سمي نظام الحكم بما شئت من التسميات، فلا يعني ذلك شيئا، وانظر إلى مدارس البلاد، فإن كانت ذات عمران معاصر وهيبة وعزة وأبهة، فإن ذلك النظام جيد، وقل عنه بعد ذلك ما تريد.
المدارس، وخصوصا الابتدائية ورياض الأطفال، هي الناطقة الرسمية العملية باسم المستقبل، والمعبرة عن ملامح ومميزات الحاضر.
ومن الواضح أن المجتمعات المتقدمة والدول المقتدرة، ترعى المدارس الابتدائية وتهتم بها، لأنها بذلك تبني المستقبل وتصنع الأجيال المؤهلة لحمل رسالة الصيرورة الأقوى. بينما المجتمعات المعادية لحاضرها ولمستقبلها، تهمل المدارس الابتدائية ورياض الأطفال، وتوشحها بأسباب الذلة والهوان، وتبني أجيالا تتداعى في معاقل الانكسار والخسران.
فالحديث عن المستقبل، يعني ببساطة وجلاء، الاهتمام بالنشء الصاعد منذ ابتداء مرحلة الطفولة. والكلام عن الحاضر هو التركيز على الأجيال المتفاعلة، وتوفير فرص إطلاق ما فيها من الطاقات اللازمة لصناعة ما تريده في عصرها.
إنها مبادئ عملية غير عصية على الإنجاز، وليست كلاما وخطبا وشعارات فارغة، ففي جوهر الأمة الحضاري كل شيء يمثله العمل، وبدون العمل لا وجود لشيء، ولا قيمة لقول لا يخبر عن عمل، فالعمل أولا وبعده يأتي القول.
فانظروا إلى المدارس الابتدائية وعاينوا هيبتها العمرانية، ومطابقتها للمواصفات المعاصرة، وبعدها تحدثوا عن أنظمة الحكم في بلدانها.
إن المدارس تنطق بصوت عالٍ ومتكرر، وتخبرنا عن هوية وطبيعة أي نظام حكم في أي بلد.
ولتكتب أقلامه، وتخطب وعاظه على منابر الدجل والبهتان والتضليل، فالأواني تنضح بما فيها، وكل مآل من فعل حال، وإن المدارس بودقة يتبرعم في أروقتها المستقبل!!
واقرأ أيضاً:
التنقيص والتعويص!! / المفردات اللغوية والحياة!! / يوسف إدريس الكاتب الطبيب!!