الإحساس بضياع العمر
أنا شاب عندي 26 سنة و8 شهور و15 يوم. طالب في دراسات عليا في هندسة برمجيات أنا لدي طموح علمي وطموح مادي وطموح إصلاحي للمجتمع كنت في فترة الجامعة متوقع عندما أصل إلى سن 26 أن أحصل على درجة الدكتوراة وأن يكون لي شركتي الخاصة بي،
لكن للأسف حتى الآن أنا في الماجستير وعلشان أوصل للدكتوراة هوصلها في سن 32 أنا شايف إن العمر قصير جدا وإن أفضل نجاح هو أن الإنسان يحقق أهدافه قبل سن ثلاثين
خائف جدا من بلوغ سن الثلاثين دون الوصول لأهدافي.
15/9/2016
رد المستشار
صديقي؛
من أخطر ما يمكن على النجاح أن تفعل ما تفعله هذا وأن تتوقع أشياء مستقبلية من نفسك بدون دراسة فعلية لما يتطلبه هذا الجدول الزمني الجزافي الذي وضعته لنفسك. من الخطر أيضا أن تقول لنفسك أن النجاح بعد سن معينة ليس له نفس القيمة مثل تحقيقه قبلها.
مبدئيا، يجب عليك دراسة عدة نماذج ممن حققوا النجاح الذي تريده، دكتوراة أو شركة أو غيره، في سن 26 أو 30 أو أي سن جزافي تختاره.. بعد ذلك عليك أن تبدأ من نفس بداياتهم أو بداية مماثلة. عليك أيضا أن تكون لديك معلومات وخبرة مماثلة وإمكانيات مماثلة حتى يمكنك المقارنة. عليك أيضا أن تفعل ما فعلوا من حيث المجهود والسعي والمحاولة. بالطبع من الممكن أن تتفوق على كل من سبقوك إذا ما أبدعت في إنجاز خطواتك نحو الهدف ووجدت طرقا أقصر وأسرع في إطار الشرف والأمانة والنزاهة.
ولكن ماذا لو حققت هذا وكنت تعيسا، أو مريضا، أو مكروها؟ أنت على حق: العمر قصير وليس هناك ما يستدعي أن تقضيه بدون سعادة وفي قلق على "منظرك" وزهوك أو "برستيجك". إن عشت ومت سعيدا معافا في بدنك ويكفيك رزقك ولديك علاقات إنسانية صحية فقد عشت ومت ناجحا وثريا.
ما الذي منعك من إنجاز ما تريد في الميعاد المحدد؟ هل كان من الممكن تفاديه؟ هل تقاعست؟ هل يئست؟ هل اخترعت أعذارا سخيفة واهية؟
أغلب الظن أنك اخترت هذه الأهداف والسن اللازم لتحقيقها ليس بناء على ما تريده أنت فعلا ولكن ما تظن أنه سوف يكون عظيما في رأي الآخرين. هذا ما يمنع الإبداع والسعادة ويزرع في نفسك القلق والوسوسة والرغبة في الكمال الجزافي.
في حقل هندسة البرمجيات، أعتقد أنه يمكنك أن تبدع في اختراع برنامج أو تعديلات على برامج موجودة وأن تكون لك شركتك الخاصة في وقت قصير نسبيا. هل سيكون هذا مرضيا لك ولو لم تحصل على الدكتوراة أولا أو في نفس الوقت الذي تؤسس فيه شركتك؟ هل الدكتوراة أهم من النجاح المادي بالنسبة لك أم العكس؟ كم من المال تحسبه نجاحا ماديا مناسبا؟ ما هو موضوع رسالة الدكتوراة الذي تريد أن تبحث فيه؟ ما هو المجال المتخصص في هندسة البرمجيات الذي تريد أن تكون خبيرا فيه، ولماذا تحب هذا المجال بالذات؟ ولماذا أيضا؟
ما الحياة إلا لعب ولهو يتعين علينا أن نفعله بصدق ومرح وتوكل على الله. ما هو مهم أن تكون إنسانا جيدا طيبا محبا لنفسه وللآخرين. هذا أهم من ألف منصب ومن أموال الأرض.
في النهاية، يجب أن نعتنق جميعا تعريفا صحيا للنجاح وهو "خطوات مستمرة نحو هدف كبير".... ليس الوصول إلى الهدف هو النجاح ولكن النجاح هو أن تكون على طريق النجاح وأن تتعلم من كل خطوة فيه وتصبح إنسانا أكثر خبرة ومعرفة ونضجا في كل خطوة.. هذا ما يريده منا ولنا الله وطبقه مع كل الرسل.
أنصحك بمراجعة معالج نفسي لمناقشة خططك وشروطك وقوانينك كي تتخلص مما هو مقيد أو جزافي منها وتكتشف كيف تنجز وتنجح لأنك سعيد بدلا من أن تؤجل السعادة لحين حصولك على هدف ما.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب.