للكورونا وما رافقها من تعليمات وتحذيرات وضوابط تداعيات سلوكية متنوعة، ويأتي في مقدمتها غسل اليدين الذي هو أحد أعراض الوسواس القهري المعروفة والتي يصعب معالجتها، وقد لوحظ الإمعان في غسل اليدين ويقظة النوازع الوسواسية الكامنة في البشر وربما انطلاقها بكثافة غير مسبوقة.
فغسل اليدين من أهم شروط الوقاية من الوباء، وأخذنا نغسل أيدينا عدة مرات ومرات في اليوم، والبعض منا أصابه وسواس غسل اليدين، وقد عزز هذا السلوك الاستعدادات الوسواسية الكامنة في الكثير منا، وربما طوّرها وحولها إلى اضطراب سلوكي خصوصاً أثناء هجمة الوباء، ولا يُعرف إن سوف تتناقص بعد ذلك.
ويُخشى أن يتحول غسل اليدين إلى سلوك قهري مكرر للتخلص من أفكار الإصابة بالوباء وما يتصل بها من توترات وقلق شديد.
فوباء كورونا قد أسهم بإشاعة القلق والخوف والرعب والهلع والفزع لدى الناس، وأوجب عليهم غسل اليدين والنظافة والاحتراز من اليدين لأنهما من أهم وسائل نقل المرض، وحتَّمَ غسلهما عقب لمس أي شيء.
ومن المعروف أن الوسواس القهري اضطراب سلوكي يعاني فيه المصاب من أفكار أو مشاعر أو أحاسيس قسرية (أي غير مرغوب فيها) تتكرر وتدفعه للقيام بما تُمليه عليه لكي يخفف من التوترات التي ترافقها.
والغسل المتكرر لليدين لمنع العدوى من الأعراض الشائعة للوسواس، وفي زمن الكورونا الداعي إلى الغسل المتكرر لليدين، سيزداد عدد الموسوسين وربما ستتطور حالاتهم إلى درجة الحاجة إلى علاج.
فهل أن الأوبئة تساهم في تعزيز السلوكيات الوسواسية؟
ربما سيجيب البعض بنعم، لأن الوسوسة من الوسائل الدفاعية والمؤهلات البقائية للمخلوقات التي وجدت في تكرار سلوك ما حفاظاً على بقائها، ولهذا نجد عند العديد منها سلوكيات يمكن وصفها بالوسواسية، وما هي إلا دفاعية وتأمينية لوجودها.
وقد تنبثق عن وباء كورونا بعض الوسوسات التي ربما ستنفعنا في منع انتشار الأوبئة التي ستغزونا في المستقبل.
فهل لنا أن نتعرف على السلوكيات التي تقينا من الأوبئة فنكررها ونتخذها صراطاً وسواسياً يُؤمّن سلامة وجودنا فوق التراب؟!!
واقرأ أيضاً:
احمي نفسك منهم واحميهم / خذوا بالأسباب فأغلقوا الأبواب / الوباء بين الفحيح والتصحيح