اللغة أداة الكتابة بأنواعها، وجوهر الكلام، ولابد من إتقانها قبل الكتابة والخطاب، لأن في ذلك تواصل نفسي وفكري مع المتلقين.
والإتقان اللغوي من أهم مميزات التواصلات المعرفية في لغات العالم كافة، فلن تجد رمزا بارزا في ربوعها لا يتقن لغته ويخبرها، وينتقي مفرداتها بعناية، ويسبك العبارات بقدرة بلاغية مؤثرة.
فعندما يغيب الإتقان اللغوي، تنتفي الحاجة للغة، لأنها ستتحول إلى نشاط عبثي مجرد من الاتجاه الواضح المبين.
وبموجب ذلك لن تجد قائدا في مجتمعات الدنيا أخرق لغويا، والويل للرئيس إذا أخطأ إملائيا أو نحويا، فستتصدى له وسائل الإعلام وتهزأ منه وتلقيه في أسفل سافلين، ولهذا تكون الخطابات محبوكة بعناية ومدروسة بإحكام، ومحسوب تأثير مفرداتها على المتلقين.
أما في مجتمعات الأمة، فأول مَن يهين اللغة هم الذين يسمون أنفسهم قادة بأنواعهم، فما أكثر الأخطال اللغوية في خطاباتهم، ووسائل الإعلام تتغاضى عنها، وتقدمهم على أنهم على غير حقيتهم الجدباء.
فاللغة العربية أصيبت بأمراض متوطنة وسارية ذات وبائية عالية، لفقدان المراصد اللغوية المتيقظة المتأهبة للانتفاض بوجه ذوي الأخطاء اللغوية المريرة المتكررة.
اللغة هي اللغة أيا كانت أبجدياتها، وما يُظهرها هو العقل الذي يستخدمها، وإذا عزّت الأقوام عزت اللغات، ولا يلومن أحد أي لغة، بل العيوب كلها في أهلها.
لغتنا الجميلة معظمنا يعجز عن إتقانها، ويهملها، ويطلق العنان للسانه وقلمه، ليتخبط في عالم المفردات والعبارات المضطربة، والعجز على صب الفكرة في كلمات تليق بها.
وهذا الانحطاط التعبيري والتفاعلي مع اللغة من المخاطر الجسيمة التي تواجه المجتمعات المنكوبة بلسانها، وبمنطق الكراسي المغفلة الجاهلة المتحكمة بمصيرها، وقد أذعنت لآكليها، وتأسدت على المأكولين من أبناء بلدانها.
و"إن من البيان لسحرا"!!
واقرأ أيضاً:
لا مشروع بل خضوع!! / الأفق النووي!!