المفكرون نحن في عالم والدنيا في عالم آخر، نحن نتدحرج وننحدر إلى أسفل السافلين، والعالم يتحرك بتوثب نحو أقطار السماء، وستصل بعض الدول إلى المريخ ببشرها الذي ربما سيتوطنه في هذا القرن.
رئيس إحدى الدول الكبرى يضع على قائمة وعوده الانتخابية الهبوط على سطح المريخ، ومرشحونا يرفعون رايات الفتاوى ويضعون العمائم على رؤوسهم، ويعدون الناخبين بالسراب.
ففي مجتمعات الدنيا تكون أولويات الوعود الانتخابية الرعاية الصحية والتعليم وتطوير البنية التحتية، والعمل على تحقيق سعادة المواطنين، إلا في مجتمعاتنا التي تخلو من الوعود العملية الصادقة، والخطط والبرامج الواضحة، وتمضي عجلة الانتخابات على سكك القبلية والعشائرية والمذهبية والطائفية والمناطقية، ووفقا لفتاوى تجار الدين المعممين بالإفك المبين.
مجتمعات تجوب الفضاء وتنهل من أنوار المعارف والعلوم، فتبدع وتبتكر وتخترع وتتعاظم قدراتها العقلية والمعرفية، ومجتمعاتنا تندحر في الأجداث وتتماهى مع الأموات وتقتل العقل وتنتقم من الأحياء، وتقول بأنها تدين بدين الرحمن الرحيم الذي يحثها على القراءة وإعمال العقل والعمل على التحرر من قيود التراب.
إنهم سيهبطون على سطح المريخ ونحن سنهبط إلى الحضيض الذي نسعى إليه، وفقا لتصوراتنا البهتانية وبإرادة التضليل والخداع والتدمير الفاعلة فينا عبر الأجيال.
فكأننا خارج مسار الحياة، ومَن يقرأ ما يُكتب ويُصرَح به في الواقع ووسائل الإعلام وينظر واقعنا، تبدو أمامه الصورة المأساوية والتفاعلات الخسرانية المروعة، التي محقت ما يشير إلينا كأمة قادرة على بناء الحياة.
فالواقع يؤكد أننا أعداء الحياة وعالة على البشرية، بما نأتي به من ضلالات واندفاعات مناهضة لمحبتها وبنائها والانطلاق بها إلى آفاق الإنسانية الأرحب. ولهذا فسننكمش وسيجف ما فينا وننزف ما عندنا، وسنهيم في الأرض حيارى نتوسل الحصول من غيرنا على الذي فقدناه في ديارنا، مما سيجعلنا نتخبط ونترنح في ميادين ضياعنا ومصادرة حاضرنا ومستقبلنا والنيل من جوهرنا القويم.
فهل من قدرة على الخروج من قوقعة الجنون العظيم؟!!
واقرأ أيضاً:
قول الحقيقة لا ينفع!! / الانتحار والاندحار!!* / المصطلحات التفريقية!! / الصحافة واللاصحافة!! / كتابات ثأرية قيحية!! / خطيئة العلماء العرب!!