هل أنا ثنائية القطب؟
السلام عليكم،
أنا فتاة جزائرية، عمري 17 سنة، طالبة مقبِلة على البكالوريا ..
أعتقد أنني مصابة بالثنائية القطبية.. لا أعرف منذ متى، في البداية كنت أعتقد أنّني مزاجيّة فقط لكن تقلّبات مزاجي صارت أحدّ ولا تزال تحتَّد أكثر فأكثر.. أنا الآن مكتئبة جدًّا، صامتة، متشائمة.. أحيانا أصبح نشيطة، حيويّة مندفعة واجتماعيّة جدًّا، أصبح سعيدة بدون سبب، أنّط وأرقص كالطفلة الصغيرة غير مهتمّة بآراء من حولي.. وأحيانا أصبح مكتئبة وانطوائيّة وشديدة الهدوء.. فكّرت كثيرًا بالانتحار.. لكنّني لم أقدِم عليه !
الكآبة تزول فجأةً، وتقلّ حدّتها عندما أكون مع صديقتي المقرّبة.. وتزيد عندما أكون في البيت.
لا أعرف إن كان هذا التفصيل مهمًّا، لكنني لا أثق بالناس.. خاصة الرّجال، لا أعرف لمَ لكنّ كلّما يحاول أحدهم التودّد إليّ أفكّر أنّه منحرف ويريد استغلالي على الأغلب وهذا أثّر كثيرًا على علاقاتي بالذكور، فأنا لا أصادقهم وأتحاشى الاحتكاك بهم كثيرًا وهم يعتقدون أنني أتكبّر عليهم.
لديّ مشكلة أخرى.. وهي أنّني أضع الخطط دائمًا وأكون متحمّسةً جدًّا لها، ثم لا أنفِّذها.. وكم من رواية بدأت بكتابتها ثم أهملتها !
ماضِيَّ عاديّ نسبيًّا، لكنّني يجب أن أشير إلى كوني أنحدر من عائلةٍ فقيرةٍ جدًّا.. ولدينا بعض المشاكل التي يعود أغلبها إلى وضعنا الماليّ.. كعدم امتلاكنا لبَيت (نحن نعيش في منزل مستأجر حاليًّا يتكون من غرفة واحدة) بالإضافة إلى كون أبي هجرنَا (هو لا يزال يرسل لنا المال لكنه لا يطيق أمي ولا يطيق العيش معنا) ..
أريد أن أشير إلى كوني إنسانة حالمة.. أنا أمضي أغلب وقتي في قراءة الكتب والروايات هربًا من الواقع !
أنا أكره جسدي أيضًا.. أحاول ألاّ أفكّر كثيرًا في ذلك لأنّني لا أستطيع فعل شيءٍ لتغييره.. ورؤية نفسي في المرآة ترعبني ( خاصةً صدري ومؤخّرتي..)
هناك شيءٌ أخير.. حتى صديقتي لاحظت كوني متناقضة في أفكاري، أكون عديمة الثقة بنفسي ثم أصبح مفرطة الثقة وأرى النّاس بفوقيّة.. ولديّ عادة طرطقة أصابعي عندما أشعر بالغضب والنرفزة..
أرجو منكم تشخيصي.. هل أنا ثنائية القطب حقًّا؟ أخشى أن أجنّ قريبًا !
28/11/2016
رد المستشار
السلام عليكم أختي العزيزة
وتمنياتي لك بدوام الصحة والسعادة
عادة ما يخلط الإنسان العديد من الاضطرابات النفسية بعضها البعض، ومن أشهر ما قد يلتبس عند الكثير من غير المتخصصين الاضطرابات الخاصة بالشخصية, وهي اضطرابات دائمة مستقرة عند من يعاني منها وقد تتغير حدتها من وقت لآخر إلا أنها تكون موجودة على الدوام منذ البلوغ, وربما تظهر بوادرها أو علامات منها قبل البلوغ أي أثناء سن المراهقة
من أشهر هذه الاضطرابات هي اضطراب الشخصية الحدية أو البين بين كما يحلو للبعض أن يسميها. تتميز هذه الشخصية بالمزيد من الاندفاعية واضطراب المشاعر، فهذه الشخصية تميل لاتخاذ قرارتها بسرعة وسهولة ودون توخي للحيطة والحذر كما أنها تتميز بالمشاعر الملتهبة المتغيرة والمتناقضة بصورة مفاجئة, الأمر الذي يجعلها شديدة الحب ثم شديدة النفور من أشياء أو أشخاص بسرعة وبسهولة فائقة
تتميز هذه الشخصية أيضا بالحساسية الشديدة للانتقاد بحيث ترى أي نقد لها علامة على فقدان القيمة أو انعدام الذات، وتميل كثيرا للتفكير في إيذاء النفس إذ أن ذلك ربما يمثل حلا سريعا لها للهروب من الضغوط وعلاقتها المتوترة بالآخرين، كما يغلب على مشاعرها التأرجح الشديد بين الحزن والفرح أو الرضا والنفور وخلال وقت قصير
تحتاج هذه الشخصية إلى العلاج السلوكي الجدلي, وهو علاج فعال لمثل هذه الحالات إلا أنه يحتاج لمعالج نفسي متمرس على هذا النوع, كما أن هذا النوع من اضطرابات الشخصية عادة ما يكون مصحوبا باضطرابات القلق أو الاكتئاب مما يستلزم علاج الاضطرابات المصاحبة له علاجا دوائيا ومعرفيا لضمان أفضل مآل لهذه الحالة
تمنياتي أن أكون وفقت في مساعدتكم، وأن يصلني خبر تعافيكم في القريب العاجل
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التعليق:
المعاناة النفسية والتحديات على خلفية ظروف قاهرة تدفع الإنسان للبحث عن تفسير لا يساعده على المضي قدما وتطوير شخصيته ونضوجه.
أحد هذه التفسيرات هي وجود مرض نفسي مزمن وفي مقدمتها هذه الأيام الثناقطبي.
صاحبة الاستشارة لا تزال في عمر المراهقة وتعيش في ظروف بيئية قاهرة وتواجه تحديات التعليم وفوق ذلك أب غائب.
من جراء ذلك هناك عدم توازن عاطفي ووجداني ومعرفي. استعادة التوازن لا يتم عن طريق تشخيص طبي نفسي الذي لا يضيف إلى هوية المراهق سوى وصمة جديدة.
كذلك الحال مع تشخيص الشخصية الحدية في هذا العمر وفي هذه الحالة بالذات وربما وصمته أشد بكثير.
نصيحتي لصاحبة الاستشارة هو الابتعاد عن التفسيرات الطبية والنفسية والمضي في طريق النضوج ومواجهة التحديات والتطور فكريا وعاطفيا واجتماعيا.