تزدحم أدبيات البشرية عبر كوكب الأرض بالخرافات عن النساء منذ القدم. وصلت قوة هذه الخرافات إلى أن هناك الكثير من النساء من تؤمن بها، وتدافع عن المؤلفين لهذه الخرافات بشدة. كان في العالم الغربي المتصدر لحضارة البشرية في العصر الحديث وقبل ما يقارب ٢٠٠ عاماً معتقداً واسع الانتشار تؤمن به النساء والرجال حد سواء، وهو أن التعليم له تأثير سلبي على خصوبة المرأة. هذا المعتقد لم يتلاشى بسرعة وكان سبباً في حرمانها من التعليم الجامعي لعدة عقود من الزمن. رغم أن هذه الخرافة لا يؤمن بها أحد اليوم ولكن قبل ١٢ عاماً فقط تحدث عميد جامعة هارفارد العريقة بأن سبب هيمنة الرجال على المؤسسات التعليمية الجامعية هو طبيعة النساء، وسرعان ما ارتفعت هتافات الرجال له، وانضم إليهم بعض النساء.
قوة المرأة مقابل قوة الرجل
القاعدة العامة التي يتحدث بها الناس دوماً بأن المرأة تميل إلى الحنان والعطف وتلتزم برعاية من حولها. أما الرجل فهو غير ذلك ويتميز بقوته الجسدية والعقلانية وميله إلى السيطرة والقيادة. هذه الفرضية لا يصعب مساندتها وتفسيرها بعوامل بيولوجية وتطورية على حد سواء. ولكن دعم هذه النظرية عن طريق حقائق ميدانية يتعثر على ما تتفق عليه الآراء وهو أن عدد الولادات تتميز بكثرة الذكور نسبيا، ولكنهم أيضاً أكثر احتمالا الولادة مبكراً والوفاة في العام الأول من الحياة. كذلك هناك حقيقة أخرى لا تدعم فكرة قوة الرجل البيولوجية وهي أن النساء أطول عمراً منهم وسرعة شفائهم من الأمراض أفضل بكثير من الرجال.
وزن الدماغ في الرجل والمرأة
الحجة الأخرى التي يتمسك بها البعض هو أن معدل وزن دماغ الرجل أعلى من معدل وزن دماغ النساء عموما بنسبة ٨ – ١٣ ٪ اعتماداً على دراسات عدة ليس بالحديثة ويعود تاريخ بعضها إلى القرن التاسع عشر.
لكن هذه الدراسات لا معنى لها. الدماغ لا يحتوي على خلايا عصبية فحسب فهناك ألياف وأوعية دموية لا علاقة لها بوظائف الدماغ المتنوعة. والحقيقة التي يغفل عنها من يتمسك بهذه الدراسات من أجل التمييز ضد المرأة هي أن وزن أي عضو من أعضاء الجسم يتناسب مع وزن الجسم الذي يحتوي على الشحوم والعظام والعضلات. كتلة أجسام الرجال أكثر من النساء عموما، ولكن لا علاقة بين هذه الكتلة والعقل.
القدرة المخية للرجل والمرأة
الأهم من أعلاه هو مقدرة الإنسان على استعمال وظائفه المخية العالية والقدرة المعرفية. يتمسك الغلاة دوماً بأن الذكور أفضل من الإناث في الرياضيات، ومصدر هذه الدراسات هو غرب الأطلنطي وبالذات الولايات المتحدة الامريكية. ولكن إن توجهنا شرق الأطلنطي إلى القارة الأوربية فسنلاحظ العكس تماماً. الحقيقة هي أن ما يبدع به الإنسان هو ما تم تعليمه له وتحضر له وشغف به.
صورة الدماغ في الرجل والمرأة
من الدراسات الهزيلة المنتشرة في يومنا هذا هي التي تستعمل التصوير الإلكتروني بفضل تقدم التكنولوجيا. هذه الدراسات على نمط واحد والعينة دوماً صغيرة ويختار الناشر صورة ملونة واحد تبهر العين يحاول فيها إظهار اختلاف بين دماغ الرجل والمرأة. سرعان ما ترى دراسات كبيرة ذات قوة إحصائية مقبولة تنفي هذه النتائج ولكن لا يبالي بها أحد.
الاستنتاج
دماغ المرأة لا يختلف عن دماغ الرجل وعقلها ليس نصف عقله ومقدرتها لا تختلف عن مقدرته منذ الولادة. ربما هناك دماغ ذكوري ودماغ أنثوي، ولكن حتى لو قبلنا بهذه الفرضية، فإن جميع الدراسات التي تستعمل هذه المعايير الضعيفة المصداقية فسنرى بأن ليس هناك دماغاً لا يحتوي على معيار أنثوي وذكوري في الرجال والنساء على حد سواء. هناك دراسة تقول بأن هناك ٨٪ فقط من البشر من لهم دماغ أنثوي كامل أو دماغ ذكوري كامل. ولكن إن تفحصت المعايير واطلعت على دراسات أخرى متعددة فالاستنتاج هو أن الرقم الصحيح لوجود دماغ ذكوري أو انثوي كامل هو صفر ٪.
واقرأ أيضاً:
دماغ المرأة ودماغ الرجل / ما الذي يحدث لدماغ المرأة مع الحمل والأمومة / تصورات الجسد والجنس: رؤية نفسية / الجمال والجاذبية ١- أبعاد اجتماعية