ضغط نفسي وشد على أطرافي
السلام عليكم: عندما أتذكر ذكرى سيئة أو أحس أني ارتكبت خطأ ما أقوم باالشد على أطرافي وأسناني. غالبا ما أقوم بالصراخ بأعلى صوتي ولكن في داخلي حتى لا يلاحظ الطرف الآخر أني متوتر. أقوم بسب نفسي وشتم الطرف الآخر ولكن بدون أن يلاحظ علي أحد.
أتظاهر أمام الناس أني إنسان طبيعي ولكن في داخلي بركان هائج وألوم نفسي على أتفه الأسباب وأسبها بمجرد أن يتبادر لذهني ذلك الخطأ. إذا كنت جالسا وحدي في البيت وتبادر لذهني خطأ أو تقصير أو ضعف أقوم بضرب جبهتي والصراخ فعليا بصوت عالي مع التلفظ بألفاظ نابية بحق نفسي.
أنا أعاني من الرهاب الاجتماعي لذا عندما أتذكر مواقف كنت بها ضعيف خائف من الظهور أمام الآخرين حتى ولو كانت تلك الذكرى قبل 15 عاما, أقوم بلوم وسب نفسي وأشد على أرجلي وأعصر قسمات وجهي.. من أجل نسيان ذلك الضعف والتقصير.
استرجاع الذكريات دائما حاضرا معي خاصة الذكريات السلبية والمواقف التي لم أحسن التصرف بها..
أتظاهر أني مركز مع الشخص الذي يتكلم معي ولكن أنا في واد وهو في واد بحيث أني لا أستطيع التركيز في الكلام الذي أسمعه. أتظاهر أني إنسان عاقل أمام الناس ولكني في داخلي أقترب للجنون شيئا فشيئا.
قبل عدة سنوات تعرضت لاكتئاب شديد بسبب مشاكل عائلية لدرجة كنت أحس وأنا أمشي أن الناس تراقبني وتنظر إلي وكنت أنتظر بفارغ الصبر الوصول للبيت للجلوس وحدي والبكاء.
منذ طفولتي كنت أسير لأحلام اليقظة كبرت وكبرت أحلام اليقظة معي. مثلا كنت أرسم في خيالي سيناريوهات أكون فيها البطل بحيث أجلب أنظار الناس لي أو مواقف أكون فيها أنا المظلوم أو الضحية.
في يوم ما قررت أن أكون إيجابي في الحياة وأن أتخلص من أحلام اليقظة كليا وذلك بكتابة معاهدة بيني وبين نفسي تنظم علاقتي مع أسرتي ومع الناس من حولي. كنت كل يوم أكتب إرشادات لنفسي وأكتب تعليمات حتى أتجنب أي خطأ محتمل أو حتى لا أقع في الخطأ مرة أخرى ومن ذلك أني كنت أكتب تعليمات وإرشادات عن أحداث قد تحدث في المستقبل أو أحداث حدثت معي حتى أني كنت أكتب تعليمات وإرشادات تجنبني الوقوع في أخطاء وقعت بها منذ زمن طويل. كل شيء كنت أدونه في معاهدتي من أحداث يومية واقعية أمر بها. مثلا قطعت عهد على نفسي أن لا أتحدث عن ذكرياتي أو أي أحداث تخصني حدثت معي في الماضي أو عن خصوصياتي، إذا أخطأت وتكلمت بأي من تللك المواضيع ألوم نفسي كثيرا وأشد على أطرافي وأسناني.
بعد ذلك حدث الانهيار... تكاثرت الأخطاء مع نفسي ومع الناس. زاد الشد وزاد التشتت وتخليت عن مبادئي المكتوبة في المعاهدة وأصبحت أتناول الطعام بشراهة لدرجة أني كنت أتناول وجبة العشاء 3 أو 4 مرات. وأيضا أصبحت شارد الذهن وكثير الصمت.
أحيانا تمر بي حالات من الهدووء والاستقرار النفسي ولكن إذا تبادر لذهني بشكل فجائي أي ضعف أو خطأ، أشد على يداي وأرجلي وأسب نفسي وإذا كنت لوحدي أعبر عن هذا الغضب باالصراخ الفعلي والشد على أسناني وضرب أحيانا جبهتي وأصير ألهث.
أعاني أحيانا من التعب والإجهاد والملل والضجر لدرجة أني لا أملك القدرة على الاستمرار في عمل شيء ما مثل قراءة مقال أو مشاهدة برنامج على التلفاز وغيره.
أعاني من الكوابيس والأحلام المزعجة المخيفة التي تتكرر دائما وأستيقظ أرتعش وأكون خائف جدا.
عندما أكون لوحدي، أتحدث مع نفسي وأصنع من نفسي إنسان آخر أناقشه نقاش موضوعي عقلاني ولكن ألاحظ أني خلال ذلك أتلعثم ويتكاثر اللعاب على لساني وتهرب الأفكار مني ولا أجد كلمات للتعبير عن هذه المشاعر وأحس أني لا أعلم شيء وغير مدرك تماما للوضع الذي أعيشه.
غالبا ما أتخيل نفسي أتحدث مع شخص آخر أعرفه بخصوص موضوع ما. أحاول أن أكون في هذا الخيال موضوعي ومنطقي وعقلاني حتى ولو كان الموضوع لا يستحق كل هذا وكأنني أحضر الأفكار والكلمات التي سأقولها.
عندما أتحدث فعليا مع أحدا ما، أتلعثم وأتردد في النطق وأتهرب أحيانا من الكلمات ويتشتت تفكيري لدرجة أني أحيانا أنسى بعض من الحديث الذي يدور بيننا.
تسيطر علي أفكار الزهد في الحياة فأنا لا أحب أن أمتلك عقارا أو أموال كثيرة. كل ما أريده العيش لوحدي في غرفة حياة الكفاف بهدوء بعيدا عن الاتصال المباشر مع الناس (أنا لا أكره الناس إطلاقا بل إني أتمنى الخير للجميع قبل نفسي، أحب خدمة غيري)، أكره أن آكل مالا حراما مثل الغش والسرقة والربا...
عندي رغبة عارمة في التخلص من الأشياء الغير لازمة أو الزائدة.. حتى ملابسي الزائدة أرميها أو أتبرع بها. أحب حياة البساطة في كل شيء.
الأفكار التي تأتيني ومن خلالها أشد على أطرافي وأسناني هي عبارة عن ذكرى سريعة حدثت معي إما على شكل (صورة تتصور في ذهني) أو على شكل (صوتي أنا أسمعه في ذهني) يكون صوتي في ذهني على شكل لوم وعتاب وآسف وشتم وسب وعصبية على نفسي وعلى أشخاص مذنبين من وجهة نظري..
يلازمني التردد في كل شيء.. مثلا عندما أشتري شيئا أخاف أن يكون البائع غشاش أو أن البضاعة رديئة أو غالية لذا أتردد وأحيانا لا أشتري أي شيء
حاليا تطورت الحالة معي لشيء آخر وهو الخوف من إبداء الرأي بحيث أشعر بالخجل والإحراج. إذا كنت أريد أن أفاوض بائع على سعر سلعة معينة، أخجل من التفاوض معه على السعر. وأيضا عندما أتحدث مع أحد أخشى النظر في عيني من يحدثني. أخشى العتمة والظلام وأتحسس من الأصوات العالية ومن أصوات مضغ الطعام... أخاف من احتمالية قدوم شخص غير متوقع لبيتي.
تطور عندي حقد وكراهية شديدين لأقارب معينين لاعتقادي أنهم ظلموني وأني كنت الضحية على مدار الوقت وأنهم استغلوني ماليا وألوم نفسي على تللك السنين التي قبلت بها هذا الاستغلال. (للعلم أنا فعلا تعرضت للظلم المادي والنفسي من أقرب الناس لي) لذا أنا الآن ناقم على نفسي وعليهم. أنا لا أصارحهم بذلك بل إني أكبت مشاعري وأتقمص دور اللطيف والطيب والعاقل معهم. ولكن إذا كنت وحدي أتخيل سيناريوهات معينة أفتح من خلالها دفاتر الماضي من أجل استرداد حقي منهم وأيضا قطع العلاقة معهم.
في هذه الأيام أقوم بتدوين كل الأحداث اليومية، حتى أني أقوم بتدوين الأحداث الماضية التي كنت فيها الضحية وأقوم بكتابة ردود محتملة مني لهؤلاء الأشخاص حتى إذا جاء الوقت المناسب يكون ردي لهم جاهز.
وأيضا عندما أحس بالضيق والشد على أطرافي أقوم بكتابة الأحداث الحالية التي سببت لي الشد والضعط. أحس أني أتخلص من كبتي وقهري بالكتابة. عادة ما أكتب الأحداث بشكل مفصل مع التاريخ والوقت وأخطائي وأسماء الأشخاص الذين كانوا معي في تلك الأحداث. بعد ذلك أحس براحة بسيطة.
صارت كتابة مشاعر حزني وضعفي وأخطائي وسيلة يومية من أجل التخلص من تلك المشاعر.
أنا أعرف أني أضحك على نفسي بذلك فتلك المشاعر تعود لتقتلني مرة أخرى حسب أي موقف أعيشه.
21/1/2016
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع.
لابد أولاً من النظر إلى الأعراض الطبنفسية من خلال قراءة رسالتك وثانيا دراسة المسار الطولاني لهذه الأعراض وفي النهاية الوصول إلى استنتاجات وتوصيات.
رسالتك تصف الأعراض التالية:
1- القلق المتمثل في الخوف والرهاب والتوتر وعدم القدرة على الاسترخاء حتى وأنت لوحدك لا تجالس الآخرين.
2- اكتئاب يتمثل في شعورك بالعزلة وفقدان الامل وتقييم شخصي بأنك إنسان لا قيمة له. هناك شعور بالذنب لا نهاية له واضطراب في النوم والشهية والتركيز.
3- الحساسية المفرطة في التعامل مع الآخرين وفي جميع المجالات.
4- أعراض حصارية متمثلة في الصعوبة في اتخاذ قرار.
5- تفكير زوراني وتتصور أن بعض الناس تحاول استغلالك بصورة أو بأخرى.
6- رهاب اجتماعي مزمن.
7- ظواهر ذهانية بين الحين والآخر ومتعلقة بتفكيرك الزوراني.
8- أعراض جسمانية متعددة.
أما المسار الطولاني لأعراضك أعلاه فيتميز بما يلي:
1- هناك نوبات شديدة يمكن القول بأنها نوبات اكتئاب جسيم.
2- مسار الأعراض ما بين النوبات يتميز بكونه مزمن ولا تذكر فترات تتخلص فيها تماما من الأعراض.
جميع ما تطرقت إليه في الرسالة يشير إلى إصابتك باكتئاب مزمن ونوبات اكتئابية جسيمة.
التوصيات:
1- يجب التركيز على العلاج في هذه المرحلة. هذا المسار الطولاني من الاكتئاب تكثر ملاحظته في الممارسة السريرية ولابد أولا من علاجه باستعمال عقاقير مضادة للاكتئاب وربما مع عقار موازن للمزاج بعد فترة.
2- استجابتك للعلاج لن تكون سريعة ولا يجوز الحكم على عقار بالفشل قبل مرور 9-12 أسبوعاً في حالتك.
3- بعد التحسن في الأعراض وبمقدار 50% تدخل في علاج كلامي.
4- ما يجب أن تفعله الآن هو التوجه إلى استشاري كفؤ في الطب النفسي. لا تشغل نفسك الآن بأسباب المرض وتركز على رحلة الشفاء فقط.
وفقك الله.
واقرأ أيضًا:
اكتئاب ذهاني أم ذهان وأعراض اكتئاب ؟
اكتئاب ذهاني Psychotic Depression
أعراض ذهانية وجدانية مختلطة؟؟ Schizoaffective??
اضطرابات وجدانية ذهانية Affective Psychotic