سفك الدماء غريزة متأصلة راسخة في أعماق البشر، وبرغم السلوكيات الجانبية المتنوعة القاضية بقتل المخلوقات الأخرى بصيدها ونحرها وسفك دمائها، لكن البشر يبقى متعطشا لسفك دماء أخيه، لشعوره بالحياة وبوجوده وقوته عندما يقتل البشر، تحت شتى المسوغات والمبررات التي تهدف إلى هدر الدم.
إنها حاجة ملحة وقوية، لا تقمعها ما يسفكه من دماء المخلوقات الأخرى، ولهذا فالحروب متواصلة منذ الأزل، ولن يهدأ أوارها مهما توهمنا بتقدم حضاري وارتقاء سلوكي، فهذه الغريزة لا يمكن تهذيبها وتطويعها مهما حاولنا.
وقد عجزت الأديان عن ترويضها، بل أن الكثير منها جعلت في منطلقاتها ما يساهم بممارستها وفقا لتخريجات مروعة وفتاكة، ولهذا فالأديان ساهمت بأعظم سفكٍ للدماء، فهي التي قتلت من البشر ما لم يقتله أي سبب آخر غير الدين.
ولا يشذ دين عن دين في سلوك سفك الدماء، ولا يوجد دين يخلو من آليات سفك الدماء، والحث على القتل الشديد باسم ما فيه من المنطلقات.
وفي زمننا المعاصر المدجج بأسلحة فتاكة صار السلوك يمتلك قدرات تدميرية أكبر، ومهارات سفك للدماء لم تعهدها البشرية من قبل، فالبشر لا يكتفي بالقتل الخالي من لون الدماء، وإنما يريد دما مسفوحا ليرضي رغباته الشريرة، ويحقق إرادة أمّارات السوء التي فيه.
"أتجعل فيها من يسفك الدماء...."
ولذلك فالذين يتمنطقون بالرحمة والألفة والأخوة الدينية هم من الواهمين الساذجين، فحتى الدين يقتل المنتمين إليه بأسباب يختلقها ويحقق تلك الرغبة الدموية فيها، فكم قتل المسلمون من المسلمين، وكذلك المسيحيون من المسيحيين، وغيرها من أديان البشرية، التي تجد الأعذار والمبررات لقتل المنتمين إليها، بحجة وأخرى، ينطلق بها مَن تمكن من التعبير عن عاهاته باسم الدين.
والأمثلة لا تعد ولا تُحصى، ونجدها واضحة في عالم اليوم، كما هو حاصل في مجتمعات المسلمين، التي تحولت إلى مجاميع متناحرة وأحزاب متناثرة، القاتل فيها ينادي ألله أكبر والمقتول يقول أشهد أن لا إله إلا الله محمدا رسول الله، وتلك مأساة دين بدين، وغضبة نفس شريرة على عقلٍ ودين.
فهل سيتمكن البشر من ردع سلوكه المشين؟!!
وهل سيرتقي إلى بعض إنسان لتتحقق السعادة ويعم السلام؟!!
واقرأ أيضاً:
(رجل دين)!! / المُستعبَدون بالنص الديني!!