"بعد تفكر في أمر غرفة العلاج النفسي وتوابعها، أذكر نفسي وأصدقائي وزملائي الأطباء والأخصائيين النفسانيين بأمر أظنه من الأهمية بمكان، ومن الضرورة بمقام، وهو أمانة الكلمة".
حكايا الناس وتعبيراتهم هي بمثابة أسرار أودعوها إياك بغية المساعدة والكتمان، تقال الكلمات لتكون وسيلة للتعبير والتفهم والمساعدة ثم بعد ذلك تدفن وتنسى؛ إلا من ذاكرته وذاكرتك وذاكرة غرفة العلاج، لذلك من الخيانة بمكان نقل هذه الكلمات من الغرفة إلى غرف أخرى مهما كانت الأسباب ومهما كانت حسن النية، أو الغرض من هذا النقل، إما حرفيًا كما قيل أو بالمواراة.
من المؤكد أن هناك بعض الكلام الذي يلمسك ويؤثر فيك على المستوى الشخصي، لكنه قيل لك وأثر فيك، قد فعل!، فاحفظه بقلبك لقلبك، وفي ذاكرتك لك، وهناك بعض الكلام الحكيم والأليم الذي يستحثك على النشر ظنًا منك أنه من جوامع الكلم الواجبة البلاغ، لكن من قال أن كل الكلام ولو كان حكيمًا يذاع؟ وما الحكمة أصلاً؟، ومن قال أن كل الكلام الأليم موعظة وعبرة؟ ما العبرة؟.
الشخص الذي أودعك كلماته، أودعك قطعة منه، من عناءه وبلائه وعقله وروحه وحياته، فهل أذن لك بأن تكون رسوله للناس؟ وإن أذن لك، فهل كان حرًا طليقًا من سطوتك ومن سطوة الشعورات والكلمات؟. قال لي وقالت لي لا تصح أبدًا في مجالنا ولا في أخلاقيات مهنتنا، أقولها مقتنعًا ومؤمنًا، لا أبرئ نفسي ولكنها التذكرة.
لماذا أقول هذا الكلام؟
نحن نعيش الآن في حقبة شديدة السيولة شديدة الانفتاح، والعالم أصبح قرية صغيرة للغاية، وسائل التواصل الاجتماعي أتاحت للجميع فتح نافذة على الجميع، فلا يدري أحدنا وهو يفتح نافذة -الله أعلم بالنوايا- أن تكون في بيت صاحب الحكاية.
تأثير الكلمات تختلف باختلاف المستقبل، فالبعض قد يأنس والبعض الآخر قد يجزع، وقد تنفع وقد تضر، أعوذ بالله من الخذلان ومن أن نضر بدون علم أو أن ننفع بدون علم.
تقول لي صديقة عزيزة للغاية، أنها شعرت بالخذلان الشديد والاستغلال المقيت لما استوقفها معالجها في لحظة ساخنة من شعورها وتأثرها وتألمها، ليقتبس من كلامها نصًا- من تعبيرها- في وسمه وهاشتاجه #..... .
"وما أبرئ نفسي.."
واقرأ أيضاً:
الطب النفسي والمريض العربي...تجربة شخصية / الوصمة / ماذا لو أن معالجك يتحرش بك؟