الفص الجبهي Frontal Lobe هو ما يميز الإنسان عن بقية المخلوقات الحية وتقدر مساحته بثلث المساحة الكلية للقشرة المخية. يمكن تقسيم مناطق الفص الجبهي وظيفياً إلى خمسة مناطق وهي:
١- المنطقة الحركية الأولية Primary Motor Cortex.
٢- قشرة الارتباط الحركية Motor Association Cortex وهي تتكون من منطقتين القشرة القبل الحركية Premotor Cortex والمنطقة الحركية التكميلية Supplementary Motor Cortex.
٣- نطاق العين الجبهي Frontal Eye Field.
٤- منطقة بروكا Broca’s Area.
٥- القشرة قبل الجبهية Prefrontal Cortex.
هذه المناطق لو تمعنا فيها جيداً فهي تمثل أداء الإنسان اليومي من ملاحظة ما يحدث، فعاليته الحركية، الكلام، وأخيراً تنفيذ المهام المعقدة عن طريق القشرة قبل الجبهية الأمامية. القشرة قبل الجبهية الأمامية تتحكم بشخصية الإنسان وسلوكياته اليومية، وظائفه المعرفية، التخطيط الحركي، ذاكرة العمل Working Memory، وأخيراً اتخاذه القرار. كل ذلك يتم بوعي الإنسان، وجميع مهارات الإنسان يتم التعامل معها من خلال الفص الجبهي.
تم اقتراح عدة نظريات حول وظائف القشرة قبل الجبهية حيث إن هذه المنطقة تلعب دورها الحيوي في الفعاليات العاطفية، الاجتماعية، التحفيزية، الإدراكية وغيرها. الانتباه، ذاكرة العمل، واتخاذ القرار من الوظائف المعرفية الشائعة التي تتم من خلال القشرة المخية الأمامية ويتم الإشارة إليها مع استعمال مصطلحات مختلفة في أدبيات العلم والأدب مثل الوظيفة التنفيذيةexecutive functions. ، التحكم المعرفيcognitive control ، التحكم من أعلى إلى أسفل top-down control ، المجموعة التحضيرية Preparatory set ، والتحكم المثبط Inhibitory control.
يتم تقسيم القشرة قبل الجبهية إلى:
١- المنطقة الوسطية Medial Prefrontal Cortex وعطل هذه المنطقة يؤدي إلى ما يسمى بمتلازمة لا مبالاة Apathetic Syndrome حركيا، معرفياً، وجدانياً وعاطفياً ويختفي الاندفاع فيه تماماً.
٢- المنطقة الحجاجية الجبهية Orbitofrontal Cortex ، وهي المنطقة التي من خلالها يتم تحكم الإنسان بسلوكه الاجتماعي وأعراف المجموعة التي ينتمي إليها. مع عطل هذه المنطقة يميل الإنسان إلى سلوك تهوري في مختلف المواقف ولا يبالي بمشاعر الآخرين. يسقط الإنسان مسؤولياته على الآخرين ويتجنب المسؤولية تماما ويضاف إلى ذلك تراه يمسك ويتحسس كل ما يراه أو يحس به Environmental dependency Syndrome.
٣-القشرة القبل الجبهية الصدرية الجانبية Dorsolateral ويمكن تلخيص وظيفة هذه المنطقة بتنظيم الاستجابة الطوعية للطوارئ وهي أيضاً ما نسميه بالوظيفة التنفيذية.
هذه المناطق الثلاث في تواصل مستمر مع النوى القاعدية التي تتحكم في حركات الإنسان اللاإرادية ومنطقة المهاد Thalamus التي تستلم جميع الأحاسيس الداخلية والخارجية. كذلك تتواصل هذه المناطق مع الدماغ الحوفي عبر خلايا عصبية ناقلة لمختلف الناقلات العصبية الكيمائية.
الوظائف التنفيذية Executive Functions
مصطلح الوظائف (أو الوظيفة) التنفيذية الجبهية مصطلح يشمل عمليات مصدرها الفص الجبهي في الدماغ تتميز بتحكم معرفي إرادي ذي مستوى عالي. يمكن تصور هذه العمليات بجدول مثالي متسلسل لسلوك مركب لحل مشكلة معقدة وتتضمن ما يلي:
١- انتباه وتركيز الإنسان على عمله دون السماح لأي تدخل من أحاسيس وأفكار داخلية أو محفزات خارجية.
٢- مراقبة الإنسان لما يفعله.
٣- التثبيط السلوكي.
٤- تبديل المهام عند الضرورة.
٥- التخطيط.
٦- اتخاذ القرار.
هذه الوظائف في غاية الأهمية لجميع نشاطات الإنسان اليومية وترتبط بأدائه المهني والأكاديمي، تعامله مع من حوله من البشر، صحته البدنية، وصحته العقلية. ضعف هذه الوظيفة يؤدي إلى شعور الإنسان بالقلق وعدم قدرة السيطرة على مشاعره وبالتالي إصابته باضطرابات نفسانية. يتم استعمال مصطلح متلازمة عسر التنفيذ Dysexecutive Syndrome على اختلال هذه الوظيفة. هذا الاختلال الوظيفي يظهر بصورة واضحة في العديد من الاضطرابات النفسانية ومن أبرزها الفصام ويتم الإشارة إليه أحياناً بقصور الجبهية Hypofrontality. كذلك يوجد مثل هذا العجز في الاكتئاب الجسيم، اضطراب الثناقطبي، الوسواس القهري، عجز الانتباه فرط الحركة Attention Deficit Disorder and Hyperactivity ADHD ولكنه أقل ملاحظة عموماً مع اضطرابات القلق المختلفة.
هناك اعتقاد سائد بأن الأداء التنفيذي يتوافق ببساطة مع اختبارات حاصل الذكاء Intelligence Quotient IQ ولكن الأمر غير ذلك حيث إن هناك بعض جوانب الأداء التنفيذي أكثر ارتباطاً مع معدل الذكاء من غيرها ورغم أن هناك بنية تنفيذية موحدة لكل إنسان ولكن في نفس الوقت هذه البنية بحد ذاتها لا تخلو من التنوع.
الوظائف التنفيذية الأكثر دراسة من غيرها هي ما يلي:
١- تثبيط الاستجابة وهي القدرة على منع المحفزات التلقائية الداخلية أو الخارجية القوية التأثير على الأداء المهني أو التعليمي أو الاجتماعي.
٢- تحديث تمثيل ذاكرة العمل وهي القدرة على مراقبة المعلومات الواردة للتأكد من ملائمتها للمهمة المطروحة وبالتالي استبدال ما هو قديم بما هو جديد وأفضل.
٣- المرونة المعرفية وهي القدرة على تبديل المهام أو المجموعات العقلية Mental Sets التي هي في حيز الإنسان عند مباشرته بالتنفيذ.
يمكن صياغة الوظائف التنفيذية على ستة مستويات تتوازى مع أداء الفرد من الأسفل إلى الأعلى كالآتي:
١- المستوى الأول: الإرادة Volition وعند هذا المستوى يختار الإنسان المهمة التي هو بصدد تنفيذها والمبادرة بها منتبهاً إلى عاداته التي قد تعيق أداء المهمة وبحرص على كبتها. عسر الأداء التنفيذي في هذه المرحلة يتمثل بعدم مرونة التفكير وعدم وجود أفكار تساعده. في الممارسة المهنية يتم قياس ذلك المستوى باختبارات متعددة منها الطلاقة اللغوية وتفسير الأمثال وتمييز ما هو متشابه بين الأشياء.
٢- المستوى الثاني: التخطيط والذاكرة Plan and Recall حيث يتم استرجاع المعلومات والمهارات المختلفة ووضع خطة للعمل. العسر التنفيذي في هذه المرحلة يتمثل بعجز الذاكرة وسوء التخطيط. يتم الكشف عن العجز في هذا المستوى بدراسة ذاكرة الإنسان وقدرته على رسم مخطط يراه ورسم ساعة Clock Drawing Test.
٣- المستوى الثالث: البرمجة Program والعملية التنفيذية في هذه المرحلة هي برمجة الفعالية الحركية وعسر الأداء التنفيذي يتمثل ببرمجة حركية غير طبيعية ويتم دراستها سريريا بعمل برامج متبادلة ومتناوبة حركية بالإضافة إلى اختبار رسم ساعة.
٤- المستوى الرابع: التنفيذ Implement وفي هذه المرحلة يركز الإنسان على المهمة التي هو بصدد إنجازها بدون الانتباه إلى ما قد يشغله. في هذه المرحلة يتمثل عسر التنفيذ ببطء حركي تنفيذي ويتم الكشف عنه سريريا بدراسة سرعة الإنسان النفسانية الحركية Psychomotor Speed.
٥- المستوى الخامس: المراقبة Monitoring حيث يراقب الإنسان ما يعمله ويحكم على نجاح تنفيذه. عسر التنفيذ يتمثل بشرودية الإنسان ذهنياً Distractibility ويتم الكشف عنه سريريا بعمل اختبارات تكشف عن ميله إلى الغاء المهام وسوء اليقظة.
٦- المستوى السادس: الضبط والتصحيح Adjust وقدرة الإنسان على التوقف وضبط ما تم أداؤه. عسر التنفيذ يتمثل دوماً بظاهرة عجز الإنسان عن التوقف والتغيير رغم المثابرة.
مصادر للاطلاع:
1. Carlen M. What constitutes the prefrontal cortex. Science 2017; 358(6362): 478-482.
2. Jurado M, Rosselli M. The Elusive nature of executive functions: a review of our current understanding. Neuropsychology Review 2007; 17:213-233
واقرأ أيضًا:
الناصية قشرة المخ قبل الجبهية Prefrontal Cortex ق.ج(1-4) / الدماغ وجينات الاضطرابات النفسانية