الظن: الشك والريبة.
الظنّان: الذي يسيئ الظن كثيرا.
سلوك الظن بالسوء من المعضلات السلوكية السائدة في الواقع البشري بدرجات متباينة وتأثيرات متفاوتة، وكلما تنامى هذا السلوك تحقق الانحطاط والضياع والجمود. وهو عاهة وخيمة مدمرة للعباد والبلاد، وفيه مواطن الهلاك والفساد والتصارع المقيت على المناصب والسلطات، وبسببه تتأسد الكراسي وتُسفك الدماء ولا يتحقق البناء.
ويتعاظم أمر هذا السلوك في المجتمعات المنفلتة سياسيا، التي لا تحتكم لدستور أو قانون، وإنما يكون الأقوى فيها هو الدستور والقانون، إذ يتفاقم الأمر وتخيم الشكوك والريب على الواقع مما يدفع إلى قرارات مريرة ودمارات خطيرة. ووفقا لما يدفع إليه الظن بالسوء تتحقق الحالة القائمة في المجتمعات، فيصبح التوتر والتحفز مهيمنا على النفوس مما يؤدي إلى استجابات ذات نوازع شريرة وخطيرة، تدخل المجتمع في دوامة الويلات والتدداعيات الغير حميدة.
ولو تأملنا الواقع من حولنا لتبين لنا العديد من الإجراءات والتفاعلات المبنية على الظن بالسوء، ولذلك أخذت المجتمع إلى أغوار الوجيع وكهوف الويلات المتراكمات المتواصلات، لأن الظن بالسوء طاقة تفاعلية متوالدة ومتنامية، ما أن تنطلق حتى تستشري وتستعدي وتتوطن وتأكل الأخضر واليابس بنيران تصوراتها ومخاوفها وتوجساتها المريضة النكراء.
ويمكن الشفاء من هذه العلة السلوكية المريرة، باحترام القانون والانضباط بدستور، وإعلاء شأن الحكم بالقانون، لأن المشكلة الجوهرية في المجتمعات المتهالكة المهلهلة هو ما يصيبها من اجتياحات مريرة من أعاصير وعواصف الظن بالسوء.
وبعض المجتمعات تزعزع كيانها وضاع أمانها وتمزقت لحمتها بسبب ما اجتاحها من زوابع الظن بالسوء، فأهلكتها، وحولتها إلى ميادين تتصارع فيها الوحوش الفتاكة المفترسة للمجتمع، والقاضية بامتلاك مصيره والاستحواذ على ثرواته ومقدراته.
كما أن إعلاء قيمة الوطن والمواطنة من الآسيات الناجعات القادرات على تحقيق الشفاء، وعودة الاستقرار السلوكي، وتنمية الثقة بين المواطنين، وبذلك يتحقق التقدم الأمين.
فهل من وعيٍّ لخطورة سلوك الظن بالسوء؟!!
واقرأ أيضاً:
الوطنية المغيّبة والفُرقة المُطيّبة!! / القوة والسذاجة!! / الدول الحاكمة والمحكومة!! / صوت واحد وقلب واحد!! / مَن مَلكَ اسْتأثرَ