الأمة تستيقظ من غفلتها وتستعيد رشدها وتكتب مستقبلها بمداد الحكمة، وفعل العقل الذي تنور وتنامي إدراكه الجمعي فارتقى إلى جوهر الأمة وحقيقتها الحضارية، فأوجد جيلا مشرقا ومضيئا بأنواره وغاياته النبيلة الساطعة. الأمة في مسيرة أكون، وما عادت ترتكز على كان وكنت، فهي تتمسك بإرادة حاضرها وتستدعي مستقبلها وتتفاعل معه كأنه موجود.
الأمة استفاقت، فكان القرن العشرين بما حمله من انكسارت وانتكاسات قد فجر فيها طاقة الكينونة الكبرى التي تتوطنها وتترسخ في كيانها الأصيل. ولهذا اندفعت في القرن الحادي والعشرين نحو كمشاريع التعبير عنها، فأخطأت وتعلمت، وتثقفت وازدادت خبرة واقتدارا على التنفيذ بمهارات عالية وإنجازية معاصرة ذات قيمة نافعة للأجيال.
وما يحصل في السودان والجزائر إشارات ودلائل على أن الأمة قد أدركت مواضع خطواتها وتعلمت كيف تنجز أهدافها، وتبني مجتمعاتها وتستحضر مستقبلها الأفضل. والأمة اليوم تعلمت أن ما كانت تتصوره نقمة إنما هو نعمة، فتقسيمها إلى دول كان نعمة ما عرفت الأجيال السابقة كيف توظفها وتحقق طموحاتها فيها، ولهذا تجد الأجيال الحاضرة قد وعت حقيقة أن دول هذه الأمة عليها أن تتفاعل بإيجابية، لأنها قِوية ذات قدرات هائلة يجب أن تفاعلها لكي تصنع الاقتدار الحضاري الأرضي الكبير المُهاب العزيز الذي تخشاه القِوى أيا كان حجمها وسطوتها.
فقوة أوربا في كونها دول متنوعة، وقوة أي دولة أنها ذات ولايات متعددة، فلا يمكن لكينونة أرضية واسعة أن تحقق مجدها الحضاري بدولة واحدة، وإنما عليها أن تستثمر طاقاتها في كينونات إدارية أصغر يمكن إدارتها وتوظيف قدراتها وتنميتها، ولهذا فإن الإمبراطوريات في التأريخ كانت عبارة عن ولايات، وحتى أمريكا ما هي إلا ولايات متحدة أو متفاعلة بإيجابية لتأكيد القوة ولهذا فأمريكا هي الأقوى.
وعليه فإن الأجيال الواعية الصاعدة في القرن الحادي والعشرين ستأخذ بدول الأمة إلى منظومة تفاعلية ذات تأثيرات إيجابية ونافعة لأبناء الأمة في جميع دولها، لأن التعدد المتفاعل يصنع تكاملا متطورا وتناميا متعاظما.
فتحية للأمة التي تستعيد إرادتها الحقيقية وجوهر رسالتها الإنسانية السامية.
واقرأ أيضاً:
البزنزية المعاصرة!! / الكراسي تعادي لغة الضاد!! / الأمة المبعوجة!! / أمة بلا فِكِر أمة بلا ذِكِر!!