كلمة قلب تستعمل في جميع اللغات بصورة مزاجية.
يتم تعريف القلب من الناحية التشريحية بأنه عضو صنوبري الشكل مودع في الجانب الأيسر من الصدر يعمل هذا العضو كمضخة للدم لتغذية جميع أنحاء الجسم ومنها الجهاز العصبي الجهاز العصبي بدوره يتحكم ويدير فعالية القلب عن طريق إشارات كهربائية، نهاية الحياة تظهر للعيان بتوقف القلب ولكن من الناحية العلمية توقف الجهاز العصبي عن العمل.
من الناحية اللغوية وأيضاً في جميع اللغات منذ أقدم العصور حتى يومنا هذا يتم استعمال كلمة القلب لتعني الفؤاد أو العقل، أفضل تعبير في القرآن الكريم عن القلب قوله تعالى "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك"(آل عمران 159). لو تم تفسير هذه الآية استناداً إلى المعنى التشريحي للكلمات لاستنتجنا أن القلب الغليظ هو قلب مريض ضعيف من جراء مرض عضوي ولكن ما يشير إليه الرحمن الرحيم هو الإنسان الجبروت المتسلط على الآخرين والذي لا يحسن التعامل مع غيره من البشر، الوصف الأخير هو لشخصية الإنسان ولا علاقة له بغلاظة القلب أو نسيجه. شخصية الإنسان يتم صياغتها في العقل والعقل هو الدماغ ومزاجا نقول القلب ولكن هذا لا يعني العضو الذي في الصدر.
أما كلمة نعقل وهي التفكير بعقل وتدبر فيقول سبحانه "وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير"(الملك 10). هذه الآية الكريمة تشير بوضوح إلى أن التفكير والسمع وحتى مشاعر الإنسان وتدبيره هي من وظائف الجهاز العصبي لا أحد ينكر أن السمع يتم عبر الأذن ومن ثم يتم توصيل الأصوات إلى المخ .كذلك تشير الآية الكريمة إلى أهمية التفكير بعمق وتدبر الأمور لكي يفهم الإنسان معنى الوجود وتطوير شخصيته والمجتمع الذي يعيش فيه .كفا أن يدرك الإنسان أن أول كلمة في القرآن الكريم هي قوله تعالى: "اقرأ" وهل القراءة ليست إلا في المخ!!!.
يمكن النظر إلى مخ الإنسان وكأنه أعجوبة يمكن تشبيهها بكمبيوتر لن يقوى الإنسان أبداً على صناعته
٠ تستقبل ما ترى في الفص القذالي.
٠ تستقبل ما تحس به في الفص الجداري.
٠ تستقبل ما تسمع في الفص الصدغي.
يتجمع كل ذلك ويرتبط بعضه بالبعض الآخر في الفصيص الجداري السفلي ثم يتم نقل ذلك كله باتجاه قشرة الفص الجبهي لكي تستجيب لها وتخطط ومن ثم تخزن ما تشاء في الحصين، لا تخزن المعلومات الحسية والبصرية والسمعية فقط وإنما تخزن معها جميع العواطف التي مصدرها الجهاز الحوثي من الدماغ والمرتبط بالفص الجبهي.
من لطف رب العالمين بعباده أن مركز الخزن في الحصين يعمل وكأنه قرص هائل لخزن المعلومات ولا يتم الخزن في جهة واحدة فقط وإنما في اليمنى واليسرى وتماما كقرص احتياطي، رائعٌ هذا التصميم الإلهي لأن الإنسان إذا أصيب بصدمة دموية أو حادث يتنج عنها تدمير جهة واحدة من الدماغ فعندها هناك قرص احتياطي لاسترجاع المعلومات السابقة على ضوء ذلك ترى بأن الإنسان يمكن تأهيله بعد تدمير جزء من الدماغ ويتحسن تدريجياً.
إن الطريق النهائي لمشاعر الإنسان وسلوكه هو الفص الجبهي وهنا هو العقل وهنا أيضاً القلب لا يميز الإنسان عن الحيوان إلا الفص الجبهي وهو تحت سيطرة الإنسان على ضوء ذلك ترى الشرائع تحمل الإنسان مسؤولية أفعاله إلا إذا كان مصاباً بعاهة عقلية.
ضعف الإيمان
النقاش حول استعمال المصطلحات ومحاولة إثبات أو نقض القرآن الكريم عملية عقيمة لا تشير إلا إلى ضعف الإيمان والجهل. لا يحتاج المؤمن إلى سماع الروايات عن محاولة البعض ربط الآيات القرآنية باكتشافات علمية حيث يتم هذا الربط بصورة خالية تماماً عن مبادئ البحث العلمي ويتم تحوير الحقائق إلى درجة تسيء إلى الدين. الدين له أبعاد عدة ولا يحتاج الإنسان إلا إلى التفكير بوجوده والتركيز على البعد الروحي والأخلاقي للدين ليثبت في مكانه أما حشر القرآن الكريم في علوم الفيزياء والكيمياء فهي عملية عقيمة وغير علمية ولا يحتاجها الدين ومن يؤمن به.
تغير الشخصية وجراحة القلب
نشرت بعض الصحف والمواقع في الأعوام الأخيرة مقالاً حول تغير الإنسان بعد عملية زرع القلب وصرح البعض بأن هذا هو الدليل على أن القلب هو مركز المشاعر والأحاسيس وغير ذلك .لاحظت في مواقع بأن هذا المقال المترجم تجاوزت شهرته أي بحث آخر وانهالت التعليقات من القراء حول صفاء قلوبهم الآن واكتمال دينهم بأن كلمة القلب واستعمالها في القرآن الكريم هي الإعجاز الأول والأخير ما عليك إلا أن تشعر بالأسف على ضعف إيمان من ترجم المقال من صحيفة غير علمية وعلى من قرأه.
التدخل الجراحي في أمراض القلب أمره شديد فكيف إذاً إن كان هذا التدخل الجراحي يعني زرع قلب جديد عمليات القلب تتضمن محاولة السيطرة على جهاز التغذية الدموي لجميع أنحاء الجسد ومنها الدماغ خلال عملية جراحية تستغرق عدة ساعة وأحيانا أكثر من 12 ساعة في عمليات زرع القلب.
لا يجهل على كل من له ممارسة في الطب النفسي العصبي بأن هناك بعض من تتغير شخصيتهم بعد عمليات القلب وخاصة تلك التي تتضمن زرع أوعية دموية جديدة ناهيك عن عملية زرع قلب جديد. هناك من ترى تغيير شخصيته تماماً فترى قاسي القلب يصبح أكثر ليونة من قبل وترى من كان حملاً وديعا يصبح مشاكساً كثير الانتقاد لغيره ترى كذلك من مكان مثلي التوجه جنسياً يصبح غيري التوجه وبالعكس وهكذا هذا التغير الذي يطرأ على شخصية الإنسان ومعنى وجوده في الحياة وغير ذلك يمكن تفسيره كما يلي:
١- التفسير الذي أميل إليه في الحالات الشديدة هو حدوث جرح في الفص الجبهي للإنسان من جراء انقطاع في الإمدادات الدموية أثناء التدخل الجراحي يجب أن نتذكر كذلك بأن الإمدادات الدموية في المصابين بأمراض القلب غير صحية حتى قبل التدخل الجراحي وكثيرة الـتأثر بعملية جراحية تتطلب التدخل في الإمدادات الدموية لجميع أنحاء الجسد.
٢- التدخل الجراحي بحد ذاته صدمة نفسية قبل وبعد العملية يحاول الإنسان مناقشة مصيره، ورد فعله النفسي لهذا الحدث الهائل يتضمن أحيانا اضطرابات نفسية ينتج عنها تغيير في شخصيته فكيف إذا كان التدخل الجراحي يتضمن زرع قلب جديد!!.
٣- التداخل الجراحي في القلب يشمل تناول عقاقير عدة قبل وبعد العملية والتي بدورها تؤدي إلى أعراض طبية نفسية جانبية في عمليات زرع القلب يستوجب على الإنسان تعاطي عقاقير للسيطرة على مناعة الجسد التي ترفض وجود نسيج القلب الجديد الأعراض الجانبية للعقاقير الأخيرة أشد بأساً من الأولى.
٤- هناك من يفسر تغير التوجه الجنسي بعد العملية الجراحية ومنها زرع القلب بأن الإنسان كان يكتم توجهه الجنسي وبعد ذلك يستعمل التدخل الجراحي كمبرر لسلوكه متجنباً عتاب ولوم الناس له.
خلاصة الأمر أن استعمال كلمة قلب في جميع اللغات يعني بمشاعر الإنسان وعواطفه مركز هذا القلب العاطفي هو الدماغ ويتحكم الإنسان فيه بصورة أو بأخرى في الفص الجبهي في الفص الجبهي قلب الإنسان العاطفي وروحه أيضاً:"يسألونك عن الروح.. قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا"(الإسراء 85).
واقرأ أيضاً:
لحظات في الطريق / الإيمان الديني