إسرائيل وغزة بين مشروع الطوق والطريق: طريق الهند الجديد
من يملك الاقتصاد يملك العالم والحروب غايتها الأولى بالعصر الحديث هو السيطرة الاقتصادية على العالم فمنذ عقد من الزمن طفى الصراع الصيني الأمريكي على السطح وكان بجوهره خلاف على النفوذ الاقتصادي بالعالم والهيمنة على الأسواق الاستهلاكية والتي يمثل العالم العربي والإسلامي أهمها من خلال تغيير نوعية الاقتصاديات بسياسة التجارة الحرة والشركات المتعددة الجنسيات والشركات العابرة للقارات والتي أظهرت جشع الرأسمالية الأمريكية وخطأها القاتل بالقرن الماضي عندما اتبعت سياسة نقل الشركات لأرض الصين بدل جلب العمالة الصينية لأمريكا الأمر الذي وفر لها أرباحا مضاعفة من حيث أجرة العمالة وتكلفة الإنتاج بتوفير قرابة ثلثين تكلفة السلعة حيث تكون بقرب الأسواق الخام للمواد الأولية بالصناعة
ولكن ذلك استغله الصينين بعد عقود بتطوير صناعتهم واقتصادهم وتحولوا إلى مارد اقتصادي من خلال استغلال ثغرات الرأسمالية الجشعة حتى أصبحوا مهيمنين على السوق العالمية فبدأت أمريكا حربها العلنية منذ قرابة عقد من الزمن بعد إعلان الصين مشروع الطوق والطريق لربط الصين بالعالم اقتصاديا عبر طرق تجارية متنوعة بريا وبحريا في حال تعرض مضيق الملقا الذي تمر منه ثلثين تجارتها للحصار والخنق وتجلى حربها بأمرين أساسيين أولهم محاولة إعادة تجربة إحاطة الشيوعية السوفياتية بجدار الدين نهاية السبعينات من خلال إظهار اضطهاد الصين الشيوعيين لمسلمين الإيغور وبالتالي المقاطعة التجارية للصين بأسواق المسلمين كونهم أهم الأسواق الاستهلاكية وربما إعادة تجربة المجاهدين العرب وفتوة السبعين عالم والثاني بإطلاق مشروع بايدن أو ممر الهند الجديد وإحياء مشروع بن غوريون أو قناة العقبة الذي ولد ميتا بالستينات بسبب التكلفة المادية والظروف اللوجستية وغياب الجدوى الاقتصادية حينها ولكنه اليوم مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية التي حصلت بالعقود والسنوات الأخيرة وخاصة اندلاع الربيع العربي والذي يهدد وجود اسرائيل بخروج دول الطوق الخمسة عن السيطرة والذي كان يعتبر أهم ركيزة لاستمرار بقاء اسرائيل فإن هذا المشروع أصبح قابل للتنفيذ بل بقلب صفقة القرن وبدأ العمل عليه منذ مطلع هذه الألفية
وحسب توصيات معهد راند وأهمها دعم الأقليات ذات الحمولة القيمية السلبية ضد العرب لتمزيق المنطقة واختراق الشعوب الباحثة عن الحرية وتجلى ذلك بدعم الحوثيين باليمن والذين كانوا يشكلون نصف بالمئة مطلع هذه الألفية واليوم يحكمون اليمن واختراق المقاومة الفلسطينية بإيران وتسليم العراق وسورية ولبنان لإيران بظل التخادم الصهيوني الإيراني الأمريكي والذي نرى ثماره اليوم بخذل المقاومة الفلسطينية وتركها لقمة سائغة للصهاينة وذلك لإنهاء أي مقاومة بغزة وتحويلها لمنطقة عازلة وذلك لضمان أمن قناة العقبة أو بن غوريون والتي تعتبر جزءً أساسيا من ممر الهند الجديد الذي يضعف الصين اقتصاديا ومشروعها الحزام والطريق ونقل الشركات والمعامل الأمريكية من الصين للهند والتي تعتبر ثالث قوة اقتصادية عالميا حاليا هذا المشروع يتم العمل عليه منذ سنوات وهو مشروع بمثابة وجود لإسرائيل بالمنطقة قبل أن يكون مشروع اقتصادي لإسرائيل وأمريكا وهذا المشروع سيجعل إسرائيل مركزا مهما للتجارة بالمنطقة وسيسحب البساط دوليا من تحت الصين وإقليميا من تحت تركيا وإيران وعربيا من قناة السويس وسيصب بمصالح دول أخرى كالأردن وبعض دول الخليج الذي يمر منها المشروع وسيمهد لاندماج إسرائيل بالمنطقة اقتصاديا وسياسيا
ويعتبر إنهاء أي أثر للمقاومة بغزة والذي يزعج طريق الحرير الجديد أو قناة بن غوريون خطوة أولى بصفقة القرن غايته جعل مفتاح اقتصاد المنطقة بيد إسرائيل لوجستيا وبالتالي إضعاف مصر اقتصاديا في حال خرجت عن السيطرة وكذلك إضعاف سوريا في حال انتصرت الثورة أما بالنسبة لإيران وتركيا فهما لديهم مشروعان لا يقلان خطرا عن المشروع الصهيوني وهم يرون بكسر شوكة العرب هدف مشترك لديهم وبداية لمشاريعهم فالمشروع الصهيوني من النيل للفرات يرى بتمكين المشروع الطوراني التركي والإيراني الفارسي يسرع بإنجاح المشروع الصهيوني كون هذان المشروع يعملان على تغيير بنية وعقيدة الإنسان وجعله قابل للاستعمار الخارجي ويأتي المشروع الصهيوني بقطف الثمار وإقصائهم فالتحالف التركي الإيراني من أجل تدويل الحج وبالتالي إنهاء آخر قلعة بيد العرب السنة والمتمثلة بمكة والمدينة كون الأقصى تحت هيمنة الصهاينة وإقامة تركيا وإسرائيل علاقات تبادل تجارية قوية بينهم علاوة على العلاقات بين تركيا وإيران وكلا المشروع التركي والإيراني يعملون على تبعية العرب لهم كي يكونوا الوكيل الرسمي لهم وورقة بازار عند الأمريكان والصهاينة كما هو حاصل اليوم بالشمال السوري وليبيا والعراق واليمن وو... وذلك من خلال دعم الأحزاب والطوائف الدينية التي تتماشى مع مشروعهم وتمكينهم من خلال الدعم الاقتصادي ومنحهم المنابر الإعلامية وتهيئة الظروف المناسبة لساعة الصفر وتغيير أنظمة المنطقة لصالحهم أو يكونوا ورقة بازار على الطاولة...
والمؤسف أن هذه المشاريع الثلاثة تمشي بسرعة خيالية بظل غياب المشروع العربي الإسلامي ودعشنة وشيطنة أي نضال عربي سني والسكوت عن إجرام الميليشيات الإيرانية والصهيونية بالمنطقة لكسر المناعة الدفاعية للعرب ليكونوا العرب لقمة سائغة أمام هذه المشاريع واختار بعض العرب مشروع بايدن أو ممر الهند الجديد كونه أخف الضرر عليهم وعلى أنظمة بلادهم من المشروع الطوراني الإيراني والذي للأسف يلتقي اقتصاديا مع المشروع الصهيوني
والسؤال هل الصهاينة سيتخلون عن تحالفهم مع إيران وتركيا بالمنطقة ويرضون بالعرب بديلا اقتصاديا وسياسيا في ظل موت مشروع حل الدولتين ورفض حتى السلطة الفلسطينية ببسط نفوذها على غزة بدل حماس!!!
فويل للعرب من شر قد اقترب...
و\قرأ أيضًا:
السيكولوجية الفطرية للجندرة النيو- أنثويات1 / سيكولوجيّة التضحية وأزمة الحداثة وعلم النفس