قلقة من المستقبل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أود أولا شكركم على ما تفعلونه من مساعدة للبشرية كافة جعله الله في ميزان حسناتكم.
نشأت طفولتي في المملكة العربية السعودية ولكني سودانية الأصل. عائلتي ولله الحمد متعلمة ووضعها المادي جيد جدا. عندي 5 أخوة بنتان وثلاثة أولاد. عندما كنت صغيرة تعرضت لنبذ من زميلاتي في الابتدائية لأني سودانية الأصل فكانوا يلعبون من دوني وإذا أردت أن أشاركهم اللعب اشمئزوا مني وكانوا إذا أرادو أن يلعبوا لعبة تشابك فيها الأيادي إذا أمسكت يد فتاة كرهت ذلك وأبعدتها عني، فكنت أنظر إليهن وهن يجلسن للأكل معا وأنا آكل وحدي بعيدة عنهن وكنت أسعد جدا عندما ألعب معهن ولو مرة واحدة فقط عندما يسمحون لي بذلك.
كبرت وأنا أخجل من كوني سودانية بسبب المجتمع الذي جعل ذلك عيبا وما هو بعيب، ولكن ولله الحمد ذهب ذلك عني وأصبحت أفكر جدا في أن أجعل بلدي مكانا أفضل في المستقبل بإذن الله.
والدي الحبيب يعاني من مشاكل نفسية هذا ما قالته لي أمي مؤخرا، كان يضربني بشدة في صغري حتى كبرت عنيدة وكنت أدعو عليه بالموت.
جسدي حاليا مملوء بآثار الضرب التي تعرضت لها في صغري سواء من أبي أو أمي. رغم أنهما متعلمان بأحسن الشهادات العلمية إلا أنهما ربياني بالضرب وكانا يضربان إخوتي أيضا. ولكني أيضا أحمد الله أنني لا أكن لهم حاليا أي نوع من الحقد الدفين والرغبة في الانتقام مثلا بل أصبحت أحبهما رغم كل شيء.
تعرضت لتحرش في صغري لا أتذكر بالضبط جميع من فعل ذلك بي ولكني أتذكر اثنين من إخوتي وشخص آخر فأصبحت ألمس المنطقة الحساسة من جسمي كثيرا وكانت أمي تضربني بشدة لأترك هذه العادة حتى اضطرت لختني بما يسمى بالختان السنة. ولكن لم أتوقف عن تلك العادة بل تحولت للعادة السريه ولكني تركتها ولله الحمد خوفا من العقاب الرباني لا غير.
كبرت عنيدة جدا وكنت أرفض الدراسة وأحصل على درجات متدنية جدا بالمدرسة المتوسطة وأيضا نحمد الله أصبحت فيما بعد من المتفوقين. كنت قبيحة عندما كنت صغيرة فكان أبي يناديني بالقبيحة وكذلك أختي الكبيرة التي لم تمل أبدا من قول هذه الكلمة وتناديني ليل نهار بها ورغم صغري وقتها إلا أني كنت أفهم ذلك وكنت أشعر بالحزن الشديد حتى أصبحت أكره كلمة قبيحة.
لم يتوقف أبي وأختي عن وصفي بالقبح والدمامة بكل العبارات، وكذلك أصبح أخوتي يفعلون ذات الشيء، وحتى أمي أتذكر جيدا عندما طلبت منها صابونة فقالت لي بالعامية ماذا تفعلين بالصابونة بوجهك القبيح هذا، وغيرهم من حولي كانوا ينادونني بهذه العبارات حتى فقدت ثقتي بنفسي نهائيا، ولكن سبحان الله بدأت بالصلاة وأصبحت أدعو في كل صلواتي يا رب اجعلني جميلة دون كلل أو ملل. ولا أكذب عليكم وأقسم بالله أني منذ عدة سنوات أصبح الجميع يمدحون جمالي وتقدم لي عدة رجال جميعهم قالوا أنني جميلة جدا. وأصبحت ألفت أنظار الجميع حتى أبي وأختي أصبحا يتحدثان عن جمالي وكذلك أمي التي أصبحت تفتخر بي لا أدري كيف حدث هذا ولكني أحمد الله عز وجل على نعمه.
الآن أصبحت أكثر ثقة بنفسي والجميع من حولي يؤكدون لي أني أصبحت جميلة عندما كبرت ولكني أفقد الثقة بسرعة وهذا بكل تأكيد بسبب ما عانيته في السابق. كنت لا أدرس أبدا في المرحلة المتوسطة وأنا الآن لا أدري ما سبب ذلك وندمت على إهمالي في تلك المرحلة ولكني أصبحت ولله الحمد من المتفوقات وأصبحت مفخرة لأهلي.
من الصف الأول الثانوي تغيرت حياتي تماما ولكني نسيت حياتي السابقة إلا ما ندر منها فأصبحت زميلاتي يذكرن أشياء غالبا لا أتذكرها وكأنني مررت بمسح لذاكرتي بشكل غريب. تعرضت لضغوط شديدة في السنة السابقة وهي آخر سنة دراسية والسنة الحتمية التي تحدد مستقبلك
عانيت يأسا شديدا وفكرت في الانتحار وتخيلت كل طرق الانتحار الممكنة في رأسي وكدت أقدم عليها ولكني أحمد الله أني كنت أتذكر عذاب جهنم فأتراجع عن ذلك. وفكرت مرة أن أسكب الماء الساخن على جسمي قبل يوم الاختبار لأني كنت خائفة جدا من دخوله فيكون لي عذر على عدم الذهاب وكنت أفكر بجدية كبيرة ولكن أيضا تراجعت عن ذلك.
مررت بحالة يأس شديدة افقدتني صوابي وقللت من عملي، ولكن مرت على خير وحصلت على درجة أشعر أنها أعلى بكثير مما أستحق ولكن ليست تلك الدرجة التي كنت أتمناها. ولكنها جيدة في النهاية ولله الحمد.
الآن أنا خائفة من الجامعة خصوصا أن التخصص الذي أريد دخوله بإذن الله هو الطب البشري وأخاف أن أمر بنفس الحالة السابقة فأصبحت فاقدة الثقة في نفسي وأشك أنني سأنجح فيه. أنا أيضا أحب أن أكون محور الاهتمام جدا لدرجة أني أتمنى أن أصاب أو أمرض أو أموت حتى يهتم الناس بي، وأصبحت أكذب كثيرا لذلك. كما أنني أعتقد أني أعاني نوعا من الرهاب الاجتماعي فلا أستطيع التحدث أمام مجموعة من الناس وكثيرا لا أعرف كيف أتصرف عندما يتعلق الأمر بشخص غريب مني وعندما أخجل يحمر وجهي بشدة.
كما أنني أصبحت أحسب حساب كل حركة تصدر مني أمام الآخرين حتى تعبت من ذلك. وأيضا فأنا شديدة الحسد فعندما حصلت صديقة لي على درجة أفضل مني لم أفرح بذلك بل حزنت ولكن ولله الحمد كنت أدعو لها بالخير كلما أحسست بأني أتمنى لها الشر.
مشكلتي الأساسية هي خوفي الشديد من المستقبل وحياتي الجامعية المستقبلية فأنا أشعر بالفشل منذ الآن. أتوقع إن شاء الله منكم إعطائي طرف الخيط الذي أحتاجه لأصبح أفضل وأتخلص من مشاكلي هذه.
في النهاية فالعلاج يكون أغلبه جهد مني ولكني تهت ولا أدري ما الحل الآن فجئت أستشيركم من باب عمل الأسباب.
29/6/2016
رد المستشار
الابنة العزيزة، أهلا ومرحبا بك على الموقع؛
عانيت من صغرك من سوء التعامل وسوء التربية غير المبرر سوى أنه قد يرجع لعادات وتقاليد عنصرية أو أفكار بالية عن العقاب.
تجاوزت كل هذا بل واستطعت أن تكبتي كل هذه المشاعر السلبية وحققت إنجازا دراسيا واجتماعيا ودينيا بصورة واضحة. ومع ضغط الثانوية والرغبة في مزيد من الإبهار مما أظهر علامات الاكتئاب عليك وانهارت دفاعاتك النفسية فجأة مما ساعد على معاناتك خلال هذه الفترة وظهرت بعض العيوب المرضية كالرهاب ومشكلات التعامل مع الضغوط وبعض مظاهر الثقة بالنفس وغيرها من الأعراض.
عزيزتي؛
إذا كان هذا متاحا فالأنسب هو زيارة طبيب نفساني للتقييم ووضع خطة للمساعدة.
إذا لم يكن هذا متاحا فعليك زيارة قسم الطب النفسي بالكلية التي تدرسين بها لأن التقييم المنهجي أفضل.
أو عليك بالقيام بالدخول إلى الاستشارات المماثلة على الموقع ومحاولة تنفيذ بعض الإرشادات ومنها الأنشطة التي تقلل الاكتئاب وتزيد الثقة بالنفس مثل النشاط الرياضي المنتظم والترفية والنشاطات الاجتماعية وممارسة الهوايات وقراءة كتب التنمية البشرية وتعديل الأفكار وعدم الاستسلام لأفكارك السلبية وتغذية العقل بأخرى إيجابية وهكذا.
تابعينا والله معك