الفصل السابع عشر
الحكم التالية من الجواهر الثمينة أحفظها عن ظهر قلب، وتذكرها في كل الأوقات وبالذات عندما تتعامل مع أصدقائك:
- إذا عزَّ أخوكَ فهُنْ.
- لا تكنْ متواضعاً أمامَ المتكبّرين ولا متكبّراً أمامَ المتواضعين.
- السّنابلُ الفارغةُ تنتصبُ نحوَ السماء، والسنابلُ الملآنةُ تنحني نحو الأرض.
- حيثما دخلَ التجبُّرُ دخلَ الهوانُ ومع المتواضعين الحكمةُ.
- تواضُعُ الرّوح مع الودعاء خيرٌ من اقتسام الغنيمة مع المتكبّرين.
- مَن أرادَ أن يكون كبيراً فيكم، فليكنْ لكم خادماً.
الواجب
طريقُ الواجبِ دوماً قريبة، لكنّ الإنسانَ يبحثُ بعيداً.
الوَاجِبُ أخَفُّ مِنْ ريشةٍ، وأثْقَلُ مِنْ جَبَلٍ (مثل ياباني).
الواجِبُ هو أن تحِبَّ ما تُلْزِم نَفْسَكَ به (غوته).
المُكَافَأَةُ عَلَى الوَاجِبِ هي الواجِبُ نفسه (شيشرون).
إذا قُمْتَ بِوَاجِبِكَ فَدَعِ المَجَانينِ يَتَحَدَّثون (سان كولومبان).
الوَاجِبُ ألاّ يَبْحَثُ الإنْسَانُ عَنْ أكبرِ لَذَّةٍ، بَلْ عَنْ أشْرَفِ لذّةٍ.
بادر بالإحسان
إن الرجل المثالي يجد متعة في تقديم المعروف وخدمة الآخرين ولكنه يخجل أن يتلقى عونا من أحد.
مد يدك إلى كل معدم.
لا يضيع الإحسان أبدا.
لا أعرف غبطة أعظم من أن أسدي يدا في الخفاء ثم ينكشف أمرها مصادفة.
الإحسان يفقد سحره إذا تأخر تقديمه.
لا يأخذ الإنسان معه إلا الجميل الذي فعله.
الفعل الطيب يرجع إلى صاحبه.
أبواب الإحسان صعب فتحها، متعب إقفالها.
عندما تحسن للآخرين تحسن إلى نفسك.
لا يصدنك عن الإحسان جحود جاحد للنعمة.
إحسانك إلى الحر يحركه على المكافأة، وإحسانك على الخسيس يحركه إلى معاودة المسألة.
أفضل إحسان هو تطبيق العدالة على الجميع.
الصداقة بين الحيوانات
في محاولة رجل ياباني لتجديد بيته فقام بنزع جدران بيته، ومن المعروف أن البيت الياباني التقليدي مبني من الخشب حيث يكون بين جدران البيت فراغات، وعندما نزع أحد الجدران وجد سحلية (أو "وزغة" بلغة أهل الخليج) عالقة بالخشب من إحدى أرجلها، وانتابته قشعريرة شفقة عليها، لكن الفضول أخذ طريقه إليه والتساؤل بلغ مداه عندما رأى مسمارا صدأً مغروزا في رجلها يعود إلى عشر سنوات مضت عندما أنشأ بيته لأول مـــــرة!!.
دار في عقله السؤال، ما الذي حدث؟، كيف تعيش تلك السحلية مدة عشر سنوات في فجوة ما بين الجدران يلفها الظلام والرطوبة ودون حراك؟، توقف عن العمل وأخذ يرقب السحلية كيف تأكل، وفجأة ظهرت سحلية أخرى حاملة الطعام في فمها!؛
دهش الرجل واعتملت في نفسه مشاعر رقة الحب التي أثارها هذا المشهد، سحلية رجلها مُسمَّرة بالجدار وأخرى تطعمها وهي صابرة في مكانها مدة عشر سنوات!!!!!!!!!!
إننا نتساءل لماذا انعدم الوفاء بين الإنسان وأخيه الإنسان؟، وكيف يصل الوفاء بين سحلية وأخرى إلى هذا الحد؟!، ونحن البشر يقتل بعضنا بعضا من أجل برميل نفط أو قطعة من ذهب، وأحيانا لفرض الهيمنة والسيطرة وحسب؟!، هل أصبح التراحم بيننا ذكرى تجول في خواطرنا، فنتذكره في سلوك القلائل من البشر أو في بعض سلوك الحيوان؟!، لقد صدق من قال: "على الإنسان أن يكون رحيما، لأن الرحمة تجمع بين البشر، وأن يكون أديبا لأن الأدب يوحد القلوب، المتنافرة"، وأتذكر من حكم الإمام الشافعي رضي الله عنه وأرضاه قوله:
نعــيب زماننــا والعيب فينــــا وما لزماننا عيب ســـــوانا
ونهجــــوا ذا الزمان بغير ذنب ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب ويأكل بعضنا بعضا عيانــــا
وسأزيدكم بقصة أخرى تصف لنا شيئا من التعاون والتكافل الجميل بين بعض مخلوقات الله عز وجل، وبطلة القصة نملة صغيرة يشاهد سلوكها الاجتماعي الجميل سيدنا سليمان عليه السلام ويرويه لنا:
ذكروا أن سليمان عليه السلام كان جالساً على شاطئ بحر، فبصر بنملة تحمل حبة قمح تذهب بها نحو البحر، فجعل سليمان –عليه السلام- ينظر إليها حتى بلغت الماء فإذا بضفدعة قد أخرجت رأسها من الماء، ففتحت فاها فدخلت النملة وغاصت الضفدعة في البحر ساعات طويلة، وسيدنا سليمان عليه السلام يتفكر في ذلك متعجباً!، ثم خرجت الضفدعة من الماء وفتحت فاها فخرجت النملة ولم يكن معها الحبة، فدعاها سليمان عليه السلام وسألها وشأنها، وأين كانت؟!
فقالت: يا نبي الله، إن في قعر البحر الذي تراه صخرة مجوَّفة وفي جوفها دودة عمياء، وقد خلقها الله تعالى هنالك، فلا تقدر أن تخرج منها لطلب معاشها، وقد وكلني الله برزقها، فأنا أحمل رزقها، وسخر الله تعالى هذه الضفدعة لتحملني فلا يضرني الماء في فيها، فهي تضع فاها على ثقب الصخرة وأدخلها، ثم إذا أوصلت رزقها إليها وخرجت من ثقب الصخرة إلى فيها تخرجني من البحر.
فقال سليمان عليه السلام: وهل سمعتِ لتلك الدودة العمياء من تسبيح؟
قالت : نعم، تقول: "يا من لا ينساني في جوف هذه اللجة برزقه لا تنس عبادك المؤمنين برحمتك".
حقا نحن البشر بحاجة إلى قدر من هذا التراحم والتعاطف الذي جعله الله بين كثير من مخلوقاته؛ ولكن قليلا من البشر من يلاحظ ويفقه ويعتبر.
وللحديث بقية........