لا أتلقَّى الدعم الأسري
أصبت بنوبة اكتئاب عظمى نتيجة أحداثٍ كارثيَّة مروعة مررت بها
(حادثتان الأولى عام 2008 والأخرى بعدها بـ 4 سنوات, وهما مرتبطتان ومترتبتان على بعضهما البعض), وحسبما عرفت من خلال قراءتي في موقعكم المحترم ومواقع أُخرى شبيهه, فأنني من أصحاب من تطلقون عليهم النكديين (أصحاب المزاج النكدي) وذلك كنتيجة لما مرَّ بي من أحداث أخرى في حياتي (ليس مجالها الآن) بدون دعم أسري,
وكذلك فإن اكتئابي من النوع المضاعف, كنتيجة لما سبق ذكره. وسيدلل على صدق كلامي العقاقير التي استخدمها:
1- من 5 سنوات (بعد الكارثة الأخيرة), ذهبت ولأول مرة في حياتي لطبيب نفسي, والذي وصف لي 3 عقاقير كالتالي: رستولام + ريميرون + انافرانيل.
(بالإضافة إلى كويتابكس 200 عند اللزوم, إذا ما جفاني النوم, وكانت نصيحة الدكتور لي بأن أستمر عليه شهراً فقط).
2- بعدها بعام ذهبت لطبيب آخر فاستبدل انافرانيل بفافرين.
3- منذ حوالي عامين تعرضت لانهيار عصبي تام (سقطت من طولي على الأرض), إثر مشادة حامية مع "أقرب الناس لي", الله يرحمه.
4- من حوالي شهر تقريباً اشتدت عليَّ أعراض النوبة الاكتئابية للغاية, على الرغم من أنني ومنذ عام 2008 قد قرأت كتباً كثيرةً عن الاكتئاب وكيفية محاربته, وتمرينات الاسترخاء, والعلاج الجدلي السلوكي, وغير ذلك الكثير لمساعدة نفسي قدر استطاعتي, بجوار استخدامي للعقاقير. ولكن هيهات فالنوبة الأخيرة كانت فوق طاقتي, لأن سببها كان من "أقرب الناس إليَّ" (ضربة تحت الحزام).
المشكلة الأساسية لدي هي الدعم الأسري, فأقرب الناس لي, لا يقدر ولا يفهم ما أنا فيه (جفاء المشاعر وتحجرها, ربما لكبر السن), رغم أنني عرضت عليها مقاطع فيديو لكبار أساتذة علم النفس, حتى ما تتفهم حالتي (لأنها غير متفهمة لما أعانيه في صمت, فإذا ما تحدثت عما يجيش في صدري, تعتقد أنني أبالغ, وأن تلك الأمور ليست بي, ربما كمحاولة منها للتنصل من مسئوليتها عن دعمي ,لذلك آثرت ألا أتكلم بلسان حالي).
وفي أخر زيارة للطبيب (من حوالي شهر تقريباً) حرصت على اصطحابها "أقرب الناس لي", وكلمته أولاً على انفراد بخصوص الدعم الأسري, مراعاةً لشعورها وعدم إحراجها أمام الطبيب, ثم جعلتها تسمع بأذنها من الطبيب هذا الأمر الهام, لكن هيهات أن تحاول حتى أن تتغير.
ما أطلبه من سعادة المستشار ليس التشخيص, لأني عالم بحالي وما أصابني, والحمد لله الذي لا يُحمد على مكروه سواه, لكن عدم وجود الدعم الأسري, هو كارثتي الحقيقية والتي أعانيها منذ عام 2008 وحتى اليوم.
برجاء شرحها لعائلتي ومدى أهميتها لحالتي, حتى ما أستطيع أن أجد الدعم والسند والمؤازرة, وزي ما يقولوا بالبلدي كده أحس أنه في حد في ظهري, وحاسس بي, وبالذي أنا فيه .
حاسس كده أنهم كلهم متقاعسين عن مد يد العون, والتي أنا في أحوج ما أكون لها, لأن الكارثتين لن تُحلا عما قريب, هذا إذا كان لهما أصلاً حل, هذه ليست نظرة اكتئابية تشاؤمية نظراً لما أنا فيه, ولكنه الواقع المرير, والذي أحاول بكل جهد التعايش معه, يومياً. حتى لا تصبح المصيبة مصيبتين اكتئابي + عائلتي.
شكراً مقدماً للمستشار على ما ستبديه من نصائح لعائلتي, والتي أرجو من الله تعالى أن تجد صدى في قلوبهم, لما عجز لساني وحالي عن توصيل مشاعري وأحاسيسي إليهم.
27/3/2017
رد المستشار
شكراً على استعمالك الموقع وتمنياتي لك بالشفاء.
الاكتئاب الجسيم أو المضاعف واحد من أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً٫ وكثير الارتباط بالخلل الوظيفي٫ أمراض عضوية٫ واضطرابات نفسية أخرى ناهيك عن الانتحار. لذلك لا بدَّ من علاجه ولا بدَّ لكل من هو قريب من المريض أن لا يتقاعس عن مساندته والاستماع إليه. الاكتئاب مرض خبيث وخاصة في الرجل بعد منتصف العقد الخامس من العمر. بسبب ذلك تم بحث العوامل المختلفة العضوية والبيئية التي تسبب الاكتئاب والتي تساعد على الشفاء منه وما هي حاجزاً يعرقل رحلة شفاء المريض.ليس هناك ما يساعد المريض على الشفاء من الاكتئاب
مثل مساندة أقرب الناس إليه٫ وليس هناك ما يمنع شفاء المريض من الاكتئاب مثل عدم مساندة أقرب الناس إليه. هذه الحقيقة تم تثبيتها وتكرارها في جميع البحوث النفسية الاجتماعية٫ وليس من المبالغة القول بأن غياب هذا الدعم هو العامل الوحيد الذي تم تكراره في جميع الدراسات والبحوث العلمية.
يستعمل علم الطب النفسي مصطلح العجز في الدعم الاجتماعي والأسري في الحديث عن الاكتئاب. الدعم الاجتماعي يؤدي إلى شعور الإنسان بقيمته وانتمائه إلى شبكته الاجتماعية٫ ويعزز ذلك من ثقته بنفسه وذلك أشبه بدرع للوقاية من الاكتئاب. ليس هناك درعاً يمتلكه إنسان مثل درع أقرب الناس إليه.
يتم سحب هذا الدرع الوقائي مع إصابة الإنسان بالاكتئاب لظروف بيئية قاهرة٫ ومع رحلة الشفاء هناك الحاجة إلى درع جديد. لا يقدم هذا الدرع غير أقرب الناس إلى المريض. العقاقير والعلاج النفسي وغير ذلك تساعد المريض ولا بد من استعمالها ولكنها دروعٌ هشةٌ مثقلة بأعراض جانبية. أما الدرع الاجتماعي والزوجي والعائلي فهي دروعٌ قوية لا يصعب حملها من المريض.ساند من تحب واستمع إليه لكي تجهزه بدرع الوقاية من الاكتئاب الخبيث. إذا سلب الاكتئاب هذا الدرع فلا تهجره واستمع إليه أكثر وقدم له درعاً أو أكثر يحمله في رحلته للشفاء من المرض.
وفقكم الله.