أرسلت عاشقة فلسطين (28سنة، طالبة، الأردن) تقول:
كثيرا ما أسأل نفسي عندما أرى صورة لطفل هنا، هناك طفل بصورة عارية وآخر مع طفلة يقبلها وربما صورة لطفلة بوضع مثير................ أو صورة لطفل يحمل بيده سيجارة؟؟؟
أسأل نفسي هل يعتبر ذلك إقحاما للأطفال في مستنقع يغرق فيه الآباء؟؟؟!!!
أم هو تربية مباشرة لضمان جيل يعرف سر اللعبة منذ نعومة أظافره؟؟؟
أم هي حملة مقصودة لقحم براءة الطفولة في وحل الظلام في ظل غياب التربية من قبل الوالدين أو من يتولى الرعاية، لست أدري!!، بل وربما في ظل وجودهما الجسدي وغياب الذهن لهؤلاء، بل والأدهى من ذلك أننا قد نرى أبا يضع سيجارته بفم طفله ويضحك متباهيا برجولة ابنه غير المسبوقة، وأسئلة حائرة ينتابها القشعريرة والخوف عند رؤية الأهل يتعاملون بسذاجة مع بعض الأغاني المقدمة للأطفال، وهم يتراقصون طربا لها وهي معده خصيصا لإتلاف طفلهم قبل نضجه ولا تحتوي على أي مضمون بل هي جمل ركيكة تستهين بعقلية الطفل، لست أدري كيف أصف شعوري عندما أحس بالأهداف التي تطويها؛ وسأسميها حملة لترويج الطفولة وإقحامها في مستنقع الكبار.
قد يظن البعض أنني أهول الموضوع لكن بالله عليكم تأملوا تلك الصور والأغاني والكليبات التي تقدمها فنانة هنا أو هناك فلا بد لكم أن تصلوا إلى ما وصلت إليه، قد يقول البعض أنها صور بريئة، صدقوني ليست كذلك خاصة ما يتناقله الشباب على البلوتوث وما ينشر على الإنترنت من صور إباحية تروج لجسد الطفل وكأنه سلعة؟؟؟!!.
إن ما أثارني ودعا قلمي إلى الكتابة بل ربما صعقني أيضا السطحية التي نتعامل بها مع تلك الصور، ففي أحد المحاضرات التي شاركت في عرضها إحدى طالبات قسم تربية الطفولة استخدمت صورا لأطفال لتزين عرضها وكان من بين الصور طفلا عمره سنتان يضع بفمه أرجيلة ويمسكها بيده؟؟؟؟؟، هذا ما نعلمه إياه منذ صغره فماذا سنتوقع منه في كبره؟؟؟؟، لست أدري؟! ولكني متأكدة أن ما نزرعه اليوم نحصده غدا وهذا ما أخشاه!!!!!!!
رد الدكتور مصطفي السعدني:
الأخت العزيزة عاشقة فلسطين...... تحية طيبة، وأهلا ومرحبا بك على موقع مجانين.
أختي الطيبة أتفق معك في أننا نسيء معاملة أطفالنا بمنطقتنا العربية، وأن الكثيرين منا كآباء وأجداد لا يعرفون أبسط القواعد التربوية عن تربية الأبناء، وكما يُقال: فاقد الشيء لا يعطيه، والمحصلة بالطبع هي أجيال ضائعة غير مُنتمية مُقلِدة ومنساقة وراء الغرب في توافه الأمور.
ماذا تنتظرين من أب عاطل وجاهل وبالرغم من ذلك لديه مال وصحة؟!!!، أو أب فقير ومطحون في عمله ليل نهار ليوفر أساسيات العيش لأسرته ولكنه لا يستطيع توفير أساسيات الحياة لهم غالبا؟!!، أو أب مغترب ببلد بعيد عن بلده الأم وبعيد عن زوجته وأبنائه معظم العام ليوفر لهم أساسيات العيش؟!، وماذا تنتظرين من 2 مليون أرملة بالعراق مسئولات عن أطفال وأسر كبيرة وصغيرة بلا عائل؟!!، والأدهى من كل ذلك وجود أكثر من 2 مليون طفل مشرد بالشوارع في بلد عربي كمصر.
ورغم غنى منطقتنا بالخامات الأولية التي تتنازع الدول الكبرى السيطرة على تلك الموارد الطبيعية النادرة فقد صدر حديثا تقرير الأمم المتحدة بتدني مستوى التعليم في البلاد العربية وبصفة عامة؛ وبالتالي تدني مستوى التربية في المدارس والجامعات العربية؛ وهذا يعني أن النشء العربي لا يحظى بتربية ولا تعليم جيدين؛ لا في إطار الأسرة، ولا في إطار المؤسسات التعليمية!!.
وبناء على المعطيات السابقة فقط –وهناك من المعطيات ما هو أدهى وأنكى وأمر– نستطيع أن نتصور مستقبل وشكل الأجيال القادمة في منطقتنا العربية وفي عالمنا الإسلامي ككل، ولقد ذكرت أنت صورا مخففة لسوء التربية، ولم تذكري الصور المفجعة للإساءة للأطفال والموجودة بالفعل في منطقتنا وسأذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
- قيام بعض الآباء أو الأمهات ببيع أبنائهم وبناتهم في مقابل مبالغ زهيدة من المال!!.
- انتشار إدمان المخدرات والمنشطات بين الأطفال والمراهقين.
- انتشار الشذوذ الجنسي بين المراهقين والمراهقات وذلك قبل أن يعرفوا الممارسة الطبيعية الفطرية التي فطر الله الناس عليها!!.
- تفشي زنى المحارم بصورة مفجعة بين المراهقين والمراهقات والمختلين من الكبار أحيانا، وهذا أمر مزعج لعقلاء مجتمعاتنا.
- زيادة عدد الأطفال في دور الأيتام نتيجة لحمل السفاح لبنات الشوارع المُشردات.
- اعتداء بعض الآباء على أبنائهم وبناتهم ضربا وحرقا بقسوة ولدرجة الموت أحيانا.
هذا غيض من فيض مما يعانيه أبناء أمتنا من سوء تربية وسوء تعليم في أجيالنا الحالية.
وأرى أن أفضل الحلول "المتاحة" لنا هي زيادة دور المثقفين والمتعلمين ومحبي الإصلاح من الراشدين الغيورين على حال أمتنا، وتفعيل دورهم في مجتمعاتنا، سواء بالكلمة الطيبة والتوجيه من خلال وسائل الإعلام المختلفة وهي كثيرة، وكذلك تفعيل دور أصحاب الأموال في منطقتنا لعمل دور للإصلاح وللأيتام وللمشردين من أطفال الشوارع، وتشجيع أصحاب رؤوس الأموال في استثمار أموالهم في بناء رياض الأطفال والمدارس والجامعات التي تدعوا بعض مناهجها إلى الأخلاقيات الوسطية الطيبة والنابعة من الفكر الديني المعتدل، حيث تعتبر منطقتنا مهدا للأديان السماوية المختلفة، هذا الفكر الديني الأخلاقي السمح المعتدل الذي صلح عليه أمر أسلافنا من مسلمين ومسيحيين وأحرزوا نهضة قادت البشرية في عصور الظلمات والجهل.
والغربي بطبيعته ومنذ فجر التاريخ يستطيع وحتى اليوم أن يفصل بين مشاعره الدينية ومنطق تسلط عقله على أموره الحياتية، وبالفعل قامت الحضارة اليونانية ومن بعدها الحضارة الرومانية على فكر الفلاسفة والحكماء، والغرب في عصرنا الحالي أيضا تسلط سلطان التقدم العلمي والتكنولوجي فيه على الروحانيات والأخلاقيات الراقية، أما نحن أهل الشرق وحتى اليابان والصين فلا تقوم لنا حضارة إلا بناء على توافر روحانيات وأخلاقيات تقود أهل المشرق للتقدم والرقي، سواء كانت تلك الأخلاقيات والروحانيات نابعة عن دين سماوي أو غير سماوي أو حتى أيدلوجية أخلاقية منظمة كما حدث في الصين مؤخرا، وأقول أيضا أن الرغبة في الإصلاح والازدهار والتقدم بصدق هي أساس من أساسيات نهضة أي أمة، وليس هناك إصلاح أهم من إصلاح النشء أخلاقيا ثم علمياً لأنهم نصف الحاضر وكل المستقبل.
أتفق معك ومع دعوتك أختي العزيزة للاهتمام بحسن تربية أبنائنا، وأن نكون -قدر استطاعتنا- قدوة لهم في الخير، وفقنا الله جميعا إلى تحقيق ذلك الهدف الجليل النبيل.
ويتبع >>>>>: لماذا نسرق البراءة في مهدها؟؟ مشاركة
اقرأ أيضاً:
.... حتى لا يشتري أطفالنا أدمغتهم!! / دراسة عن اثر الفضائيات على سلوك الطفل / كيف السبيل إلى الأبناء المصلين؟ / النظرية المحمدية وعلم السلوك(2)