قلق دائم واكتئاب
المشكلة بدأت معي لما جالي روماتويد مفصلي وأنا في 3 إعدادي واتحرمت من أحلى حاجة بحبها لعب الكورة. ومن وقتها بدأت أقعد في البيت كتير وبقيت انطوائي شوية لحد ما بقت أحلامي بقت تتسرب حلم ورى التاني من إني مبقاش لاعب كورة لحد إني ما أدخلش كلية الهندسة بسبب ظروف مرضي لأني مش هقدر إني أجتهد فيها لظروف الكلية العملية اللي محتاجة مجهود ودخلت كلية نظرية مش بحبها علشان أرضي أبويا وأمي لأنها قريبة من البيت. لحد ما بقيت في سنة خامسة دلوقتي وبقيت مش عارف شغفي في الحياة.
بقيت مش عارف أهدافي ولا أنا عاوز إيه في الدنيا.
عندي قلق من المستقبل وأني ممكن مقدرش أتحرك وملاقيش وظيفة.
عندي فقدان للثقة في النفس ومش بحب المواجهة نهائيا.
ممكن النظرة السوداوية دي لأني واقعي جدا ومعظم الاختبارات اللي عملتها أكدت لي أني واقعي.
ومن ضمن الحاجات اللي مسببة مشكلة لي أني مش اجتماعي وأني خجول جدا ده مؤثر على الجانب العاطفي لي.
22/1/2016
رد المستشار
السلام عليكم أخي الكريم "تامر"
شرف لي أني أكون شريكة لك فيما تحملة رسالتك من فضفضة، وأسئلة وحيرة، وأتمنى أن يوفقني الله سبحانه وتعالى وأقدم لك بعض المساعدة أو بمعنى أصح مساعدتك في محاولة "اكشاف ذاتك".. فكل ما تحتاج أنت إليه هو أن تعرف نفسك، تعرف "تامر".
أعرفك بـ "تامر"... "تامر" هو شاب بعمر الورد الآن، وكمثلي ومثل القراء وملايين البشر كانت لنا أحلام طفولة، كنا نتصور أن تحقيق تلك الأحلام يعني الوصول للسعادة، للرضا والراحة، ولكن مع الأيام ومع تقدم عمر الحياة نكتشف أن هناك خطوطا للقدر خفيفة لا تكاد تبين مكتوبة وكل ما علينا أن نخطو فوق تلك السطور، هي كلمات القدر، ونخطو عليها بعض منا يجد نفسه وصل لمراحل مختلفة تماما عما تمناه صغيرا والبعض الآخر وصل لما كان يتمنى، ولكن أين السعادة؟
هل كل من وصل لما يتمني وصل للسعادة" وهل كل من اتبع خطوات قدره وجد نفسها بالنهاية غير سعيد. و"تامر" كان يتمنى أن يصبح لاعب كرة مشهور، وبعدها مهندس، متخيلا أن سعادته وحياته في تحقيق تلك الأحلام، ولكنه أصيب بمرض قد يعيق تفوقه كلاعب وكمهندس، فأصبحت جميع الطرق بالنسبة له متساوية التحق بالكلية التي ترضي الأهل، أغلق عليه حياته، فقد شغفه بالحياة، ولكن هل من الممكن أن تكون تلك فقط هي تفاصيل شخصية إنسان؟ لعبة لم يحترفها؟؟ كلية لم يلتحق بها، وهاجس مرض سيطر عليه؟
"تامر"، الاسم وتاريخ الميلاد، العمل والوظيفة وشهادة التخرج جميعها لا تصنع "إنسان" الإنسان أقوى وأعمق من ذلك بكثير، الإنسان قوة وعقل وروح وذات وأنت اختزلت جميع تلك المقومات في كلية وشهادة تخرج وعمل وكأنك اطلعت الغيب وعلمت أن كونك "مهندس" يعني الكمال والنجاح والسعادة وبدون ذلك هو الفشل والضياع.
وحتى مرضك فمشكلتك ليست في مرضك ذاته ولكن في الهاجس الناتج عنه والمسيطر عليك فأصبحت تعيش في وهم أنك أصبحت غير قادر على أي شيء، ولكن هل تعلم عدد العلماء والمبتكرين والمبدعين والذين رغم إصاباتهم بـأمراض أو عاهات تمنكوا من صنع ما لم يصنعه إنسان مكتمل الصحة والجسد؟ هل تعلم بذلك الفتى الموهبوب بالرسم وبعدما تعرض لحادث فقد على إثره ذراعيه لم يستلم وقاوم حتى تمكن من رسم أجمل اللوحات مستخدما أصابع قدميه؟
ثاني أكرر لك مشكلتك ليست في كلية أو مرض مشكلتك بداخلك أنت، أنت لا تدرك تماما ما تملكه من قوة، قوة الإنسان. الله سبحانه وتعالى حكم عدل كتب على نفسه الرحمة ولا تفكر لحظة أنه سبحانه وتعالى حرمك من شيء إلا ومنحك ما هو أكثر منه ولكن عليك أن تبحث عنه.
تبحث بداخلك بكل ثقة في قدرة الله سبحانه وثقة في نفسك، إن "تامر" ذلك الشاب بعمر الورد لن تحده كلية لم يلتحق بها أو مرض أصاب ويصيب الملايين غيره، وبدون ثقتك في نفسك لن تصل لأي شيء، الحياة بكل ما فيها أمامك ولكنك اختزلتها في دائرة صغيرة جدا. عليك تخطي أسوار أوهامك وضعفك وترى الحياة أمامك وأنك بعقلك وقوتك، وثقتك بالله ثم بنفسك فأنت تملك ما بين الأرض والسماء، لا تحدك حدود لأن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان بقوة وقدرات قليل من البشر من أدركها وتوصل إليها فأصبحوا هم المبدعون والعباقرة والسباقون، ومن الناس من يعيش ويموت ومنتهى قوته تلخصت في عمل روتيني يومي والمأكل والنوم ويظن أنه الناجح المتميز.
"تامر" اعرف نفسك، اكتشف ما بداخلك وما تملك من قوة خاصة بك وحدك لأن كل إنسان منا منحه الله سبحانه وتعالى ما يميزة عن باقى مليارات البشر، وعليك الآن أن تنتفض من تخاذلك وضعفك، تدرك قوتك وأنك كإنسان منحك الله رخصة تمكنك من فعل الكثير والكثير بالحياة، أنت الأقوى فلا تخشى مرضا ولا عثرات. ألم تصلك رسالة الاطمئنان لك من الله الرحمن الرحيم (أَلَيس اللّه بِكَافٍ عبده)... وهل مرض أو معايير مجتمع شهادات هي أقوى من كفاية الكريم عز وجل لك؟.
اسأل نفسك عن سبب رغبتك بكلية الهندسة؟؟ هل لأنك موهبوب أو تميل لجانب التصميم والإبداع أم لأنها وحسب ثقافات مجتمعنا تمنح صاحبها "المنظرة والاسم"؟... إن كان السبب الثاني فعليك أن تدرك أن الإنسان الذي لا يملك بداخله غير الفراغ هو من يحتاج لعامل خارجي يمنحه القيمة والمكانة أمام مجتمعه، وتلك الحالة مهما وصل صاحبها لأعلى المراكز يظل بداخله الخواء يشعر به مهما امتلك من مال أو شهرة.
أما لو كانت رغبتك بكلية الهندسة نتيجة حبك لعمل التصميمات والإبداعات فحب الإبداع والابتكار ليس حكرا على كلية أو تخصص معين، قلت أنك تحب الكتابة، فماذا فعلت لتنمية تلك الموهبة؟ ابحث بداخلك عن السبب الحقيقي وأنت تستطيع أن تنميه وتستخدمة في مجالات إبداع عديدة، وتدرس ما تحبه وتتميز فيه بدون كليات، أولا تدرك وتؤمن أن عدم قدرتك على الحركة الكثيرة قد يكون له فائدة من جانب آخر وأن بداخلك موهبة وقدرة ما، لا تحتاج فيها للحركة أو الوقوف، وقد تكون مجال دراستك الحالية هي مجال تميزك القادم.
"تامر" مشكلتك وحلها بداخلك أنت، أطلق ما بداخلك من قوة، تؤمن بنفسك، وأنك للآن لم تكتشف ولو واحدا بالمليون من قدراتك، انظر للحياة بأنك أنت الأقوى، وعندها جميع المتلازمات الأخرى كالعزلة وعدم الثقة بالنفس والقلق والخجل العاطفي ستتلاشى تلقائيا. وآخر كلمة مني لك. اعلم تماما أن السعادة تنبع من داخل الإنسان وليس العكس، وما لم تكتشف منابع السعادة بداخلك فلن يشعرك أي شيء آخر بالسعادة والثقة بالنفس لا المال ولا الاحتراف ولا... كلية الهندسة.
* ويضيف د. وائل أبو هندي الابن الفاضل "tamer" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على الثقة، أشكر المستشارة النجيبة أ. شيرين فؤاد وأشير فقط إلى أهمية الاستعانة بمعالج معرفي سلوكي في حال تعذر عليك القيام بما نصحتك به مستشارتك، ولا أخفي تخوفي من أن استسلامك للرغبة في الانطواء الاجتماعي قد تعكس وجود أو قد تسبب في النهاية مثلا:
مجرد خجل أو رهاب اجتماعي ؟
الرهاب الاجتماعي أو اضطراب القلق الاجتماعي
رهاب الجنس الآخر
رهاب الجنس الآخر : يخاف من الإناث
التفكير النكدي
فشل في فشل: تفكير نكدي
واقرأ أيضًا عن:
ما هو الحزن؟
كل شيء أو لا شيء: التفكير القطبي
تأكيد الذات
ننتظر متابعتك يا "tamer".