العزلة والخيال إلى متى؟؟!
أنا شاب 18 سنة ... منعزل نهائياً عن العالم منذ بداية مراهقتي
أكثر من 4 سنوات في المنزل, أعيش في الخيال طوال الوقت
في البداية هربت من الحياة لأني أخجل من الناس ولا أعرف شيء عن المهارات الاجتماعية, ليس لدي أي أدنى ثقة بنفسي أكره شكلي لدرجة بأني شخص آخر في عالمي الخيالي .. أنا سمين وبشع وأضع نظارات طبية كالأخرق .. أمي أثرت على حياتي بشكل لا يصدق .. دللتني لدرجة جعلتني أكرهها الآن .. دللتني وأجبرتني أن أكون متكل عليها لأنها كانت تمنعني من الخروج وحدي عندما كنت صغير بقولها أنها تخاف عليَّ.. توصلني إلى المدرسة بيدها فكرهت المدرسة لأنها كانت تحرجني أكثر مما أنا خجول وبالفعل كنت دائم التغيب وهي لا تمانع أن أبقى في المنزل!
ثم تركت المدرسة نهائياً في الصف السادس .. أنا ليس لدي أب فهو تركنا قبل أن أولد .. عائلتي عبارة عن أمي وأختي فقط .. بعدما كبرت قليلاً 13 سنة حاولت الخروج ( أمي لم تمانع كثيرا لأني كبرت ربما ) لكن بالرغم من ذلك كانت توترني جداً وعندما أخرج تتصل بي طوال الوقت
المهم بأني خرجت للحارة وبالرغم من أني دائماً أشعر أنه لا يوجد شيء أفعله .. باختصار أولاد الحارة تنمروا عليَّ وبعضهم ضربني حتى وأنا لم أفعل شيء .. كيف لا وأنا كبرت مع شخصيتي الضعيفة ولا أعرف كيف أتعامل مع شيء في هذه الحياة أسمي كان الأخرق ( الأجدب ) وحتى الآن عندما أواجه أحد لا أنطق بكلمة وأختبئ تحت الغطاء عندما أعلم بأنه سيأتي أحد فيقول ( أجدب ) أو ( مجنون ) وأنا لا ألومهم بصراحة
لم أبقى طويلاً في هذه الحياة بالخارج لذلك قررت الهروب أو الاختباء، فبعدما دمرت طفولتي اضطريت أنا أن أدمر مراهقتي .. راهقت على الانترنت وفي عالم خيالي، وهنا تبدأ مشكلة أخرى... في البداية أنا لم أكلم فتاة في حياتي ولا أعرف كيف يكون الكلام مع فتاة .. ولا أعرف كيف يكون الحب في الواقع!
تصفحت في البدء مواقع إباحية عن أمور أو أفلام مازوخية .. حيث تعذب وتهين النساء الرجال .. وحظيت بأولى عادة سرية وأنا أشاهد هذا، أدمنت هذه الأفلام حتى الآن بعد 4 سنوات انقلبت الصورة بشكل غريب، شاهدت منذ فترة فلم ( fifty shades of grey ) بالصدفة .. فكان يتكلم عن رجل ثري جداً يتعرف على فتاة ولاحقاً يقوم بممارسة حب سادي معها يقيدها بالفراش ويكمم أعينها ويضربها على مؤخرتها وعلى جسدها
انتابني شعور غريب وكأني أكره هذا ولكنني شعرت منطقياً بأن هذا هو الطبيعي وليس الرجل المازوخي .. بالإضافة لشعوري بالإثارة الشديدة أكثر من إثارة المشاهد المازوخية التي كنت أشاهدها .. انتابتي مشاعر قوية جداً بأني أريد ممارسة هذا وفي النفس الوقت تضاربت هذه المشاعر مع واقعي فتساءلت هل أحببت في البداية أمور إهانة النساء للرجال بسبب حياتي التي جعلتني أكون ضعيف وبلا شخصية وشيء وأنا أصلاً هكذا .. لكني لست ثري مثلاً هل الأثرياء يقومون بهذا فقط ؟؟
أعتقد أنه من الطبيعي أن تخضع المرأة بهذا الشكل للرجل ثري ! لا أعلم !
أحسست بضيق شديد واكتئاب عند التفكير بهذا .. علمت أني مكبوت عاطفياً وجنسياً لذلك أشعر بالغيرة عندما أفكر بأنه هناك فتاة تقبل أن يفعل رجل بها هذا
أنا لم أعد أعرف ماذا أفعل .. أصبحت أريد فعلاً الخروج وتكوين حياة في الخارج لربما يكون هدفي الوحيد أن أعيش قصة حب! لا أعلم من سأكون فيها السادي أم المازوخي!
لكن عندما أريد الخروج أنظر إلى المرأة وأرى شكلي البشع (السمين وصاحب النظارات الطبية الأخرق) لا يمكنني تقبل هذا المظهر، واستمر بتخيل أني شخص آخر ولكنه ليس حل في الواقع
هل يمكنني أن أعود إلى الواقع أصلاً ؟؟
ليس لدي واقع, فماذا أفعل ومن أين أبدأ ومع من وإلى أين .....؟؟؟
هل أنا بحاجة لدواء ؟؟ أنا أرغب بشدة بوصف دواء يساعدني حتى لو قليلاً, بالرغم من أنه صعب عليَّ جلبه
وشكراً لكم
10/3/2017
رد المستشار
السلام عليكم أخي "منعزل"
أولاً استشارتك منظمة أكثر ممن أكملوا دراستهم، ولغتك جيدة! مما يُوحي بأنّ لديك قدرات أكثر من أقرانك في وضعية مشابهة.
ثانياً الأعمدة الأساسية لاستشارتك اثنان: تقدير ذات منخفض estime de soi مع ما يصاحبه من ضعف المهارات الاجتماعية، وإدمان على الإباحيات.
نبدأ مع نظرتك لشكلك ونفسك، أنت تصف نفسك بالقبيح البشع ونظاراتك دليل عندك على أنّك أخرق! فهل تعي أنّك أوّل من يقْبل ذلك ويتلقّب به؟ لا عجب أن ترى ظلمَ وشتائمَ الناس لك أمرا عاديا (عندما أعلم بأنه سيأتي أحد فيقول (أجدب) أو (مجنون) وأنا لا ألومهم بصراحة) بل يجب أن تلومهم، فحتى إن كنتَ كما تتصور، فهل هم ملائكة يحاسبونك ويقوّمونك؟ فماذا إن كنت إنساناً له كرامته كيفما كان شكلك. هل تجعل من تصرفاتهم الجبانة عقوبة غير مباشرة لك وإرضاء لتأنيب ضمير تجد معه لذّة إن عنّفك النّاس؟! حاول أن تُخرج غضبك على من ظلَمك لا على نفسك.
ينبغي أن تعلم أن السمنة لا علاقة لها بالشخصية الضعيفة المدللة ولا النظارات الطبية تشير إلى البلاهة. ألم تشاهد في الأفلام والواقع من حولك أن السمين قد يكون عنيفاً وأن صاحب النظارات الطبية مهما كانت عينُه بها صغيرة قد يكون ذكيا محتَرما.؟!
أنت سجين نظرتك لنفسك، وبها تبرّر أفعال الاضطهاد والظلم والإعتداء عليك، فمتى تحرّرت منها سعيتَ لتكسير تلك اللعنة. وهنا غالباً ما نقع نحن البشر في تحيز تأكيدي biais de confirmation وهو نوع من استقراء الواقع بشكل خاطئ، نتصرّف على أساس أننا جبناء وغير مرغوبين وغير محبوبين، فتكون تصرفاتنا سيئة وغير مريحة للناس، فيتفاعلون مع تلك التصرفات السيئة أو غير اللبقة، فنؤكّد بذلك الحقيقة الأولى بأننا غير محبوبين، وفي الحقيقة تصرفاتنا المرتبطة بفكرتنا عن ذاتنا هي ما جعلت الناس تعاملنا كما فعلَتْ، وبالتالي فإن تعامل معظم الناس هو انعكاس لتعاملنا مع ذواتنا!
بالنسبة لأمّك التي كرهتها لأنها دلّلتك، وربّما كرِهتها إنْ هي قست عليك، هل تظنّ أنّ كُرهها سينفعك؟ أتظن أن عمرها الذي أفنتُه من أجلك ومن أجل أختك يستحق هذا الكُره؟
خوفها الزائد من حولك نابع من كونها وحيدة وسط حياة لا ترحم، ليس لها رجل تستند إليه إن وقع لك مكروه أو اعتدى عليك أحد، لا أباً لك يقف سدّا أمام انحرافك بمخدرات أو ما شابه، فتصير جلاّدا لأمّك الضعيفة الخائفة... موقفها نابع من خوفها وإحساسها بأنها وحيدة فآثرت الوقاية قبل العلاج الذي قد تعجَزُ عنه. إنّ تفهّمك لوضعها وشعورها (كما تحبّ أن يتفهم الناس شعورك الآن وكما كنتَ تحبّ أن تفهم هي شعورَك لما كانت تضيّق عليك) هو ما يعينك على النّضج وتجاوز المرحلة بأقل الأضرار (بأقلّ، لأنه لا بد من وجود ضرر لكل كائن حيّ!) استيعابك للأخطاء التي ارتكبَتْ أمُّك ومعرفتُها بطريقة موضوعية لا مبالغة فيها ولا تُحَمّلها فيها أكثر مما أخطأت فيه فعلا، هو السر الحقيقي للتفاعل مع الحياة بعقلية أخرى أكثر نضجا وتقبّلا، والتقبل هنا لا يعني سذاجة وتقديسا للأم، كما أنّ من السذاجة رمي كل المسؤولية عليها، فأمُّك ليست إلاّ بشرا تخضعُ لمؤثّرات كما تخضعُ أنت الآن لها، فهل ترى نفسَك أولى بالشكوى من واقعك من غيرك ؟
إذن الحلّ هو التفهم والوعي بأخطائها وأخطائك معا. وعندما نقول الوعي، فهو عملية تفكير متريّثة لمعرفة ما هو الخطأ أصلا قبل أن ننسُبَه لأحد. فكم من خطأ نحمّله غيرنا ونحن أصحابه، وما رأيناه من غيرنا ليس إلا تجلّيات لخطأ مصدرُه نحن لا هُم. وربما إن تأملت أن كثيرا من الأمّهات بين قسوة على أبنائهم أو استهتار بهم، لعلمتَ أنّك محظوظ بأمّ خافت عليك رغم تضييقها، وأنّ بناء شخصيتك بعد دلال وحبّ أسهل من بِنائها بعد عُنف وجفاء وإبعاد من الأمّ!
قلتَ أنّك مدمن للإباحيات منذ 4 سنوات تقريبا. ولا أعلم هل تقصد إدمانا فعليّا أو هو مجرّد وصف مبالغٌ فيه ناتج عن استقباح المشاهدة، وأيضا السجال الذي أقَمتَه بين المازوخية وبين الساديّة وتساؤلك عن علاقة ذلك بالشخصية الضعيفة (فتساءلت هل أحببتُ في البداية أمور إهانة النساء للرجال بسبب حياتي التي جعلتني أكون ضعيف و بلا شخصية...) يدل على دقة تأمّلك صديقي، ولكن لا تقع في فخّ قراءة واقعك وشخصيّتك من انطباعات نفسية عن الجنس في صوره المتطرّفة، فأنت لم تجرّب حبا ولا جنسا، وأيّ منظر جنسي مهما كان شاذا سيثير فيك شهوة ورغبة تظنّ بها أنّك أحببت الشذوذ نفسه وليس مجرد الموضوع العام للجنس، وما تتوق إليه نفسُك. وذلك
التناقض الذي شعرتَ به هو من إفرازات هذه المقارنة، فتارة تشعر أنّك مازوخي وذلك أكثر توافقا مع شخصيتك كما تظنّ، وتارة تشعر بأنّك تحب أن تكون ساديّا متلذذا بذلك، كنوع من إعادة الاعتبار لشخصيتك المهتزّة عبر إخضاع أنثى تعترف ضمنيا لك بأنك "قويّ" ويُمكنك أن تفعل ما تشاء! وفي الحقيقة الثقة بالنفس وتقدير الذات يمكن أن يُحصَّلا بأقل من تلك المغامرات المظلمة، والقصص الخيالية والتي لا تعدو استثناءات وعلاقات غير سويّة، وأنّ السعي للجنس بهذه الطريقة لن يجبُر كسْرَ نفسٍ معطوبة إلا وعطبَها في جوانب أخرى. وهناك جوانب من حياتك وأفكارك وإنجازاتك يُمكنُ أن يكون لها الأثر البالغ في بناء شخصيّتك، مثل تغيير نظرتك وحب نفسك وأمّك أكثر والتركيز على إيجابياتك، دراسة فنّ أو حرفة معيّنة أو حتى إكمال دراستك...
أما عن قصة الحب التي تتمنى أن تعيشها، ستعيشها لا شك يوماً ما، وذلك سهل، ولكن الأصعب هو معرفة كيف تعيشها، وستأتي في وقتها وعساك تكون جاهزا لتبعاتها فتعيشها أحسن مما ستعيشها قبل تجهّزك لها، وتأخذ منها أفضل ما فيها لا أسوء ما تقدّمه لك.
نصيحتي لك ما دُمت لا تحب بدانتك، هي أن تتعب قليلا للتخفيف من وزنك بحمية ورياضة منتظمة، بتوجيه كل كراهيتك إلى طاقة وعزيمة تنحتُ بها جسدك عوض تدمير نفسك بها وتتباكى والحلّ أمامك. وأن تتقرّب من أمّك وتحاورها وتسألها عن سبب قراراتها، لتعلم بعد الجواب كيف كانت تفكر آنذاك وما زالت.
وربما تغيير نظاراتك واختيار شكل لا يميل بانطباعك للبلاهة سيساعد قليلا وإن كنتُ ذو قصر نظر بشكل مفرط forte myopie حاول ارتداء لاصقات تُغنيك عن ارتداء النظارات.
وأنصحك بالتقليل من مشاهدة الأفلام الإباحية تدريجيا وقراءة بعض الطّرق لإعانتك على الإقلاع، فإدمانك لها يُشكّل مصدر تحطيم لثقتك وكرامتك لن تستشعر أثره الكبير إلا بعد إقلاعك عن الإباحيات.
وأحيلك على بعض الروابط علّها تفيدك:
علاج اضطراب صورة الجسد
اضطـراب الشـخصية المتجنبـة
اضطراب تشوه الجسد Body Dysmorphic Disorder
أكره شكلي !
الاعتمادية على المواد الجنسية الإباحيةبالنسبة للدواء، لا أعتقد أنّك بحاجة له إلا أن تُشخّص حالتك من قبل مختص. والدواء ليس حلاّ سحريّا في حالة عدم تغيّر القناعات والآليات القديمة في التفاعل الداخلي (النفسي) والخارجي (الاجتماعي)
دُمت بعافية