القهر مش بس إنسان يسيطر على إنسان ثاني ويحرمه ويقسو عليه!
القهر الأكبر هو المنع : ممنوع يتنفس أو يعبر عن نفسه لما يزعل أو يغضب، ممنوع ينفعل أو يصرخ لما حاجة توجعه، ممنوع يقول آه، لما تجيء فكرة في دماغه ممنوع يقولها أو يناقشها، لو عنده تساؤل لأحد ممنوع يسأله .....لو مغلوط فيه من أحد ممنوع يناقشه أو يعاتبه أو يحاسبه
القهر هو كتم أنفاس بالمعنى الحرفي للجملة...
حواء الشرقية في عصورنا الحديثة ما زالت تقابل القهر، تقابل القهر منذ هي "في اللفة" "من ساعة ما تتولد ويعرفون أنها بنت" على طول تصنف في عيون بيئتها أنها مولود من الدرجة الثانية، مخلوق ضعيف، ومصدر للعورة، مخلوق محتاج رعاية أكثر من الولد ومسؤولية أكبر! وتربية تختلف عن تربية الولد بالرغم من أن الولد والبنت ينتميان هما الاثنان لنفس الجنس -جنس البني آدمين- طيب لم الاختلاف في النظرة وفي التربية ! حتى الراجل الذي كل خلفته بنات يصعب على الناس ويتصعبون عليه وهم يطلقون عليه لقب أبو البنات، والأم التي خلفتها بنات نلقاها تردد "بكره يكبروا ويتجوزوا ويجيبولي رجالة" (تعني الأزواج) وكأنها مش مكتفية ببناتها أو بناتها يبقين جنسا ناقصا لن يكتمل غير بالرجل .. حتى في الشرائع والقوانين ناقصات عقل ودين، وفي الميراث نصف ميراث الرجل !!
تكبر البنت وتظل قيود التفرقة بينها وبين أخيها الولد لحد ما تخرج من سلطة أهلها وتدخل في سلطة زوجها، ولو حتى زوجها كان رجل متفتح وكيوت، لكن وقت لما تتنافى مصلحته مع مصلحتها يظهر الوجه الآخر، ويستخدم سلطته الشرعية والمجتمعية ويعلنها صريحة (لأ) يعني لا، سواء كان لا لشغل أو لدراسة أو لصديقة أو حتى لأهل، أي حاجه ليست على هواه. وساعتها لا أحد يقدر يلومه (زوجك ويخاف عليك)
وذا مثل بسيط لسلطة كثير من الأزواج (لن أقول كلهم) من عينة الرجل ذي الوجهين، وجه الرجل المتفتح الذي يساير التطور المجتمعي، والوجه الآخر له، الذي ما زال يعيش في جلباب سي السيد !!
وتفضل كذا حواء مقيدة مقهورة حتى من أولادها بدون قصد أو تعمد منهم.. هي تلقائيا تتبرمج على كتم أنفاسها.. تدراي عن أولادها تعبها وغضبها، خنقتها، صدمتها، حزنها، ضعفها، لازم تبين قدامهم إنها الزوجة السعيدة والأم القوية حتى لو كانت تنام كل ليلة ودمعتها على خدها..
ممكن يطلع أحد يقول لي تبالغين .. لكن قبل ما يقول لي كذا أقول له من فضلك لا تكتفي بالمظاهر ! أنت لا تعرف ما وراء الابتسامة ولا تعرف داخل البيوت ماذا يجري ! وقبل ذا كله لا تعرف داخل حواء هي !! ماذا تداري في صندوقها الأسود ؟!.
15/10/2018
واقرأ أيضًا:
التعايش مع الألم... قوة أم ضعف ؟ / الصمت المباح