سب الدهر
السلام عليكم؛ قمت بتوجيه الجملة التالية "لماذا ترفضين أن تأتي معي يوم كذا؟ أهو يوم (ثم قمت بقول كلمة سباب)"
أنا أعلم جيدًا أن سب الدهر هو سبٌ للذات الإلهية _والعياذ بالله_ وكنت أعلم ذلك حين قلت هذا، ولكنني كنت غاضبة، ولم أكن أقصد الكفر _والعياذ بالله_.
أفيدوني أفادكم الله، فأنا أرتعب خوفًا. ماذا يجب علي أن أفعل؟
وهل هذا كفر مخرج من الملة حقا؟؟؟
25/06/2015م
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
ما بال تكفير النفس والغير أصبح موضة هذه الأيام؟!! وكأن الإرهاب لا يشمل الآخرين فحسب، وإنما يشمل النفس أيضًا!!
هل مصدر هذا عندك جهل بالحكم فحسب؟ أم وسوسة؟ لم تشيري إلى شيء يدل على الوسوسة، إلا أن عدم ذكرك للفظ السباب، شبيه برعب الموسوسين وتحاشيهم، ولا أجزم بذلك. كما لا يدخل المرء الإسلام إلا بعد التفكير والقناعة وعزم القلب على الإسلام، ثم النطق بالشهادتين والالتزام بما يترتب عليهما؛ كذلك الكفر لا يكون بكلمة تُلقى جزافًا دون قصد!
لابد من شيء منعقد في القلب يدفع لعملٍ ظاهرِ الدلالة على الكفر، أيُّ فعل أو قول لا يشك الإنسان أنهما يعبران عن اعتقاد كفرٍ ممن صدرا منه.
ورد النهي عن سب الدهر نعم، وبعدة روايات في صحيحي البخاري ومسلم، أحدها ما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تسبوا الدَّهرَ، فإنَّ اللهَ هُو الدَّهرُ))
وسأنقل لك قول ابن حجر الهيتمي في كتابه الزواجر عن اقتراف الكبائر في التعليق على هذا الحديث: (والذي يتجه في ذلك تفصيلا، وهو أن من سب الدهر فإن أراد به الزمن فلا كلام في الكراهة، أو الله - تعالى - فلا كلام في الكفر، وإن أطلق فهذا هو محل التردد لاحتماله الكفر وغيره، وظاهر كلام أئمتنا الكراهة هنا أيضًا لأن المتبادر منه الزمن وإطلاقه على الله - تعالى - إنما هو بطريق التجوز، ومن ثم قالوا في معنى الحديث: إن العرب كانوا إذا نزلت بأحدهم نازلة أو أصابته مصيبة أو مكروه يسب الدهر اعتقادًا منه أن الذي أصابه فعل الدهر، كما كانت العرب تستمطر بالأنواء وتقول: مطرنا بنوء كذا اعتقادًا أن فاعل ذلك هو الأنواء، فكان هذا كاللعن للفاعل، ولا فاعل لكل شيء إلا الله - تعالى - خالق كل شيء وفاعله، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم).
إذن لا يكون سب الدهر كفرًا إلا في حال قصد بالسب الذات الإلهية بالذات، أو لأنه يعتقد أن الزمن هو الذي يدبر الأحداث والأقدار لا الله سبحانه وتعالى، أي جعل الزمن شريكًا لله سبحانه؛ وما سوى ذلك من الحالات يكون سبُّ الدهر فيها مكروهًا فقط، لا حرامًا ولا كبيرة ولا كفرًا. وتعرفين أن الكراهة صفة لفعل يثاب المرء على تركه ولا يعاقب على فعله.
فأرجو أن تطمئني ويهدأ بالك، أنت وكل من وقع في فخ ممارسة الإرهاب على الذات.