خوف شديد ونوبات هلع من الحمل
أرجو منكم الالتفات لمشكلتي لأنني بحاجة ماسة إلى من يوجهني ويساعدني.
أنا سيدة عمري 34 ومتزوجة منذ 9 سنوات من اليمن. طفولتي كانت سيئة جداً، أب متسلط بشكل مخيف وأم لا تقوم بواجباتها كأم ولا حتى بالتربية والتوجيه، وإخوة متسلطون يضربون ويهينون على مرأى ومسمع من الأب والأم ولكن لا يتدخلوا وكأن الأمر لا يعنيهم!
في مرحلة المراهقة كانت كل أمنيتي أن أهاجر إلى بلد آخر ولا أرى وجه أي من أهلي مرة ثانية أبداً لكن شخصيتي كانت دائماً مهزوزة وأضعف بكثير من تحقيق أي شي.
لم أفلح في المدرسة، تخرجت بعد تعب ورسوب فكان أبي يحبسني في غرفتي لكي أذاكر ويوكل أختي الكبيرة لمراقبتي وفصل الكهرباء عن غرفتي إذا مرت ساعة معينة ولم أنام!.. وإذا ذهبت إلى الحمام وتأخرت يدق علي الباب ويأمرني بالخروج فوراً.
يهينني ويحرجني كثيراً أمام الجميع والغريب أني أنا الوحيدة التي يعاملني هكذا!
وكنت أصلاً أكره الذهاب إلى المدرسة بسبب عدم قدرتي على التعامل مع الناس وبسبب شكلي الغير مناسب من ثياب قديمة ومتسخة ومقطعة، ليس من فقر والحمد لله وإنما من الإهمال وعدم إهتمام أمي، فدورها كان فقط للشتم والإهانة فقط لا غير. وفي الجامعة نفس الشيء لم أتخرج إلا بعد طلوع الروح لكن بدأت أتغير للأحسن قليلاً من ناحية النظافة واللبس. فتعلمت من الزميلات كيف أشتري ثيابي وكيف أهتم برائحتي وشكلي.
منذ بلوغي لم تنتظم عندي العادة الشهرية أبداً، فبدأ أبي يسحبني من طبيب إلى آخر وكانوا يشخصوا حالتي بتكيس المبايض PCOS وكانوا ينصحوننا بعدم عمل أي شي بالذات قبل الزواج، لكن أبي كان مصمم أن يجد علاج.
تقريباً وعمري 14 سنة، وقعنا مع طبيبة أردنية وصفت لي علاج كلوميد وهو منشط للمبايض ولا يوصف إلا للمتزوجات اللآتي يردن الحمل!!! مما أدى إلى تضخم في كيس إحدى المبايض ولزم استأصاله جراحياً. وهذه العملية التي دمرت حياتي ومستقبلي، كنت أبكي وأرجو أن يتركوني بحالي لكن سحبني أبي إلى المستشفى كما يسحب الجزار البهائم!! بلا أي رحمة لبكائي ورعبي ورجائي. كما كان يسحبني وأنا طفلة إلى طبيب الأسنان وأنا أبكي وأصرخ وهو مرة يضحك علي ومرة يصرخ في وجهي ويرعبني أكثر.
أجريت لي عملية إزالة الكيس مع كشط للمبايض كما قالت الدكتورة، الألم الذي عشته من هذه العملية كان كأنه يشبه الموت! ألم لا يحكى ولا يوصف وأذكر معاناتي ولازلت أعيشها وأحلم بها إلى يومنا هذا!
تزوجت والحمد لله من رجل طيب وصبر علي واحتمل مني الكثير لأني إنسانة غير طبيعية لا نفسياً ولا جسدياً، صارحت زوجي قبل الزواج بعمليتي وأنها من الممكن أن تؤثر على موضوع الإنجاب فقال إنه لا يهتم لهذا الأمر.
كنا نحب بعضنا جداً إلى أن جائت أمه للبيت لتتقدم لأهلي ولم أعجبها بسبب مرض التكيس فجسمي كان ممتليء وبطني منفوخة قليلاً ولكن لم يكن شكلي سيء أبداً، فقد كان طولي 160 ووزني 60 بالإضافة إلى أني والحمد لله ملامحي جميلة وبيضاء البشرة، لكن لم أعجبها كما قالت وأهانتني أمام أمي وقالت لا أريد أن أزوج ابني لهذه السمينة.
وطبعاً بسبب كره أمه لي بدأ هو أيضاً بالتغير في معاملتي بعد عقد القران شعرت أنه ندم، فكان أحياناً ينظر لي بنظرة اشمئزاز ويسألني: (ليش بطنك هكذا)!! بعد أن كان من قبل ينظر لي بنظرات كلها حنان وحب.
المهم تزوجنا وذهبنا إلى بيتنا المنفصل عن أهله بعد أن اشترطت ذلك مما زاد في كره أمه لي، كانت تعبي رأسه كثيراً وأنا مؤمنة أنها هي سبب معاملته السيئة لي.
منعني من العمل، ومن الخروج بدونه، ومن حتى الكلام مع صديقاتي في التليفون! وأنا مثل الغبية لم أكن أرفض له أي طلب فلم يكن هناك أي شخص لينصحني أو يوجهني. عشت معه 5 سنوات كان يعاملني فيها معاملة سيئة جداً وأيضاً العلاقة الجنسية كانت سيئة جداً وصادمة ولا تشبه أي شيء مما قرأت وسمعت، كان يهتم بنفسه ورغبته فقط. وأحياناً يعيب على جسمي أثناء العلاقة ويعاملني مثل الحيوانة ويحصل على ما يريد في أي وقت يريده بدون أي مراعاة لرغبتي أو شعوري، وكنت أبكي بعد كل لقاء بحرقة فظيعة وهو لا يدري.
لكن كنت أحبه بجنون وليس لي أي غنى عنه هو إنسان طيب رغم عيوبه فكان يحتضنني دائماً والحضن ينسي المرأة كل مرارة في حياتها، وكان يعاملني أحياناً مثل ابنته يشتري لي ألعاب وشوكولاتة، ويشتري لي كل حديث من أجهزة إلكترونية وباختصار كل ما حرمت منه في بيت أبي، وجدته عند زوجي وبكل محبة وسخاء.
بعد 5 سنوات سافرت أمه لتعيش في مدينة أخرى، ومن هنا تحسنت معاملته لي بشكل كبير وملحوظ، بالرغم أنني خلال هذه السنوات زاد إحباطي وكرهي لنفسي وزاد وزني إلى 95، إلا أنه توقف عن المعايبة والإهانة ومقارنتي بالغير.
الآن مرت 9 سنوات على زواجنا، وعلى مر السنين طبعاً تغيرت مطالبه وقل انجذابه لي إلى أنه أصبح يقضي يومه كامل خارج البيت بعد أن كان لا يخرج تقريباً أبداً ولم يعد يقربني إلا مرة في الشهر أو في الشهرين. وأصبح لا يبالي بي أبداً ولا كأنني موجودة، وقطع عني المصروف نهائياً، ويأخذ مني المصروف الذي يعطيه لي أبي.
صحيح أن وزني زائد، لكني أهتم جداً بنظافتي ورائحتي وشعري وشكلي وكل شي، وأحياناً كثيرة أتقرب منه واطلب منه العلاقة لكن مع الأسف يعملها بنفس الطريقة وبدون أي نفس.
خلال هذه السنوات أبي العزيز بنى عمارة وأعطى لكل من بناته شقة فيها وسكنا جميعاً في نفس العمارة، أنا وزوجي وأخواتي اثنتين مع أزواجهم وأولادهم، فقد كبر أبي في السن ويحتاجنا إلى جانبه ولم يعد متسلط وسيء الطبع كما كان. وخلال هذه السنوات، أخذني زوجي لطبيبة نسائية مرة واحدة طلباً في الإنجاب، فقالت أن بسبب عمليتي القديمة صارت عندي التصاقات وانسداد في الأنابيب ويتطلب الأمر فتح أو إزالة الإلتصاقات، مت من الرعب ولم أقدر على معاودة الزيارة.
العجيب في الأمر أنه ليس عندي ولا نقطة من غريزة الأمومة! وسعيدة جداً بهذا العقم! ولا أريد الإنجاب أبداً وحتى إن رأيت طفل مولود لا أشعر نحوه إلا بالاشمئزاز ولا أريده حتى أن يقترب مني!
عمري ما تمنيت أن أكون أم بالعكس طوال عمري أحلم بالحرية ولكن كما قلت كانت شخصيتي دائماً أضعف من أن أحقق رغباتي الحقيقية. وطوال هذه السنوات وزوجي حزين ويتمنى الإنجاب لكنه كان يقدر خوفي ورعبي من الذهاب للأطباء ولكن طبعاً ليس مقدر عدم رغبتي بالإنجاب.
قبل شهر كلمني زوجي أنه قرر ينجب بأي شكل وإذا أنا رفضت سيتزوج، وبسبب خوفي من فك الإلتصاقات اقترح إجراء عملية أطفال أنابيب. بالنسبة لي كل خيار أسوء من الآخر إما أحمل ويذبحوني للمرة الثانية وإما يتركني زوجي حبيبي من لا أقدر أن أعيش بدونه.
أنا أعرف أنه ليس مخطئ وأرفع له قبعة الاحترام على صبره على كل هذه السنين بكل عيوبي. عشت في جحيم الحيرة والخوف وفي الأخير ذهبنا إلى الطبيب وكنت كل يوم أموت ألف مرة من الخوف والكآبة فقد جاء اليوم الذي كنت أتجنبه وأخافه طول عمري.
وعملنا العملية وتداين زوجي بالمبلغ من أصدقاءه ومن الأهل وأثناء مدة العملية التي تستغرق شهر تقريباً، عاملني مثل الأميرة بكل الحب والحنان وحتى جنسياً، لأول مرة في حياتي أعرف معنى متعة! وهذا يدل على أن معاملته السابقة ليست عن جهل وإنما عن كره أو حب في الإهانة والمعاملة السيئة.
طوال فترة انتظار النتيجة كنت أحلم بكوابيس مخيفة وفظيعة وكلها تدور حول شق بطني والألم والبكاء وعدم القدرة على الحركة!
المهم طلعت النتيجة سلبية، انقهرت وبكيت على زوجي وعلى كسرة قلبه، لكن في قرارة نفسي حمدت الله وارتحت وشعرت أن جبل قد انزاح من على صدري.
الآن وبعد أسبوع من النتيجة زوجي يطلب مني إعادة العملية مرة أخرى، فقلت له من باب محاولة التخلص من إصراره، لقد قرأت عن خطورة العملية وأنها ترفع احتمالية الإصابة بالسرطان والعياذ بالله، فقال يجب أن نعيدها لأنه ليس من الممكن أن نعيش بدون أطفال. بغض النظر عن صحة هذه الدراسة أو عدم صحتها، فقد صدمني وكسرني لاستعداده التام على المجازفة بحياتي!
أعتذر جداً عن طول رسالتي لكن أردت أن تكونوا على علم بظروف حياتي.
الآن أنا لا أنام و لا أكف عن البكاء من شدة الخوف والرعب، إما يذبحوا بطني من جديد لأجل الولادة (لأن حسب توقعات الأطباء لا أمل من ولادتي بشكل طبيعي لأن وزني زائد وسيزيد مع الحمل ولأني مصابة بالتكيسات وبالتالي علو في مستوى السكر في الدم) وإما يتركني زوجي الذي هو نور عيني.
الآن أنا في منتصف الثلاثينات بلا عمل ولا خبرة عمل ولا قدرة على التعامل مع الناس، كيف يمكنني تكملة حياتي وحدي؟ وكيف أتخلص من الرعب ونوبات الهلع التي تمنعني من اتخاذ القرار الآخر؟ ما العمل؟ ما الحل؟
أرجوكم أفتوني في أمري.
مع العلم أنه لا مجال أبداً لزيارة طبيب نفسي، وشكراً جزيلاً وجزيتم كل خير
06/03/2015
رد المستشار
سيدتي
طفولة بائسة وقهر أبوي تتخلاها قمع وإذلال وسطوة إخوة، والآباء يبررون ذلك بالتربية. هل اللوم يقع على آبائنا وأمهاتنا، ونجد الجواب حاضراً لديهم! نحن هكذا تربينا. والنتيجة يدفع ثمنها الأبناء, وأنت خير مثال ياسيدتي.
منذ طفولتك حاولت أن ترسمي هدفك رغم الإهانات والضرب (يهينني ويحرجني كثيراً أمام الجميع والغريب أنني الوحيدة التي يعاملني هكذا!). استطعت أن تكملي دراستك كما ورد في رسالتك.
الخوف الذي ينتابك الآن هو خوف الطفولة الذي لا يزال ماثلا أمامك: خوف الأب، خوف الإخوة... خوف طبيب الأسنان (كما كان يسحبني وأنا طفلة إلى طبيب الأسنان وانا أبكي وأصرخ وهو مرة يضحك علي ومرة يصرخ في وجهي ويرعبني أكثر!), وخوف الألم الذي عشتي تجربته من جراء العملية التي خضعت لها (ألم لا يحكى ولا يوصف وأذكر معاناتي ولازلت أعيشها وأحلم بها إلى يومنا هذا!). على أثرها دمرت حياتك ومستقبلك كما ورد برسالتك.
وتمر الأيام وتتزوجي، حياة أسرية تخللتها مشاكل الحمة وانحياز الزوج لأمه، وتنفرج بعدها لتعود مرة أخرى. خوف من أن يتركك زوجك ويتزوج أخرى لتنجب له أطفال (قبل شهر كلمني زوجي بأنه قرر الإنجاب بأي شكل وإذا رفضت سيتزوج).
عملية أطفال انابيب, تلاها خوف ورعب وأحلام مزعجة (طوال فترة انتظار النتيجة كنت أحلم بكوابيس مخيفة وفظيعة وكلها تدور حول شق بطني والألم والبكاء وعدم القدرة على الحركة!). والطامة الكبرى أن النتيجة سلبية لعملية أطفال الأنابيب.
الآن أنت بين نارين: الرضوخ لطلب زوجك بإعادة العملية وخوفك من تجربة الألم والخوف (أنا لا أنام ولا أكف عن البكاء من شدة الخوف والرعب) إما يذبحوا بطني من جديد لأجل الولادة (لأن حسب توقعات الأطباء لا أمل من ولادتي بشكل طبيعي). صحيح أن نوبات الرعب مخيفة ومؤلمة وتعيق المرء كثيراً من اتخاذ قرارت حاسمة وتجعل المرء مرتبكا حائراً مشوشاً وخائفاً من اتخاذ موقف.
أين تكمن الخطورة في حالتك؟
1- كونك أُنثى تزيد من فرصة تعرُّضك لنوبات الهَلَع أو الخوف، أو إصابتك باضطراب الهَلَع.
2- طفولتك وإساءة المُعاملة، أو تعرَّضك لصدمة في الطفولة شكل خطورةً أعلى للإصابة باضطراب الهَلَع في وقتٍ لاحق من حياتك، وإصابتك باضطراب الهَلَع تكون أكبر.
3- طالما أنك تعاني من ضغوط نفسيَّة مُستمرَّة (عدم الإنجاب, فشل عملية أطفال الأنابيب, خوف من شق بطنك مرة أخرى, تهديد الزوج بالزواج من أخرى, استمرار تجارب الآلام السابقة) فإنَّك يكون لديك خطر مُتزايد لحدوث نوبات هَلَع أو اضطراب الهَلَع.
4- الاكتئاب كما هو واضح من رسالتك.
بما أن حالتك الآن لها علاقة مرتبطة بالحمل فتسمى قلق بسب حالة طبية (تأخر الحمل). فالقلق يشمل كل المصطلحات الطبية من خوف وفزع وهلع ورعب، وكل من هذه المصطلحات لها تعريف خاص لست بحاجة أنت للتعمق في ذلك.
كيفية المُعالجة
1- تُستعمَل الأدويةُ والمُعالجة النفسيَّة غالباً لمُعالجة اضطراب الهَلَع. والهدفُ الرئيسي لهذه المُعالجة هو تخفيف القلق، وتخليص المريض من أعراض نوبات الهَلَع. تُتيح المُعالجةُ الفعَّالة للناس العودةَ إلى حياتهم اليوميَّة الطبيعيَّة غالباً، دون خشية من حدوث نوبات أُخرى.
2- قد ينصح الطبيبُ المريضَ باستعمال أدوية، أو باللجوء إلى المُعالجة النفسيَّة، أو إلى مزيج منهما معاً. يجب أن يتعاونَ المريضُ مع الطبيب لتحديد الأدوية الأفضل لمُعالجة حالته.
3- المُعالجةُ النفسيَّة هي أُسلوبٌ آخر في علاج اضطراب القلق (الخوف, الهَلَع, الرعب, الفزع). وهي نوعٌ من الاستشارة، وتُدعى أحياناً "العلاج بالكلام". يُمكن أن تُساعدَ المُعالجةُ النفسيَّة المريضَ على فهم حالته بشكل أفضل، وتُعلِّمه أساليبَ التعامل معها. والنوعَ الرئيسيَّ من المُعالجة النفسيَّة الذي يُستعمل لمُعالجة نوبات الهَلَع واضطراب الهَلَع هو المُعالجة المعرفيَّة السلوكيَّة. تُساعد المُعالجةُ المعرفيَّة السلوكيَّة المريضَ على تغيير أنماط تفكيره التي تُثير نوباتِ الهَلَع. كما أنَّها تُساعد أيضاً على تغيير طريقة استجابة المريض للمواقف التي تُسبِّب الخوفَ والقلق. وهذا ما يُمكن أن يُساعدَه على الوقاية من النوبات في المُستقبل.
4- تعلُّمَ تمارين مُعيَّنة للتنفُّس وتقنيَّات الاسترخاء هي أيضاً جزءٌ من المُعالجة المعرفيَّة السلوكيَّة. قد يطلب المُعالجُ من المريض في أثناء جلسات المُعالجة مواجهةَ أفكار أو تخيُّل مواقف تُسبِّب له نوبة الهَلَع. ويتيح ذلك للمريض تطبيقَ طُرُق في التغلُّب على خوفه في ظلِّ ظروف آمنة.
أنصحك ياسيدتي بأن تحاولي استشارة طبيب، حاولي زيارته.
أهمس في أذنك بأني قادر على علاجك من حالتك النفسية.... مجانا... لا تيأسي، كوني شجاعة واتخذي قرار المجئ. إن أحببت ذلك فسوف يعطيك الأستاذ الكبير وائل أبو هندي عنوان الطبيب الذي رد على رسالتك.
لك احترامي.