"أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ثخذ ضظغ"!!
أبجديات لغة الضاد تبدأ بالرقم واحد وتنتهي بالرقم ألف، وكأنها تقدم لنا صورة واضحة لمعاني القوة والهلاك، فإما أن نميل نحو اليمين ونقترب من الرقم واحد، أو نتدحرج نحو اليسار ونقترب من الرقم ألف، أي إما أن نكون أمة متوحدة متحدة تعرف أحدا، وتدرك معنى "إلا"، أو أمة متناثرة متشظية متخبطة متقطعة إربا إربا.
في الحالة الأولى تكوّنت الأمة وكانت بنداء "إلا"، وفي الثانية تدمرت وتخربت وانمحقت هويتها وغابت مميزاتها فتعطلت وخابت. وما بين الحالتين إرادة حياة وقرار خيار ومناهج كينونة أو فناء. أمة الأبجديات الدالة المتآزرة المتفاعلة بجمالية صوتية وبلاغية ذات عذوبة وسلاسة متميزة ونادرة، بيدها قرار حياتها وموتها، وهي صاحبة الخيار، فإما أن تميل نحو "أبجد" أو تنزلق بانفعالية وعاطفية نحو "ضظغ". والفرق واضح ما بين "أبجد" و"ضظغ"، فالأولى سلسة مرنة ذات معنى وقيمة وتأثير مريح ودلالة على التفاعل الإبداعي الخلاق، وفي الثانية تنافر وتفكك وإشارة إلى الاضطراب والتدهور والخسران والرفض السريع.
ومن الواضح أن الأمة تعيش مرحلة "ضظغ"، التي لا توجد كلمة مثلها في اللغة، وما جمع العرب هذه الأصوات في كلمة ذات قيمة ومعنى ودلالة وجمال ونغم، وهذا يعني أن الأمة في مضطربات وانحرافات وتداعيات مهلكة، وعليها أن تدرك ذاتها وموضوعها وتثوب إلى رشد جوهرها، وتسعى بكل إرادتها نحو صيرورة " أبجد". وهذه الأمة في حقيقتها أنها أبجدية المحتوى والفحوى وليست ضظغية المستوى، وأن الداء الوخيم يكمن في ميلها بعيدا عن كينونتها الأبجدية وتداعياتها في براكين "ضظغ" الإتلافية التنافرية العدوانية، المؤدية إلى العبثية واللامعنى والغياب الغثيث في رماد القاسيات الداهمات العاصفات في بدنها المتناسق الجميل، والهادفات إلى تحويلها إلى عجوز شمطاء تتخبط على سواحل الانهيارات والخطو السقيم في متاهات الوعيد والأنين.
فهل من إرادة أبجد لكي تلد الأمة ذاتها وتتوحد وتمتشق قامتها الحضارية وتتوثب بعزة وكرامة ومهابة، وهي التي صدّحت حناجر روحها بكلمة "أحد"!!
واقرأ أيضاً:
اللغة العربية.. عداء الذات! / اللغة العربية.. عداء الآخر / من إهانتنا للغة العربية / الديني والدوني!!