الفصل التاسع عشر
قدم المعروف للناس وأنت حي ينفعك أنت وأبناءك بعد موتك
يقول أحد الأدباء: كنت أسير مشيعا جنازة فلان وكان مفتشا كبيرا بوزارة المالية، فلمحت بين المشيعين رجلا يبكي بحرقة وعليه ملامح الحزن، مما يدل على أنه أقرب أقربائه، فسألت عنه فقال أهل الراحل: إنهم لم يروه إلا اليوم، دفعني الفضول لمعرفته وبعد الدفن سألته عن صلته بالفقيد فقال إنه لم يره منذ عشرة أعوام، وأنه قرأ نعيه بالصحف فأدركته الحسرة عليه، فسألته لماذا هذا الحزن الكبير إذن، حتى أن إخوانه وأبنائه لا يبكون كما بكيت، فقال لي قصة معه سأقصها عليك:
كنت منذ عشرة أعوام صرافا ماليا بإدارة حكومية وكانت الأموال تحت يدي فمرض والدي مرضا شديدا واحتجت إلى أمد يدي لمال الدولة، فأخذت خمسمائة جنيه راجيا أن يوفقني الله لسدادها فيما بعد، ولكن الحظ العاثر شاء أن يحضر المفتش المالي بعد ثلاثة أيام لجرد الخزينة، ورأيت المفتش يسألني لماذا تبكي يا بني؟، فقصصت عليه ما قمت به من السرقة لعلاج والدي وانخرطت في البكاء، فقال لي أريد أن أرى والدك، فذهبت معه إلى المستشفى وتأكد من صدق قولي، فقال سأدفع لك الخمسمائة جنيه، وهي زكاتي في هذا العام، فخذها وضعها موضع المبلغ الذي أخذته، وجاء بالفعل بعد ساعة وأعطاني المبلغ، وقال لي لا تعد إلى ذلك مرة أخرى، ومن يومها لم أر وجهه حتى قرأت نعيه بالأمس، ثم قال: إن هذا النوع من الرجال لجدير بأن نبكي عليهم العمر كله.
سفانة بنت حاتم الطائي
لما وقعت سفانة بنت حاتم أسيرة في أيدي المسلمين قالت:
يا محمد، هلك الوالد وغاب الرافد فإن رأيت أن تخلي عني فلا تشمت بي أحياء العرب، فإني بنت سيد قومه، كان أبي يفك العاني (الأسير) ويحمي الذمار ويقري الضيف ويشبع الجائع ويفرج عن المكروب ويطعم الطعام ويفشي السلام ولم يرد طالب حاجة قط، أنا بنت حاتم الطائي، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(يا جارية، هذه صفة المؤمن لو كان أبوك قد أسلم لترحمنا عليه، خلوا عنها، فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، والله يحب مكارم الأخلاق)، ثم أسلمت وحسن إسلامها.
كي تكون أسعد:
إذا كان لديك بيت يأويك، ومكان تنام فيه وطعام في بيتك، ولباس على جسمك فأنت أغنى من 75% من سكان العالم.
إذا كان لديك مال في جيبك واستطعت أن توفر شيئا منه لوقت الشدة فأنت واحد ممن يشكلون 8%من أغنياء العالم.
إذا كنت قد أصبحت في عافية هذا اليوم فأنت في نعمة عظيمة فهناك مليون إنسان في العالم لن يستطيعوا أن يعيشوا لأكثر من أسبوع بسبب مرضهم.
إذا كان والديك على قيد الحياة ويعيشان معا فأنت في نعمة عظيمة
لكي تكون أسعد وأسعد احمد الله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى وليكن لسانك رطبا بذكر الله وكن كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه: "لا تدعن بعد كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ومن تمام الحمد أن تذكر الآخرين بنعم الله عليهم فالذكرى تنفع المؤمنين"
يتبع >>>>>>>>>>> بعض النصائح لولدي
التعليق: ما أروع كلامك وما أقربه إلى القلب
دكتوري الفاضل هل تسمح لي بنقل مقالاتك ليستفيد منها أكبر عدد من الناس ...!!