت نفسه ترفُضُ فكرة أن يتأثر الرجال بالشكل الذي يتحدثون عنه !!
- تقيّم أنوثتها وصورتها المجتمعية بحجم إغرائها وإعجاب الرجال بها، لكنّها لا تعتبر أنوثتها مؤثرة في المجتمع الرجوليّ!
- تحرص على لُبس سروال ضيق للغاية، وتحتقر السائق الذي يسمح لها بالمرور أولا لأنه في نظرها يحاول أن يتلصص على ما حرِصت على إبرازه! (الجميلة والوحش)
إلخ....
معضلة حقيقية...؟! لا شك
فكيف للمرأة (خصوصا التي تحب الظهور) أن تكف عن ممارسة حريّتها في ارتداء ما تريد احتراما لخاصية الرجال ؟ كيف ولم يقدّم لها الرجال شيئا، اللهم إلا ما تطالبهم به من التحضّر واللباقة مهما رأى منها الرجل ! معتبرة أن بإمكانه الارتقاء من الحيوان للإنسان وهي تعينه على ذلك في خطة علاجية لاستدماج القيم الحضارية.
أو ربما لن تكون المطالبة متشابهة تماما لعدم تشابه الحاجيات، فقد سمعنا من يقول لماذا لا يتحجّب الرجال عن النساء خشية افتتان النساء بهم كما نشاهد ونسمع؟! متناسيا أن مطالبة النساء قد تكون مختلفة حسب ما يؤذيهنّ، فالمرأة تطالب باحترامها وتجاوز النظرة المادية لجسدها واعتبارها "إنسانا" بعيدا عن المتعة واللذة، وكفّ اللسان عن الفُحشِ والبذاءة (المقنّعُ منها لم يدخل في اللائحة السوداء بعدُ! لا تزال تقارير التحرّش الجنسي في الأمم المتحدة تعمل على مضاد لكشف الفيروس المقنّع)
وطبعا هذا يحدّ من حريّة الرجال في ممارسة "سلوكهم الغريزيّ" (من حسن حظّ الدارسين أنه ليس هناك فصل للتزواج عند البشر، فالسلوك يُمكن دراسته على مدار السنة!)
بل إن النظر المطوّل (نوع من محاولة الفهم عند الرجال!) يعدّ مصدرَ إزعاج للمرأة، والتي في الوقت نفسه، لم تنس تفصيلا واحدا يمكن أن تقع العين عليه إلا واهتمّت به، أحيانا لدرجة نشك أنه تفصيل عفويّ، إلا إن كان للنساء فقط... (ألم أقل أنها معضلة)
فهل حملقة الرجال تعُتبر حقا أو حرية أو سلوكا يجب تعديله..
هل مدافعة تصرفات قبيحة وسمجة وضبط النفس، لا يقارن بلباس معين وحرية لا تؤذي الآخرين وغير موجّهة إليهم؟
خصوصا أن المرأة تطالب بشيء تقوم به وهو التأدب واللباقة، وعدم رؤية الرجل ككتلة لحم وأداة متعة (حاشا.. ولكن قد يراه بعضهن كتلة دراهم مثلا!) عكس الرجل الذي يطالب بتحجب المرأة من رأسها لقدمها وهو لا يتحجّب ويكشف عن ساقيه المشعّرتين !!؟
القضية تبدو منطقية وفي صفّ المرأة من حيث الأدب والتزامها بما تطالب به... طبعا لم لا ! فالأدب في السلوك والتصرفات والعلاقات.. الكل مطالب به.. ولكن ليس الكل مطالبا بنفس شعور الآخر فضلا عن شعور الجنس الآخر، أو أن يتأذي بما يتأذى منه الآخر ! وأيضا لا معنى لتحميل الآخر مسؤولية من طبيعته ووضعه الخاص، على شرط الالتزام معه فيها...
فهل يُمكنُ مثلا أن تُحمّل المرأة مسؤولية حمل البضائع الثقيلة، وترى نفسها ملزمة بأن تكون مثل الرجل ؟ (كما تنتظر من الرجل أن يستتر كما أراد منها التستّر؟)
أرأيتم كمّ الأسئلة واللخبطة في الموضوع... فما الخلاصة أبا العُرّيف؟!
الخلاصة هي أن الخطابات الطفولية والأنانية لا تقنعني، فلا صاحبات "أنا حرة أفعل ما أريد ويجب أن تتأدب" يقنعْنًني، ولا أصحاب "ما دُمت تكشفين ما أصبو إليه (يعني تتحدين ذكورتي وهيمنتي على المنطقة) فسأسب أو أتغزل أو أضايق" يقنعونني..
لك أن تلبسي ما تشائين مع اعتبار "ضريبة" لابد منها، حتى إن كانت ظلما، ولكن لا تنظّرنَ لفلسفة وجودية قائمة على نزاعات أزلية بين الجنسين في سعي لتحقيق الغلبة والندّية، فالأمر تعايش وتقبل أكثر منه صراع.
ولك أنت أيضا الحق أن تقول وتفعل، ولنا الحق في نعتك بالتافه والحقير والمتناقض الذي لا يحب لأهله ما يحبه لغيره..ولا تجعل من قضيتك الشخصية ونزواتك فلسفة وحقائق كونية
فكل معالجة لهذا الموضوع تحتاج نضجا يسمو على ثقافة الاستهلاك والعهر وحضارة المتعة القصوى، وأيضا عن النظرة المتحجرة المتخلفة.
تحيّتي ولا ضغينة
واقرأ أيضًا:
زينة المرأة ليست للإغراء مشاركات / زينة المرأة والصحة النفسية / مفهوم الزينة وضوابطها في الشرع الإسلامي / حجاب المسلمة، وجهةُ نظرٍ طبنفسية / إلى محـجبة! / محجبة ولكنْ!