البشرية تمر بنوبات هلع مُروّعة ينجم عنها انهيارات اقتصادية كبيرة ومدمرة وقد تعقبها الحروب لكي تستفيق من هلعها وسلوكها الإتلافي، ولا يُعرف أسباب نوبات الهلع، وقد نفسرها بالأوبئة كما يحصل اليوم لكن الأوبئة مُرافقة للبشرية منذ الأزل.
ويبدو أن الطاعون هو القاسم المشترك في مسيرتها، وقد اتّخذ مُسمّيات أخرى في القرن العشرين، وما نسميه كورونا ربما يكون أحد الطّفرات والتأثيرات الجانبية لمحاولاتنا القضاء على الطاعون الذي لا يزال مُتمكناً في الأرض ويتوطّن في الكونغو ومدغشقر وبيرو، وقد يصيب العديد من الناس فما بين 2010-2015 أصاب 3248 وقتل 584 منهم.
ولا توجد نوبات هلع من الطاعون لأن البشرية تمكّنت من تحجيم انتشاره وتقليل تأثيراته لكنها لم تتمكن من تطهير الأرض منه، فأوبئة الأرض لا تزول بل تخمد وتكمن وتبقى تتحيّن الفرص المناسبة لانطلاقها والقضاء على البشر، ويبدو أن التغيرات المناخية وتقدم وسائل النقل والتواصل ما بين أبناء الأرض قد وفّرت الظروف المواتية لابتداء صولات الجراثيم بأنواعها للنيل من البشر.
وإنْ صحّ هذا التحليل فإن كورونا فايروس ليس آخرها، بل ربما يكون فاتحتها المأساوية التي ستعصف في الأرض الموبوءة بالمشاعر السلبية البغضاوية السيئة.
والنتائج المترتبة على هذا الهلع الخلاق أن العالم سيواجه انهياراً اقتصادياً كبيراً لن يتعافى منه في أقل من عقد من الزمان لأن التداعيات ستتفاعل وستتطور وستتسبب بهبوط سعر النفط إلى ما دون العشرة دولارات للبرميل الواحد، ولن يستعيد النفط عافيته أبداً إن وصل إلى ذلك المستوى، أي أن عصر النفط واقتصاده قد انتهى أو سينتهي في غضون سنوات قليلات.
كما أن الهلع المُتنامي قد يتسبب بتفاعلات عدوانية ما بين الدول أو بين أبناء المجتمع الواحد، أي أن البشر سيقتل بعضه لأسباب لم تخطر على باله من قبل، واحتمال تدخل الأسلحة ذات التدمير الفائق الماحق سيكون عالياً وضرورياً لإيقاف مُتواليات الانهيار الاقتصادي الجرّار.
ويبدو أن الحروب العظمى تقدم حلولاً للبشرية بين حين وحين، لأن الحياة البشرية لا يُمكنها أن تستمر بتصاعدية إيجابية مع تنامي التعداد السكاني بسرعة غير مسبوقة.
فهل يا تُرى أنّنا على شفا حربِ عالميةِ مروعة؟
وهل أننا سنستمرئُ السقوط الاقتصادي العالمي المدوي؟
أم أنها القارعة، وما أدراك ما هي؟!!
واقرأ أيضاً:
الحكم الفتّاك والعذر الأفّاك / لماذا تكثُر الأخطاء اللغوية؟ / الطاعون المجنون