الفصل السادس عشر
كما قلت من قبل عن طالبي المساعدة المستمرة في حياتنا قد يختلفون من المستوى العادي إلى المستوى الحاد من العصبية والإزعاج، قد يكونون من المتبجحين أو الوقحين أو غرباء الأطوار أو القلقين أو المُحبطين المكتئبين أو ممن يعتمدون على المخدرات، وقد يكونون من الثرثارين كثيري الكلام أو من مضطربي الشخصية أو الانتهازيين، وهم بلا شك ممن يظلمون الآخرين ويتجاوزون ويفتئتون على حقوقهم، وكما نعلم فظلم الإنسان لأخيه الإنسان منهي عنه؛ فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى يُملي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته" .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه،عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من كانت لأخيه عنده مظلمة من عرض أو مال فليتحلله اليوم قبل أن يؤخذ منه، يوم لا دينار ولا درهم، فإن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر عمل مظلمته، وإن لم يكن له عمل أخذ سيئاته فحملت عليه".
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتدرون من المفلس؟ قالوا له: المفلس فينا من لا درهم ولا دينار ولا متاع له، قال: "المفلس من أمتي الذي يأتي يوم القيامة بصلاته وزكاته وصيامه، ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته، فإذا فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أُخذ من خطاياهم وطُرحت عليه ثم طُرح في النار".
قال ميمون بن مهران: إن الرجل يقرأ القرآن وهو يلعن نفسه، قيل له: وكيف يلعن نفسه؟ قال: يقول "ألا لعنة الله على الظالمين"، وهو الظالم!!.
قال أحد الفقهاء: ليس شيء من الذنوب أعظم من الظلم، لأن الذنب إذا كان بينك وبين الله تعالى، فإن الله تعالى كريم يتجاوز عنك، فإذا كان الذنب بينك وبين العباد فلا حيلة لك سوى رضا الخصم، فينبغي للظالم أن يتوب عن الظلم ويتحلل من المظلوم في الدنيا، فإذا لم يقدر عليه فينبغي أن يستغفر ويدعو له فإنه يُرجى أن يحلله بذلك.
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: من أعان ظالماً على ظلمه أو لقنَّه حجة يدحض بها حق امرئ مسلم فقد باء بغضب من الله تعالى وعليه وزرها.
عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أنه قال للأحنف بن قيس: من أجهل الناس؟، قال الأحنف: من باع آخرته بدنياه، قال عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه: ألا أُنبِئك بأجهل من هذا؟!، قال: بلى يا أمير المؤمنين، قال: من باع آخرتَه بدنيا غيره.
وروي عن عمر رضي الله عنه أنه قال: كفى بالمؤمن من الغي ثلاث: يعيب على الناس بما يأتي به، ويبصر من عيوبهم ما لا يبصر من عيوب نفسه، ويؤذي جليسه بما لا يعنيه.
وأعود وأكرر أن "بعضا فقط" من طالبي المساعدة المستمرة ظالمون، والبعض الآخر لا حيلة لهم فيما ابتلوا به من اضطرابات مثل القلق أو الاكتئاب ولكن يؤخذ عليهم أحيانا التكاسل في طلب العلاج من المكان الصحيح، وأقصد أن من يعاني قلقا أو اكتئابا فعليه التوجه للطبيب المختص، وأن يصبر ويثابر على العلاج حتى يتعافى، وأن لا يجعل مرضه وهمه على رؤوس وأكتاف من حوله؛ لأنهم أيضا لا حيلة لهم ولا دراية بتلك العلل والأمراض، ولجوء المريض إليهم وإلحاحه عليهم بالشكوى والضجر هو نوع من إضافة الهموم على من ليس له دراية بالعلاج الصحيح!.
يتبع >>>>>>>>>>> ..لا.. النهائية: قطع العلاقة