التواكل النفسي تأكيد الذات مشاركة8
الفصل السادس عشر
جملة "هذا ليس عدلا" ودورها في هدم العلاقات الاجتماعية
الإصرار على التعامل بصورة عادلة في كل موقف اجتماعي قد يتسرب إلى حياتك، وبالتالي قد يؤثر سلبا على علاقاتك الشخصية. إن جملة "هذا ليس عدلا" تعتبر إحدى العبارات الشائعة والهدامة التي يندب بها شخص ما "حظه" أمام شخص آخر حينما نعتقد أن تصرفا معينا ليس عادلا بالنسبة لك، فأنت بذلك تقارن نفسك بشخص ما أو بمجموعة أشخاص، حيث يدور في ذهنك مبررات مثالية مثل: "إذا استطاعوا عملها، فإنه باستطاعتي عملها أيضا" و"ليس من العدل أن يملكوا أكثر مما أملك"، وباستعمالك لهذا المنطق تحدد ما تريده على ضوء ما يملكه الآخرون أو بالأحرى تعطيهم الفرصة للتحكم في عواطفك كلما غضبت؛ لأنك لم تستطع عمل شيء قام به شخص آخر فقد وقعت في لعبة "هذا ليس عدلاً"، وبذلك تبتعد عن طريق الاعتماد على النفس و تتجه نحو التواكل.
المساواة مسألة خارجية بالنسبة للاستقرار الذاتي وهي أيضا أداة لتفادي الاعتماد على النفس، ومن الأجدى للمرء بدلا من قضاء وقته في التفكير في السلوك غير العادل من قبل الآخرين أن يفكر في الأشياء التي يريد إنجازها، ومن ثم يسعى جاداً لتحقيق ذلك بصورة مستقلة عما يريده ويحققه أي إنسان آخر، هناك حقيقة بسيطة مفادها أن كل شخص يختلف عن بقية العالم.
بالطبع ربما عرفت إنسانا يعمل القليل ويحصل على أموال طائلة، وعرفت أن فلاناً حصل على ترقية في وظيفته بطريقة مشكوك فيها مع أنك أقدر منه. كل هذه الأشياء موجودة في عالمك لأن الناس يختلفون والظروف تختلف لكن من المؤكد أن التركيز على تصرفاتك الشخصية وتغيير ما يلزم تغييره نحو الأفضل أجدى من مقارنة تصرفاتك بالغير، وهي الوسيلة التي تستطيع بها زيادة إنتاجك والتخلص من مشاكلك النفسية يوما بعد يوم.
الفكرة القائلة: إن تصرفاتي يجب أن تكون تماماً كتصرفات فلان وفلان، وأن تصرفاتهم أهم بكثير مما أملك من قدرات قد تجلب الاضطرابات العصابية لك، من أمثال القلق والاكتئاب والوسواس وتوهم المرض (المراقية) وغيرهم من الاضطرابات العصابية، وإذا أصررت على التمسك بـ "إذا استطاع فلان عمل ذلك الشيء فيجب علي عمله" فقد أعطيته الحق في التحكم في تصرفاتك بدلا من محاولة خلق شخصية مستقلة وخاصة بك.
يتبع >>>>>>>>>>> الغيرة مشهد جانبي لطلب العدالة