لقاح كورونا والفياجرا.. صدفة خير من ألف علاج (تقوية المناعة والانتصاب)
لم يكن أحد يتخيل أن الطفل أوغر شاهين الذي خرج من تركيا بصحبة أمه وهو في الرابعة من عمره ليلحق بوالده الذي رحل من بلده بحثا عن لقمة عيش في مصنع فورد للسيارات بألمانيا, سوف يكون سببا في إنقاذ البشرية من كائن أسطوري متناهي في الصغر أفزع العالم ونشر المرض والموت في كل مكان في الأرض, وأغلق على الناس بيوتهم وحرم الأطفال من مدارسهم ونشر الخراب الاقتصادي في كل مكان وسرق السعادة والبهجة من البشر, فاليوم يقترب العالم من إنتاج لقاح ضد فيروس كورونا الذي طال انتظاره, وقد كان للصدفة – كالعادة- دور كبير في اكتشاف اللقاح ولذلك وفرت عدة سنوات من البحث المتوقع لإنتاج أي لقاح, والأمر أقرب للقصة الطريفة التي تم بها اكتشاف عقار السيلدينافيل (الفياجرا), والذي أحدث طفرة علاجية هائلة وغيّر كثيرا في السلوك الإنساني حين حافظت تلك الحبة الزرقاء أو الحمراء على القدرة الحميمية لسنوات طويلة في عمر الرجال وأعاد الدفء لملايين العلاقات الزوجية (وغير الزوجية), وأحدث حالة من الشراهة الجنسية غيرت كثيرا في سلوك الرجال وطبائعهم فأصبحو أكثر تورطا في تعدد العلاقات والخيانات الزوجية.
ووجه الشبه بين اكتشاف عقار الفياجرا ولقاح كورونا هو الصدفة التي أهدت شركة فايزر العالمية عقارا حقق أعلى مبيعات في التاريخ الدوائي على مستوى العالم, فقد كانت الشركة تجري اختبارات على الفياجرا لاستخدامها في علاج ضغط الدم والذبحة الصدرية من خلال آلية تعمل على توسيع الشرايين بواسطة منع بروتين معين يسمى PDE 5 وأثناء إجراء التجارب لاحظت الممرضات أن الرجال الذين تجرى عليهم التجارب السريرية ينامون على بطونهم عند قياس الضغط, وأنهم يبدون في حالة حرج, ولهم نظرات غير بريئة, واكتشفن أن السبب هو زيادة حالات الانتصاب لديهم, وأنهم كانوا في حالة من السعادة والمرح بسبب ذلك. وحين انتهت التجارب ذهب هؤلاء الرجال يسألون عن هذا العقار السحري ليأخذوه مرة أخرى, وهنا اكتشفت شركة فايزر أنها وقعت على كنز فحولت التجارب في اتجاه إنتاج عقار يعالج ضعف الانتصاب وجنت من ورائه مليارات هائلة وأحدثت به طفرة في السلوك الجنسي للرجال.
واليوم تتكرر المصادفة الذهبية مع شركة فايزر حيث كانت شركة بيونتيك الألمانية المتخصصة في التكنولوجيا الحيوية تجري تجارب لعلاج السرطان باستخدام جزيئات الحمض النووي الريبي RNA لتحفيز إنتاج بروتينات معينة في الخلايا يمكن استخدامها في تدريب الجهاز المناعي على مهاجمة الخلايا السرطانية. وشركة بيونتيك أسسها ويديرها البروفيسور أوغر شاهين (ابن العامل في مصنع السيارات) وزوجته أوزلم توراجي وهما ألمانيان من أصل تركي، ويجريان أبحاثهما بالتعاون مع شركة فايزر. وقد تبين للبرفيسور شاهين أن الدور الذي يقوم به الحمض النووي الريبي في إرسال التعليمات الجينية للخلايا يمكن أن يتم تعديله بحيث يستخدم في مكافحة فيروس كورونا. وقد بدأ التعاون بين شركة بيونتيك وشركة فايزر عام 2018 من أجل تطوير لقاحات مضادة للإنفلونزا تعتمد على الحمض النووي الريبي. وقد أفادت الشركة أن نسبة نجاح اللقاح في مقاومة فيروس كورونا تصل إلى 90%، وتوالت الأنباء والتصريحات من منظمة الصحة العالمية ومسئولي شركة بيونتيك وفايزر عن توقع إنتاج اللقاح في ديسمبر 2020، وهذه سرعة ضوئية في إنتاج اللقاحات والتي تستلزم حوالي ثمان سنوات، والسبب في ذلك هو الصدفة التي تأتي لمن يستحقها من العلماء القابعين في معامل الأبحاث يحاولون إنقاذ البشرية بلقاحات تقوية المناعة، وإسعادها بالفياجرا.
وسوف تحصل شركة فايزر على مليارات هائلة من خلال توزيع مليارات اللقاحات في كوكب الأرض لتمحو آثار الموت والفزع والخراب الذي أحدثه هذا الفيروس المرعب، أما البروفيسور شاهين وزوجته الدكتوره توراجي فربما يحصلان على جائزة نوبل في الطب. وللعلم فإن البروفيسور شاهين (55 عاما)، منذ كان طالبا في كلية الطب يمكث في معامل الأبحاث لوقت متأخر من الليل، ويذهب إلى شركته التي أسسها هو وزوجته توراجي عام 2008، بالدراجة كل يوم، وهو المدير التنفيذي للشركة وزوجته هي المديرة الطبية لها. ويصف من تعاملوا مع البروفسور شاهين ذلك الرجل بأنه رغم تطور الشركة وارتفاع أسهمها لم يتغير أبدا فما زال يذهب إلى الشركة ويعود منها بالدراجة وهو متواضع وأنيق ودمث الأخلاق.
وبمجرد الإعلان عن نجاح اللقاح وقرب إنتاجه ارتفعت القيمة السوقية لشركة بيونتيك (التي يملك شاهين نسبة 18% منها) إلى 21 مليار دولار بعدما كانت تقدر بـ 4.6 مليار قبل عام. ولكي تعرف شغف البروفيسور شاهين بالعلم والبحث يقول لك المقربون منه أنه ليلة زفافه على زوجته، أمضى وقتا في معمل أبحاثه.
هنيئا للبشرية عقار الفياجرا، ولقاح كورونا، وهنيئا لشاهين جائزة نوبل المتوقعة والثروة المنتظرة (على الرغم من أن النساء في كثير من بلدان العالم غضبن حين علمن أنه ترك عروسه توراجي ليلة زفافهما وقضى وقتا في المعمل)، وهنيئا لشركة فايزر التي لعب معها الحظ والصدفة مرة أخرى.
واقرأ أيضًا:
الحج وإعادة برمجة النفس / الزوج الأناني / الابتزاز العاطفي Emotional Blackmail