ما يلوح في واقع الأمة عندما ننظر بعيون أوسع وإحاطة أشمل، أن اللغة العربية بخير، رغم ما تعانيه من العثرات والتحديات، ومقالات السوء والبغضاء والدسائس المنتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي.
وعلى نهج الدعايات والإشاعات المغرضة، تجدنا نقرأ المقالة تلو المقالة عن اللغة العربية، والاقتراب منها وكأنها غريبة عن عصرها، وأن أهلها يريدون إحلال لغات الآخرين محلها.
نعم اللغة العربية تواجه تحديات، ولا توجد لغة في الدنيا لم تواجهها تحديات، وكأنها في معركة للحفاظ على وجودها، غير أن معظم لغات الدنيا لديها أبناء غيارى عليها، وقادة يربطون الانتماء الوطني باللغة، فالفرنسي لا يروق له أن تتكلم معه بغير لغته، وكذلك الإيطالي، أما الياباني فكأنه يحسب ذلك كفرا، إذا تكلم وتخاطب بغير اللغة اليابانية، وقس على ذلك العديد من شعوب الدنيا المهتمة بلغاتها، لأنها هويتها وذاتها وتراثها وتأريخها وكل ما يمت بصلة إليها.
وأمة العرب تواجه هجمة، والعلة ليست بالمهاجمين، وإنما بالأهداف المهاجَمة لأنها تذعن لإرادة التدمير الذاتي، وتتحول إلى أوساط خصبة لتمرير الإشاعات والدعايات المناهضة للغة العربية، فترانا نكتب بسلبية وعدوانية ويأس وإبلاس عن اللغة، وهذا سلوك لا يتوافق وإرادة الحياة وقيمة المجتمعات والشعوب، ودورها في البناء والرقاء.
فلا يصح أن نكتب عن السلبيات ونغفل الإيجابيات، ولا يصح في الأفهام أن نوهم الأجيال بأن اللغة العربية في مرحلة التحول إلى موجود منسي ومنهار.
اللغة العربية فيها الكثير من الإيجابيات والنداءات المعاصرة، والكتابة بها تنامت، والتخاطب تعاظم، وهي في مسيرة تقدم ورقاء، وليست في انحدار كما يراد لها أن تبدو.
فالمطلوب عدم النظر إلى اللغة العربية بزوايا حادة، وإنما بآفاق واسعة، وأن يمتنع أبناؤها عن الكتابة بيأساوية وخيباوية وكأنها تحتضر.
هذا أفك ورياء، واضطراب في الرؤية وتشوش لا يليق بأمة لغتها قادرة على قيادة ركب الحياة.
"لغتي وأفخر إذ بليت بحبها
فهي الجمال وفصلها التبيان
عربية لا شك أن بيانها
مبتسم في ثغره القرآن"
واقرأ أيضاً:
الشعر التربوي!! / العقائد لا تتقارب!!