"أكلت يوم أكل الثور الأبيض"
قصة هذا المثل معروفة، ويختصرها البيت الشعري التالي للمهلب بن أبي صفرة:
"تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا ... وإذا افترقن تكسرت آحادا"
الحياة موقف ومبدأ، وعندما تتجرد منهما تتحول إلى مائدة لافتراس مَن فيها، فالذي يتنازل عن أخيه وصاحبه للنجاة بنفسه يكون قد وقّع على شهادة القضاء عليه فيما بعد.
وهكذا عندما تنازل الثوران الأسود والأحمر عن الثور الأبيض، تم افتراسهما بعد ذلك من قبل الأسد الذي خدعهما حسب ما جاء بالقصة الرمزية ذات الدلالات العميقة.
هناك مثل شائع في بعض مناطق البلاد مفاده "أسلَمْ بريشي"، أي أنجو بنفسي، ولا ينجو أحد إذا خان الجماعة، وتوهم بأنه بتقديمه لغيره كقربان سيحافظ على سلامته.
وما يجري في بعض المجتمعات المنكوبة بكل شيء، أن أفرادها "كلمن يكول يا روحي", و"يا روح ما بعدج روح"، وفي النتيجة يجد نفسه في طابور انتظار الفناء الأكيد.
وعلى هذا المنوال ينضب وقود الاقتدار على المقارعة والتحدي والانتصار.
وعندما يتعرض فرد من الجماعة لنائبة، "الكل تضم رأسها"، ولن تجد صوتا جماعيا موحدا، مما يستدعي الخصم أن يتشجع على أكل الجماعة فردا فردا.
إنها قوانين الغاب، فالأسد لا يتمكن من الثيران المجتمعة، ويقضي عليها واحدا بعد الآخر حين تفرقها، ونكرانها للروح الجماعية التضامنية التي تحمي القطيع من صولات المفترسين.
تلك حقائق التفاعلات المجتمعية في المدن والبلدان المنكوبة، المبتلاة بالذين لا يمتلكون الإرادة الغَيْرية، والغاطسون في دنياهم الذاتية وأنانيتهم الشديدة.
فهل للأمة أن تترجم "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا"؟!!
واقرأ أيضاً:
أكلت يوم أكل الثور الأبيض / الانحطاطية!! / جمال المُغيَّب!!