وسواس قهري أم توهم مرضي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
بداية أشكركم على هذا التطوع والعمل الخيري العظيم وأتمنى أن تلقوه في ميزان حسانتكم يوم القيامة إن شاء الله.
أتمنى من الطبيب الرائع والمتميز والقدير دكتور "وائل أبو هندي" الرد على هذه الاستشارة إن أمكن وأتمنى أن لا أكون أزعجتك بذلك.
أنا فتاة في السابعة العشر من عمري مشكلتي أنني أعاني من خوف شديد على نفسي من أي مرض مهما كان بسيطًا وقد راجعت الطبيب الواحد بدون مبالغة أكثر من عشر مرات ولا زلت لم أرتاح أو أصدق أنني بصحة سليمة وأفكر أن الطبيب ليس محقًا وأذهب لغيره، كما أنني أنوي الذهاب لطبيب الأذن في الغد، وطبيب الدم بعد غد، وأفكر في الذهاب إلى الطبيب الجلدي في القريب العاجل.
ودائمًا ما أفكر في الموت؛ وقد تفاقم الأمر أكثر مما تتخيل حيث أنني أخاف حتى من لفظ كلمة الموت كثيرًا جدًا وأتجنب قولها قدر ما أستطيع وعندما أضطر للفظها أقرأ سورًا كثيرة من القرآن عدة مرات وأردد "والعياذ بالله، والعياذ بالله" أكثر من مرة، وأخاف خوفًا شديدًا من أن أمرض بالسرطان أو الإيدز والعياذ بالله.
بصراحة أشك في أنني أعاني من التوهم المرضي لكنني لست واثقة حيث أنني أشك أنه قد يكون وسواسًا قهريًا إذ أن أمي مصابة بوسواس النظافة وقد أكون ورثته عنها لأن بعض أعراض الوسواس القهري ظاهرة علي؛ ليس بالضروي وسواس النظافة لكن أعراض وسواس بشكل عام؛ فمثلا عندما أقرأ سورة معينة في عقلي أعيدها ما يعادل التسع مرات لكي أتأكد أنني قرأتها على نحو صحيح وإذا لفظت أحد الكلمات خطأ أو شَكَكْتُ في ذلك أعيد الكرة من جديد وهذا الأمر أرهقني جدًا.
كما وأن الأشياء البسيطة الغير متناسقة تستفزني بشدة فعلى سبيل المثال: وجود ثلاثة من الكراسي الغير مرتبة في خط مستقيم أو تبدو على خط متعرج تستفزني فألجأ إلى ترتيبها في خط مستقيم، أو مثلا وجود شيء على حافة الطاولة وعلى وشك الوقوع على الأرض يدفعني إلى أن أضعه في مكان مناسب ليس لقلقي عليه بل لأن مظهره استفزني. كما أنه قد ظهر علي العديد من العلامات المماثلة الدالة على وجود وسواس في صغري إلا إنني تغلبت على جميعها ومن هذه الأعراض أنني كنت لا أستطيع المشي إلا على نمط معين كلون معين من بلاط الأرض أو خطوة كل بلاطتين (مربعين). فإذا كان ما قرأته صحيحًا فما ذكرته أعلاه هي أعراض وجود وسواس قهري، والجدير بالذكر هو أنني لا أستطيع التغلب على أي من المرضين (الوسواس والتوهم المرضي) ومن المستحيل علي فعل ذلك وحدي دون دواء.
سؤالي هو: ماهو المرض الذي أعاني منه تحديدًا؟ وما هو الدواء المناسب لحالتي وعمري؟ وهل هذا الدواء سيؤثر على حياتي اليومية بأي شكل؟ وهل شفائي إن شاء الله مؤكد؟ وكم من الوقت أحتاج كي أشفى؟
وسؤال أخير إن أمكن: لقد راجعت طبيبًا ووصف لي الفافرين لكنه حتى لم يستمع لما أقوله؛ شخص لي أنه وسواس من مجرد قولي له أن أمي تعاني من الوسواس، وسؤالي هل هو مناسب لعمري وحالتي أم لا؟ سمعت أنه مناسب للاكتئاب أيضًا؛ فأنا أشك أنني أعاني منه؛ هل حقا يعالجه؟؟ وعلما أنني أعاني من الرهاب الاجتماعي وقرأت أنه يعالجه ولكن اختلف الأطباء في الأمر حسب ما قرات، فما رأيك هل يعالجه؟
آسفة جدًا على الإطالة وأتمنى أن لا أكون قد أزعجتكم وآسفة إن فعلت.
وشكرًا جزيلا.
4/9/2015
رد المستشار
الابنة الفاضلة "مجهول" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا لاستخدامك خدمة الاستشارات وعلى ثقتك وإطرائك ودعواتك الطيبة، كثيرا ما يكون اضطراب قلق المرض (أو اضطراب توهم المرض أو المراق وهي التسميات القديمة) جزءٍا أو عرضا من أعراض اضطراب الوسواس القهري ومن الواضح أنه كذلك في حالتك.
معرفة أن الوالدة مصابة بالوسواس القهري معلومة مفيدة لا شك، فرغم أن أعراضك كافية لتشخيص اضطراب وسواس قهري، لكن تفيد معرفة حالة الوالدة وأعراضها أثناء علاجك معرفيا وسلوكيا، ذلك أن أعراضها المرضية غالبا ما تكون مؤثرة في تشكيل مفاهيمك وسلوكياتك.
من المفيد لتعالجي أعراض الوسوسة بالأمراض أن تقرئي ما كتبناه في سبعة مقالات عن موضوع وسواس المرض على مجانين من المقدمة إلى فصل منع الانتكاس، كما يفيدك أن تقرئي الاستشارات عن أشكال وسواس الموت المختلفة وعن غيره من أعراض وسواسك.
عقار الفلوفوكسامين أو الفافرين هو أقوى عقاقير الم.ا.س.ا التي تستخدم لعلاج الوسواس القهري والاكتئاب وشتى اضطرابات القلق، وطريقة تأثيره واحدة هي أنه يقلل من حساسية المريض لأفكاره أو تزعاته وانفعالاته المرضية، فمثلا في حالة العلاج بالعقاقير فقط فإنك بعد استخدام هذا العقار وحده لفترة كافية (4-12 أسبوعا حتى يبدأ العمل في حالة الوسواس القهري) وبجرعة كافية (100 – 300 مجم يوميا) ستجدين نفسك أكثر قدرة على تحمل وجود ثلاثة من الكراسي غير مرتبة في خط مستقيم أو على خط متعرج دون أن تجدي نفسك مضطرة لترتيبها في خط مستقيم، وكذلك تكونين أكثر قدرة على وجود شيء على حافة الطاولة وعلى وشك الوقوع على الأرض......
كل هذا جيد لكن الأخبار السيئة هي أن التحسن باستخدام العقار سواء كان الفافرين أو غيره يبقى مهما بلغ قدره مرهونا بالاستمرار على العقار فإذا أوقفته فإن الأعراض في الغالبية الكبرى من الحالات تتسلل بالتدريج إلى حياتك مرة أخرى ويفترض أن يعلمك بذلك طبيبك وأن يبين لك أن الحل الأمثل والأنجع في منع الانتكاس بعد إيقاف العلاج هو العلاج المعرفي السلوكي.
ويتبع>>>>>>>>> : الثقة بالنفس : عوامل الهدم والبناء !