لماذا يرسمون المرأة عارية؟!!*
منذ الأزل ورسومات المرأة العارية تتكرر عبر الأجيال، في صور الكهوف والمنحوتات.
والواضح أن الرجل هو الذي يرسمها عارية، وربما لا توجد لوحة لامرأة عارية مرسومة بريشة امرأة؟!
بينما توجد صور ومنحوتات لأجسام الرجال العارية بواسطة الرجال، كما فعل الفنان الإيطالي مايكل أنجلو، وتمثاله المشهور داود، ومعروف أنه كان مثليا.
وعندما ترسم المرأة الرجل عاريا يتم الهجوم عليها واستهجان عملها، وكأنها ليست إنسانا له رغباته ورؤيته ونظرته لجمال الرجل.
وفي عالم الرجال ينتشر الاهتمام ببناء الأجسام ولا يحصل ذلك في عالم المرأة إلا في الزمن المعاصر وبنطاق محدود. ويبدو أن رسم الرجل للمرأة عارية سلوك طبيعي، وكذلك رسم المرأة للرجل عاريا، لأنه يعبر عن الرغبة الجنسية المتأصلة في الأعماق ولا يمكن إنكار ذلك. فالجنس طاقة لابد من التعبير عنها وتأكيدها، فهو القوة الفاعلة والصانعة للحياة، ولا يمكن للحياة أن تكون وتتواصل دون جنس. وكما هو معروف فإن معظم المجلات في العالم تتصدر أغلفتها المراة العارية أو النصف عارية، وهي من الوسائل المهمة لجذب الأنظار من الجنسين.
وهناك من يسعى عاريا ويشجع على سلوك العري، فظهرت النوادي والسواحل والمنتجعات التي يتعرى فيها البشر. ولا تزال بعض القبائل الأفريقية تعيش عارية، فجميع أفرادها عراة.
وننسى بأن البشر قد أمضى ملايين السنين عاريا، قبل أن يتمكن من ابتكار النسيج وصناعة الملابس من جلود الحيوانات ومن النباتات أولا، ومن ثم تطور الأمر، حتى أصبحنا نعتبر التعري جريمة، وإظهار بعض أجزاء الجسم محرما.
وقد ركز الرجل على جسم المرأة حتى صارت مطمورة بالملابس في بعض المجتمعات، وبعضها يعتبر جميع أجزاء جسمها مصدر إغراء، وهذا يعتمد على النشأة والتربية، ففي بعض المجتمعات منظر المرأة بالمايو لا يعتبر تعريا، وإنما لباس محتشم، أما إذا أظهرت حلمة ثديها، ففي ذلك تعري سافر واعتداء على الذوق العام.
وعلى السواحل قد ترى كل شيء، لكن طبيعة المكان تحدد ما يُلبس. ولو أي رسام انطباعي جلس على الساحل ورسم ما يرى، فإن لوحاته ستكون مزدحمة بالأجسام العارية. والتعري في هذه الأماكن ليس سلوكا جنسيا أو إغرائيا، وإنما اسستجماما ومقبولا اجتماعيا حتى في بعض مجتمعاتنا. والطلبة في معظم مدارس الدنيا، يدرسون جسم الرجل والمرأة تشريحيا وبالتفصيل ويتعرفون على الأعضاء الجنسية وبأفلام توضيحية. أي أن الوعي بالسلوك الجنسي يتم تعليمه في مراحل مبكرة وفي بداية مرحلة المراهقة.
وبعد هذه المقدمة المتشعبة، لماذا نعتبر لوحات الرسامين للمرأة العارية محرمة أو منكرة ولا نحسبها تثقيفية وتنويرية للرجل والمرأة، وإبداعا فنيا؟
فالجمال صحة وقوة، وجمال الجسم وتناسقه ذوق مطلوب وعلى الإنسان أن يعمل على إدامته ورعايته فلأجسامنا حق علينا.
ومن حق المرأة أن ترسم الرجل الذي تريده، فالرجل الصحيح الجسم والقوام، سيساهم في إنجاب نسل قوي وصحيح، وهذا نداء الطبيعة وإرادة البقاء، وينطبق على الرجل أيضا، فهو يبحث عن الجسم المتناسق الصحيح الجميل لكي تكون له ذرية ذات قوام سليم.
إن رسم الرجل للمرأة عارية، ورسم المرأة للرجل عاريا يترجم نداء الموروثات الكامنة في الحوامض الأمينية للجنسين. ومن المعروف في المملكة الحيوانية، أن الأنثى تسعى للتزاوج مع الذكر الأقوى والأصلح والأجمل، ولا تجد أنثى تستكين لذكر عليل لأنها لا تريد نسلا ضعيفا، حتى عندما يهرم الذكر تتجنبه الأناث وتبحث عن ذكر نشيط. إن إنكار هذه الرغبات الحقيقية الكامنة في المخلوقات الحية ومنها البشر، إنما يناهض الطبيعة ويعوق مسارات التواصل والبقاء.
فلماذا نخشى صورة المرأة العارية المرسومة بريشة رسام، ولماذا نستهجن صورة الرجل العاري المرسومة بريشة رسامة؟ أي لماذا نرى الطبيعي غريبا والغريب طبيعيا؟ ولماذا لا نفهم أنفسنا ونهذب سلوكنا؟ ولماذا نعتقل ما فينا بصناديق المعتقدات والافتراضات والتصورات، وسلوكنا يناهض ما ندعيه، وأكثر المعادين للطبيعة والبديهية والخليقة يريدون من الآخرين أن يتبعوا ما يقولونه لهم ولا يريدونهم أن يفعلوا كما هم يفعلون!! إن المجتمع الذي لا يتحرر من نفاقه لا يصلح للحياة المعاصرة، وإنما سيتحول إلى هشيم!!
* هذه المقالة جوابا على ضجة أثيرت ضد رسامة رسمت رجلا عاريا، وكأن من المحرم على المرأة أن تفعل ذلك ويحق للرجل أن يرسم المرأة عارية، كما تشير إلى ذلك الصور العديدة في متاحف الدنيا، وهي ليست دعوة للتعري أو ما شابه من السلوكيات وإنما قراءة سلوكية بحتة.
1\6\2014
واقرأ أيضاً:
العرب واليابان!! / إصْباحٌ ومصْباحٌ!! / الانكماش والانتعاش!! / الجهل المقدس والمصير المُتعّس!! / الذكاء والإخلاص الوطني!! / مَرّيخُ ومِرّيخ!!