بداية إلحاد وحبيت فكرة الأذى
أنا مش عارفة أبدأ منين في الحقيقة..
أنا في رابعة كلية, الحقيقة دخلت الكلية دي غصب عني لمجرد أنها كلية والسلام عشان أهلي رفضوا أني أدخل تمريض زي ما كنت حابة, حاولت ألاقي في الكلية دي أي حاجة أحبها, ودخلت قسم حاولت أتعود عليه وأحبه لحد مالقيت الحاجة دي وحبيتها, وبدأت أسعى فيها فجأة بعد ماوصلت تالتة كلية فقدت الشغف بالحاجة دي وحبي ليها وكل حاجه كنت بسعى عشان أوصلها
فقدت الأمل إني هوصل وهكمل أو إن في حاجة فعلا مستنياني, كنت مفكرة أني هطلع من حدود الكلية لحاجة أنا حباها, بس لقيت حدودي الكلية وتخصصها ومفيش مجال لي براها دي حاجة خلتني تقريبا حاليا مش بروحها, وأنا في سنة التخرج وعندي مشروع مش حابة أكمل فيها ومعنديش القدرة إني أسيبها وأبدأ في حاجة جديدة, عشان أنا في عيلة ده مرفوض فيها ومرفوض الكلية اللي أنا عيزاها..
علي جانب تاني أنا حاسة إني بتعاقب على كوني بنت…! أنا بنت فماينفعش ألبس ده ماينفعش أتكلم كده ماينفعش أضحك كده, أنا لابسة الحجاب غصب عني ولما حبيت أتكلم معاهم في إن ده مش الدين اللي بيتكلموا عنه ومفيش حاجة بالإكراه, قالولي مش هندخل النار بسببك, مش قادرين يفهموا إن أنا اللي هتحاسب مش هما, كرهوني في الدين وفي إني بنت هما مش خايفين إلا على شكلهم قدام الناس ماتتأخريش وماتلبسيش وماتتكلميش وحافظي على عذريتك عشان شكلنا قدام الناس هو أنا ربنا خلقني عشان أتعاقب؟ أتعاقب على كوني بنت وإني
مفروض علي أحافظ على حاجة غصب عني أنا بكره الدين ده وبكره إني بنت بكرهني جدااا, وصلت إني شايفة أي حاجة هتؤذيني وتوجعني حاجة كويسة دايما بتخيل نفسي وأنا ماشية في نص الشارع وأي عربية تخبطني أو حد هيطلع يموتني ويخلصني, أنا مبقتش حابة أكمل بالإحساس ده مابقتش عارفة أنام بفضل بالأيام من غير نوم نهائي قربت أتجنن.
في نفس الاتجاه بقيت قرفانة أتعامل مع أي راجل في حياتي, أنا واحدة جربت إن حد يتحرش بي سواء أخ ولا عم ولما جيت أتكلم كدبوني أولهم أمي مصدقتنيش وزعقتلي, قرفانة أتجوز وأحب وأرتبط, أنا حتى شاكة إني لسة بنت أو لا.. مع أني كنت بحب بس ماحاولش يتعدى حدوده أبدا معايا ولا اتكلم في أي حاجة غلط وفضلنا سوى 6 سنين لحد ماسبنا بعض لمشاكل تانية ماقدرناش نتفاهم فيها.
حاسة إني ضايعة وبلحد مش حابة أتكلم مع حد ولا أخرج ولا أشوف حد مش حابة أعمل أي حاجة عايزة أفضل في أوضتي وسريري بس.. بطلب مساعدة أو عايزة أفهم أنا في إيه مش عارفة أتأقلم مع فكرة إني بنت وأن ربنا خلقني كده في الدنيا دي وعارف إني هعيش بالمنظر ده وهو راضي كده كل حاجة ممنوعة ومطلوب مني أحافظ على حاجة بالغصب, وكل الرجالة طمعانين في جسمي بس معقول يكون راضي!! حاسة إني على أول طريق جهنم أو وصلت آخر وعايزة أسيب البيت عايزة أمشي بجد.
30/11/2016
رد المستشار
الابنة السائلة:
أنت في جهنم شخصيا، ولست في أول طريقها كما تتصورين!!
أنت في جهنم التي أوصلنا إليها بؤس التفكير، وسوء التدبير، جهنم النظام أو اللانظام المجتمعي الفاشل الذي يعيشه أغلب العرب.. ضحايا تراكمات الجهل، وتضليل الكهنة، وغباء متفرد يميزنا بين العالمين!!
وأنت في جهنم تصوراتك وتقديراتك المشوهة تطمحين إلى انتزاع ما تتصورينه حرية، وأهلك يحاصرونك ويخنقون نموك بفرض ما يتصورونه دينا، ويتسلطون عليك بنفس ما يتسلط عليهم مجتمع مريض تاه في بحثه عن سبيل وسط المتاهات والضوضاء وتسلط المستكبرين، وشلل المستضعفين!!
في أغلب بيوتنا العربية وصلنا إلى نفس الأخدود الذي تصفين جانبا منه حيث تتصارع تصورات طفولية مطلقة جاهزة مسبقا غير قابلة للنقد، ولا للمراجعة، ولا للتطوير يعيد فيها الأهل إنتاج ما نشأوا عليه من تشوهات، ويصارع فيها الأبناء بما وصلهم من فضلات المفاهيم عن حرية الجسد، وحرية الهوى، وحرية الإلحاد بوصفها سقف الحريات، وهي كذلك في عالم مادي يعيش شقاءًا صرنا نتمناه من فرط بؤسنا الأشد غباءا، وشقاءا، وقسوة نحن تائهون بين تدين مغشوش، وحرية زائفة، ولا ينفعك كثيرا أن أستطرد في تفاصيل الرد عن هذا التيه!!
دعينا إذن نحدد الحقائق، ونفصلها عن أحكامي وأحكامك بشأن واقعنا المعاصر الذي تشتركين فيه مع ملايين!!
الحقيقة الأولى: هي أن من ينفق هو من يحدد قواعد اللعب، وفي المجتمعات التي يعيش فيها الفرد حريته فإن أعباء تمويل تنفيذ اختياراته ونتائجها يتحملها هو، ولا يجلس في بيت أبويه يطعمانه ويسقيانه ثم يريد أن يتمرد عليهما، ويرفع صوته مطالبا بالحرية!!
مصادرة حرية الاختيار في حالتنا تقابلها عملية الإطعام المستمر، والرعاية المستمرة بحيث نستمر أطفالا غير مسؤولين، ولا نعرف من الحرية سوى الشكوى والتصبر!!
فإذا كنت جادة حقا فلا سبيل أمامك إلا في تحقيق استقلال مادي بحيث يكون لديك وظيفة تدر عليك مالا يكفل لك تمويل حريتك، والاستقلال معركة ناعمة أو خشنة يخوضها كل منا بعد تخرجه، وبالتالي لا تملكين ترف التعثر الدراسي!! وفي عصر تكنولوجيا المعلومات توجد وظائف من البيت توفر مالا لا بأس به، فأين أنت منها؟!
سيظل أهلك هم المتحكمون طالما ينفقون عليك، بل ربما يضغطون لتأخير وتعويق استقلالك المادي، لكن من يملك الوظيفة المحترمة، والدخل المادي الكافي ينتصر في النهاية!!
والمرأة المصممة على الاستقلال المادي قد لا تحصد زواجا مريحا مثلما تحصد من تختار القيام بدور البقرة الحلوب، وسيكون عليك أحيانا المفاضلة بين القبول المجتمعي، وحرية الاختيار، وأن تحددي بالتالي ما أنت مستعدة لخسارته!!
الحقيقة الثانية: أن معركتك هي على الأرض: أطرافها، وأسلحتها، وخططها، وأسبابها، والخلط بين الأرض والسماء يفقدك عونا تحتاجينه بشدة!!
بأي منطق مقبول نخلط محبة الله الأصلية، وتكريمه للإنسان بهذا الروث الذي يتصوره الأنعام دينا يتعبدون الله به؟!!
وماذا يعني أو يفيد ما نتصوره إلحادا بدين يتصوره جمهور أخرق بلا عقل، ولا رشد، ولا وعي بالدنيا، ولا بالحياة، فضلا عن انطماس روحه تحت ركام البؤس الشائع!!
وأي خسارة تلك التي نخسرها حين نبتلع كالأطفال ما يقدمونه لنا عن إله هو الرحمن، الرحيم، الرؤوف، الصاحب في السفر، والملجأ في الكرب فإذا بهم يخوفوننا به ليبرروا عجزهم، وحبسهم لنا، وإذا بنا نحبس أنفسنا حين نصدقهم!!!
وتبلغ مأساتنا ذروتها حين نكفر بدين لم يحصل لنا فهم له، أو تدين به- أصلا!! وكثيرا ما يستوقفني هذا المشهد السريالي، ولست هنا بصدد الدفع عن الدين، ولكنني أحاول فهم وفك هذا المأزق الإنساني في مجتمع حيواني، بدائي التصورات عن الإله، وعن الحياة، وعن علاقته ومعاركه على الأرض بالسماء!!
توقفي عن تعاطي هذه المشوهات فهي لا تفيدك بشيء، وهي أحكام وتقديرات انفعاليه مندفعة تحتاج إلى مراجعتك ونقدك لها من أجل مصلحتك، وتسديد ضرباتك في الاتجاه الصحيح بدلا من التلويش، والتشويش، والتخبط الذي يستنزف طاقتك!! ويفصلك عن مصدر طاقتك!!
الحقيقة الثالثة: صوتك الداخلي ضائع، والعثور عليه هو دورك وواجبك وحدك، وهو المغتسل والشراب ونبع التعافي والراحة والجمال، والوصول إليه، والإمساك به يحتاج منك إلى هدوء، وتأمل، وحب لنفسك، وقبول لها كما هي: أنوثة، وإنسانية رائعة لا علاقة لها بما يقولونه لك عنك، ولا ما يرددها الأنعام حولك، ولا حتى ما تردده أصداؤك التي تعيد إنتاج التشوهات المحيطة، والروث الطاغي!
والمساعدة التي تحتاجينها فعلا هي عون للحصول على فرصة العثور والتلاقي والاستماع لصوت فطرتك المطمور والمغمور وسط كل هذا النعيق والنهيق!!
والاتصال بالله يساعدك جدا في هذا، وقد تساعدك مشورة علاجية بشأن ما يطل من كلماتك، وما يبدو من أعراض اكتئابية ظاهرة فيها لا تقتصر على عسر وتعثر مزاجي، ودراسي، ولكن وصلت إلى إيذاء الذات بدنيا كما تفضلت، فهلا راجعت طبيبا أو طبيبة متخصصة بشأن هذه الأعراض؟
وعثورك على صوتك الداخلي، وأصل فطرتك، ونور روحك من شأنه أن يعالج بقية الأجزاء الموجعة، ويصل بها إلى نوع من الانسجام والتعافي، وهذا دورك يحتاج منك إلى سكينة واسترخاء واستبصار، وأن تتوقفي لفرز المعارك التي تخوضينها داخليا وخارجيا، ومراجعتها، والله يساعدك وتمارين الاسترخاء، والتأمل، والصلاة الحقيقية الخاشعة، والصحبة الداعمة –إن وجدت– التي تقبلك دون شروط، والنجاحات الصغيرة المتدرجة، والامتنان والشكر الذي نقدمه لأنفسنا، وربنا كل يوم على نعمة الوجود والوعي، وعلى نعمة تواصلنا معا، وعلى نعمة إمكانية أن نتقابل يوما، أو أن نقابل من نكون معه حقيقتنا دون أقنعة أو كذب!!
لا أدري إمكانية أن يستجيب أهلك إلى نصح طبيب أو أرشاد أسري تقدمه علاجات مختلفة ولا أعرف مكانك لنرى ما هو قريب إليك منها مما يمكن أن يساعدك!!
لكن الأصل الأهم يظل في يديك أنت، والحل أساسي بداخلك أنت حين تعثرين على روحك المضيعة، وسننتظر رسالتك التالية مهما كانت.. وأهلا بك، دائما.