إذا تأملت الثقافة الشعبية ستجدها ذخراً بالأمثلة التي تشير إلى ما يؤكد عنوان المقال!! فالمثل يقول "بصلة المحب خروف" و"الوصول إلى قلب الرجل يبدأ من معدته" ويقول أيضاً "ضرب الحبيب زي أكل الزبيب"!!!
وحين نحب أحداً نأكل في منزله ونقبل منه ما لا نقبله من غيره... وفي حياتنا اليومية نجدنا نسلك على أساس هذه الأفكار ومثيلاتها، فزميلتي المحبوبة أقول لها "إنت زي السكر،أو زي العسل"، أو أصفها بأنها "طعمة أو لذيذة"!! وإذا مشت في الشارع وعاكسها شاب مستواه الاجتماعي منخفض سيقول لها "يا لهطة قشطة..."، وإذا وجهها سمحاً سيقال أنه "كاللبن الحليب"... وإذا كانت تحصل من بعض الناس على مزايا لا يحصل عليها غيرها فيقال أنها لديهم "فرخة بكشك"!! فهم يفضلونها عن غيرها كما يفضلون الكشك -وهو أكلة مصرية معروفة- عن سائر الأطعمة.
كما أن العكس أيضاً موجود فإذا كنت تتضايق شخص ما ستقول عنه "لا ينزل لي من زور"، أو "لا أبلعه" أو ما شابه ذلك... وقد تلحظ الأم أن ابنها يتناول الطعام في بيوت من يحبهم من جيران وأقارب، وقد تنهار حين يرفض أن يتناول طعامها لأنها بذكائها الفطري تعلم أن رفضه للطعام يعبر عن رفضه لها... ويكون حل مشكلات تغذية الأطفال –في كثير من الأحيان- أن يطعم الطفل شخص آخر غير الأم أو أن تحاول الأم أن تحسن علاقتها بطفلها وتتقبله حتى يتقبلها ويحبها ومن ثم يحب طعامها!!
من ناحية أخرى يعد الطعام –عندنا في مصر- جزء أساسي عند الاحتفال بالأعياد... بل قد يكون الجزء الوحيد، لدرجة أن بعض الأطعمة والمأكولات قد اكتسبت أسماء جديدة نسبة إلى تلك المناسبات!! فنأكل "كحك العيد" في عيد الفطر، وفي عيد الأضحى نأكل "لحمة وفتة"، وفى ذكرى المولد النبوي نأكل "حلاوة المولد" (نسبة إلى مولد النبي صلى الله عليه وسلم)، أما إذا ما سألت أحد المصريين عن ذكرى عاشوراء قد تجده لا يعرف عنها سوى نوع من الحلوى التي تطهى بالمنزل ولها نفس الاسم "عاشورا"... وفي عيد الربيع أو ما نسميه "عيد شم النسيم" نتناول السمك المملح المشهور "بالفسيخ" والملانة (نوع من الخضراوات)... وحين تزور أسرتك في القرى ستجد إن أي مناسبة دينية يطلق عليها موسم ويهتم الجميع بأكل اللحم في تلك المواسم!!
اقرأ أيضاً:
اضطرابات الأكل النفسية: التعريف/ مفهوم الأكل وآدابهُ في الإسلام/ الجوع والشهية ومعاملُ الشبع