اكتئاب
السلام عليكم؛ من قراءتي في الموقع أعتقد أن مشكلتي أشبه بالاكتئاب المزمن، لكن على كل حال أنا في حاجة ملحة لاستشارتكم. منذ طفولتي أنا منطو قليلا وأقضى أغلب وقتي في القراءة، وأعاني من بعض الخجل، ووقعت في الحب مبكرا جدا، أي في سن الحادية عشرة.
بدأت أول أركان المشكلة تتشكل في الثانوية العامة حيث كان الوصول للفتاة التى أحبها صعبا جدا، فقررت أن أصل إليها بالخيال وعشت معها في خيالي أوقاتا جميلة، وطبعا كل خيالاتي كانت بريئة لكن كانت هي محورها، أدى هذا إلى إهمالي للمذاكرة وبالطبع انخافض مستوى التحصيل بعد أن كنت متفوقا جدا ومشهودا لي من كل من حولي - دخلت الجامعة بالكاد، وارتدت كلية لم أكن أتوقع أن أدخلها حتى في أشد كوابيسي ظلمة؛
أدى هذا إلى هروبي من الواقع بشكل شبه تام، هربت إلى أحلام اليقظة أكثر، وفي الجامعة انخفض مستوى التحصيل أكثر فأكثر حتى أنهيت الجامعة في مدة أطول من الطبيعية، عشت في خيالاتي وزيرا وطبيبا ورئيس جمهورية، بينما في الواقع أعرف أن نظرة الناس لي قد تغيرت وآلمني هذا بشدة، خاصة أنني لم أحقق حلم والدي وخذلتهم، وأنا أعيش في مكان يصنف الناس على حسب شهاداتهم.
بعد تخرجي من الجامعة والتحاقي بعمل لم أحبه كما لم أحب الكلية التى أوصلتنى اليه... لم أنتج في عملي ولم أحقق إنجازا وتعثرت قليلا، وكلما ازادات المشاكل كلما ازداد الهروب إلى الخيال.
أنا كسول وعاجز عن العمل، روحي منطفأة، حاولت التخلص من أحلام اليقظة لكن بلا جدوى، أسهر إلى ساعات متأخرة من الليل، وأحب مجيئ الليل وأكره طلوع النهار، أحب العزلة، قليل الكلام، لا جديد في حياتي ولم أتقدم خطوة واحدة منذ سنوات رغم أن قدراتي الذهنية والشخصية عالية والحمد لله.
علاقتي بأهلى جيدة، عائلتي الصغيرة فقط، أما الأقارب فلا علاقة لي معهم.
لا يوجد في عائلتي من يعاني من أي أمراض نفسية، ولم أذهب إلى طبيب نفسي.
كنت موهوبا في كتابة الشعر والرواية، وأقرأ بنهم.... لكنني فقدت شغفي ولم أعد أبالي بأي شيء.
مساري الوظيفي لست راضيا عنه، ولا أعرف ما أريده حتى الآن، طبعا فقدت صلتى بالفتاة التى أحببتها منذ طفولتي، وارتبطت رسميا بفتاة أخرى تحبني وأنا أقترب منها لكني أشعر أنني غير قادر حتى على الحب رغم أننى أجاهد نفسي لمبادلتها الاهتمام والحب، وبالطبع لا توجد في حياتي امرأة أخرى غيرها.
أشعر أن ما يبقيني حيا إلى الآن هو محافظتي على الصلاة وبري بالوالدين فقط وإن كان هذا ليس بالشكل المطلوب.
لا أعاني من أي مما ذكرتموه هنا لا هلاوس ولا شكوك ولا إهمال للنظافة الشخصية ولا أحداث صادمة غير تعثري في الثانوية العامة وأعتقد أنها بداية مشكلتي.
أحيانا أفكر أني لو دخلت الكلية التي كنت أفضلها أو على الأقل واحدة مما يسمونها كليات القمة لما حدث شيء من هذا ولكنت شابا عاديا دون مشاكل.
أنا حساس تجاه نظرة الناس لي بشكل مبالغ فيه، وشديد التوتر.
لا أعاني والحمد لله من أي أمراض عضوية.
أخاف من المستقبل جدا، ولا أحب مواجهة الجماهير ولا حضور مناسبات عامة كالأفراح ولا الأعياد حتى.
شهيتي غير منتظمة ولكوني أسهر فإنني آكل في فترات متأخرة من الليل، وأستيقظ متأخرا. وأشعر بزيادة في الرغبة الجنسية كثيرا من الأحيان
أقضى كل يومي تقريبا في أحلام اليقظة ولا أستطيع أن أتخلص منها وقد أثر ذلك على عملي ودراستي من قبل.
أحتاج إلى أي مساعدة ممكنة.
11/4/2016
رد المستشار
للسائل الكريم نقول: إن ما يعاني منه هو غالبا الاكتئاب البسيط المزمن أو ما يسمى بعسر المزاج، وهو بالضبط ما شخص به نفسه، وهذا يدل على وعي مرتفع بطبيعة المشكلة ويمثل أول ركائز العلاج المعرفي والسلوكي، ونضيف إلى معارف السائل عن هذه المشكلة أنها تؤثر على رؤيته لنفسه وللأشياء، فمن أعراض الاكتئاب أنه يؤدي بصاحبه إلى التفكير السلبي، والذي يجعله ينظر إلى كل شيء من حوله - بما في ذلك ذاته هو - من خلال منظار أسود يرى الأشياء أسوأ من حقيقتها، وهذا واضح في تقليل السائل من شأن نفسه وكل ما أنجزه في حياته، فكليته أدنى من كل الكليات وعمله أقل شأنا من غيره وحتى علاقته بشريكة حياته المرتقبة هي "تأدية واجب"، ولا أظن أن الأمور بهذا السوء!
وليس كل من نجح في حياته صار طبيبا أو وزيرا كما يرى نفسه في أحلام اليقظة، ويمكن تحقيق قدر معقول من الرضا عن النفس في ظروف أدنى من التي يصفها السائل، فهو قد حصل على درجة علمية ونال وظيفة مستقرة وقبلت به فتاة لترتبط به، وهي أشياء يتمنى الكثير من الشباب الوصول إلى بعضها ولا يقدرون.
فننصح السائل بأن يعيد النظر إلى حظوظه في الحياة ليرى الجميل فيها، ويغلب التفكير الإيجابي على السلبي، ويركز على الخطوة التالية التي سيحسن فيها أداءه وأحواله، ويحاول أن يحب نفسه كما هي ويرتقي بها ليحبها أكثر، فإن لم يستطع ذلك وحده فبمساعدة أهل الاختصاص من المعالجين النفسانيين المختصين في العلاج المعرفي والسلوكي لمثل هذه الحالات، وتمكن الاستعانة ببعض الأدوية المناسبة أيضا للمساعدة في التعافي
الله المستعان
واقرأ أيضًا:
التفكير النكدي
متاعب شاب . أم تفكير نكدي؟ مشاركة
اضطرابات وجدانية: اكتئاب مضاعف Double Depression
اضطرابات وجدانية: عسر مزاج