تعرضت لاعتداء جنسي وأنا في الخامسة
السلام عليكم، حياتي غريبة بعض الشيء
تعرضت لاعتداء جنسي كامل من أحد أقاربي وأنا في الخامسة من العمر استمر لمدة ثلاث أو أربع شهور كنت أقاومه وبشدة لكنه كان يستغل قرابته وصغر سني وقلة معلوماتي زي مثلاً أن اللي يحصل ده عادي وبابا وماما يعملوه كان الأمر سراً طوال مدة الاعتداء نظراً لتهديدي بفعل ده مع أختي الأصغر مني مرة وأخرى بقتل أبي وثالثة بقتل أبي لي أو بكراهية أمي ومن حولي لي
كنت أستغيث في صمت ولكن لم ينتبه أحد للأمر إلى أن فاض بي ذات مرة وقررت أن أواجه الموت ولا أن أستمر في ذلك الألم الذي كنت أتعرض له وبالمناسبة كان هو في العشرينات وقتها
تعامل أهلي مع الموقف كأن فيه شيء من قلة الخبرة.
محدش سألني أيه اللي حصل حتى وقامت خناقه فالبيت وكل الناس بقت تبصلي بصات غريبة وقضيت عمري أشعر بأني منبوذة من الجميع أشعر بأن أمي تكرهني زي ما هو ما قال لي انحرفت فكريا وأصبحت متزمتة دينياً جداً ولم يرجعني عن هذا الطريق إلا تحريمهم للرسم ورؤيتهم أن القراءة مضيعة للوقت والكتابة تفاهة الأمور دي كلها كانت المنفس الوحيد لي فأزمتي اللي أنا أعيشها لوحدي لأن الكلام في اللي حصل كان ممنوع وبمجرد ما أفتح سيرته أضطر أواجه سخط أمي وأمرها لي بالنسيان.
أهملت جسمي وشكلي ومظهري انشغلت بالدراسة وهواياتي كان كل همي أني أنجح عشان أحول النبذ اللي أنا حساه من اللي حولي لانبهار بي كنت أخاف من الرجالة حتى أبويا مبعرفش أسلم على راجل وبتلكك بأنه حرام وفي فترة الثانوي تغيرت بعض مفاهيمي واعتدلت أمور حياتي قليلاً وقررت أن أهب نفسي عذرية جديدة محلها القلب وابتعدت عن أي شيء له علاقة بالحب والمشاعر ودخلت الكلية اللي طول عمري أحلم بها وتلقيت فيها فشل ذريع الحاجة الوحيدة اللي كنت عيزاها واللي كنت أحبها وناجحة فيها تحولت لكابوس مرعب امتنعت عن ممارسة هواياتي واتجهت لتفريغ همومي في الشغل وسبت الدراسة من وراء أهلي وزادت طين حياتي بلة وبقيت أفكر في الانتحار كثيراً جداً وأقدمت عليه مرة لكن توقفت في اللحظة الأخيرة وخفت وقررت أطلب المساعدة.
لم أتخيل يوماً أن مشاكلي بسبب تعرضي للحادثة دي كنت فاكرة أنه بسبب الكلية ومشاكل عائلية طارئة والطبيب النفسي اخبرني أنى لا أعانى من أي اضطراب نفسي واني فقط أحتاج لجلسات علاج وهو ما حدث وفي العلاج وبعد شهور تم فتح الموضوع ده وتزامن ده مع ظهور أول حب في حياتي أول مرة أقرب لولد وأثق فيه لكني هربت منه خوفاً من أنى أحكي له عن نفسي والمعالج بتاعي ولله الحمد لم يكن أمين كفاية لأنه تعلق بي في ما بعد وعلقني به وبدأت الجلسات تبتعد عن مسار العلاج وعيشني في وهم أني أحبه وأنه هو كمان يحبني وبعدت عنه وأخبرته أنه لو يحبني فيطلبني من أهلي ولما لقاها تدبيسه سوداء ولقي نفسه مش قدها وأنا مش هغير رأيي أخبرني بكل احترام أن اللي حصل مكنش بيده وأن قلبه فايد ربنا وأنه لا يصلح لي كزوج بعد ماعيشني في وهم شهور وامتص من طاقتي ومن تفكيري وزاد من أموري سوء
وللأسف الولد اللي هو كان يبعدني عنه اكتشفت أنه كان يحبني فعلاً وقف بجانبي ووثق فيَّ وساعدني أخرج من سوء نفسيتي ودلوقت نحن مخطوبين وهو في عينيه 100 سؤال وسؤال عايز يعرف أنا كنت أتعالج من أيه وده حقه بس مقدرتش أقول له قولت له أنها ضغوط الحياة قال لي أنا عارف أن الوجع والحزن والقهر والوحدة اللي في عينيك من أول مرة شفتك فيها من سنتين يعبروا عن فاجعة في حياتك وأنا مستني أعرفها لو أنت تحبي.
أنا دلوقت محتارة فعلاً بين أقول لخطيبي عن تعرضي للاعتداء وأنا طفلة ولا لأ وخاصة أن رأي أمي أن ستر ربنا مينفعش أفضحه أنا وأني هوجعه زي ما وجعت بحكايتي كل اللي عرفها مني هههههه توجعوا لأني حكيت وأنا بقالي سنين عايشه بالوجع لا كللت ولا كرهتهم كنت طول الوقت أحاول أسعدهم بأي طريقة طول الوقت أقول لهم أنا أحبكم أحبوني ولأول مرة في حياتي ألقى حد يقول لي أنا أحبك حبيني حتى الولد اللي أحببته مرمطه معايا سنتين بأسلوب زبالة ومعاملة جافة لخوفي منه مش لكرهي له.
سؤالي
هل أُعرِّف خطيبي بالأمر !!
طب وهل معرفته دي فعلاً هتوجعه ؟؟ هتسيب نقطة سوداء في علاقتنا ! هيعايرني بها قدام أو تفضل قدام عينه زي ماهما ما قالوا لي !!
هل لازم أشيل همه لوحدي طول عمري ؟؟
الموضوع انفتح على يد المعالج بس منتهاش جحيم من الذكريات يطاردني كل يوم وكل لحظة مش يهون عليَّ غير خطيبي اللي دائماً شايف أنك لازم ترتاحي عرفيني أيه اللي يقلب كيانك كده !
أنا مش هستحمل أنه في يوم من الأيام يحس أني خدعته هو يضغط عليَّ من ناحية عشان أحكي له وأهلي يضغطوا عليّ عشان محكيش !!!! أعمل أيه ؟؟
مش عارفة أقفل الموضوع جوايا وأعيش الموضوع أكبر من أنه ينقفل بيني وبين نفسي وأنا خائفة أحكي لخطيبي أو أطلب مساعدته فأوجعه وجع دائم يفتكره كل ما يشوفني وخصوصاً أنه توجع لما عرف بتلاعب المعالج بي بس ده وجع كان مقدور عليه وعالجناه مع الوقت.
أرجووووووكم أفيدوني
14/5/2017
رد المستشار
الابنة السائلة:
أبدأ من أول سطر في رسالتك، وفيه اعتقادك بأن حياتك "غريبة"!!
الأحداث التي تقع لنا هي مجرد "مادة خام"، أو معطيات هي رصيدنا الذي سنبدأ في التفاعل معه لبناء حياة وتجربة وخبرة، وتتنوع المعطيات ما بين صحة ومرض، وحروب، ونزاعات أسرية، وحوداث شخصية..إلخ
هذه الأحداث هي المدخل الذي سنبدأ منه التعامل مع الحياة في قصتنا نحن الخاصة، وهي ما سيعطي لنا إذا فهمنا وتفاعلنا – سيعطي للحياة معنى، وسيعطي لنا الفرصة أن تكون لنا بصمة خاصة بنا، وحياة متميزة عن غيرنا. لكن التعامل السائد مع أحداث الحياة ليس كما أحاول أن أشرح!!
الناس من حولنا ينظرون إلى عوارض الحياة نظرة تصنيف وتقييم، وبناءً عليه فإن ما تعرضت له هو شيء بشع، وينبغي أن يتلوه وجع بائس مكتوم لأن الحديث عنه مستنكر!! والبوح فضيحة!!
ومن ثم تقفين اليوم حائرة بين مصارحة خطيبك، أو استمرار الكتمان مع احتمالية معرفته يوماً.... إلخ الإجابة السهلة المختصرة المريحة أن أقول لك أنه لا يلزمك إخباره، وحساب المكاسب والخسائر المحتملة للبوح والكتمان ينبغي تقديره بدقة، ودمتم!!
لكن دعيني أسترسل في شرح منظور مختلف للحياة ربما تختارين معالجة أمورك به!!
ما حصل معك في طفولتك هو حادث متكرر جداً يقع بالملايين، وأهلك تصرفوا معه بشكل مرتبك، ومتكرر أيضاً، واعتقادك أنك قد أصابك شيء ينال من براءتك، وطهارة روحك، وجسدك جعلك تتجهين إلى ما تسمينه: التزمت الديني!! وشعورك بنوع من الدونية، والنبذ أدخلك في متاهة محاولات إرضاء الآخرين لتشعري بالرضا عن نفسك مع كراهية وخوف من جميع الرجال، وهذا تعميم يحصل مع من تتعرض لحادثة اعتداء جنسي، وتعثرات في التعليم، وارتباك في العلاقة بينك وبين المعالج، وخطوبة مع حيرة بين البوح والسكوت!! حادث الاغتصاب يخصك أنت وحدك، وما ترتب عليه يخصك وحدك، ومسؤوليتك أن تبحثي عن علاج أفضل له، وقد تعرفت أنا وتدربت مؤخراً على علاج يقدم نفسه بوصفة الأنسب لضحايا الاغتصاب، وبقية الصدمات والكوارث الحياتية الطبيعية، أو التي تكون وتحصل بفعل فاعل.
"العلاج السردي التعرضي" Narrative Exposure Therapy هو علاج مصمم للتعامل مع الصدمات وخضوعك له يكفل لك البوح العلاجي، ويوقف جحيم الذكريات الذي يطاردك كل يوم، وكل لحظة.
لا أدري طبعاً ماذا سيفعل خطيبك إذا أنت أخبرته بالحادث القديم!! ولا يستطيع أن يتنبأ أحد بموقفه إذا عرف سواء اليوم، أو غداً، وأزيدك أن الحادث الذي وقع لك لا يعنيه من قريب، ولا من بعيد، وكذلك تداعياته الشعورية، وآثاره النفسية هي مسؤوليتك أنت وحدك – الآن – وعليك أن تتعاملي معها: تعلماً منها، وعلاجاً لآثارها...إلخ
هل تتحملين "الوجع" وحدك؟!
تحتاجين إلى تغيير نظرك للحادث وتداعياته، فأنت لست مسؤولة عن حصوله، ولم يكن بقدورك منعه، ولا مقاومته، وقد قمت بأكثر من المتوقع بأن اعترضت وقررت مواجهة المجرم، رغم حداثة سنك حينذاك ممتاز منك أن فعلت هذا، ومسؤوليتك تأتي في التعامل معه كحادث وقع لم يكن بمقدورك وقفه. يساعدك أن تبحثي في قصص التعافي من حوادث الاغتصاب، وتفيدك التمارين والتدريبات التي تركز على الوعي بجسدك، وعلى الإنصات له، وقد تقرريين التركيز على نفس الموضوع في التخصص مستقبلاً، وربما تحبين التطوع في بعض الجهود التي تسعى إلى التوعية بالتحرش والاعتداء الجنسي على الأطفال، وآثاره، وطرق تعافي الضحايا منه، فمن أفضل ما يمكن أن يحصل لضحية أن تتحول إلى معالج، وبطل يروي قصة التعافي!!
قضية انتهاك الأطفال هي جريمة منتشرة لا تحظى بالاعتراف اللائق، ولا بالمعالجة النفسية والاجتماعية المطلوبة، وتحميل الضحية المسؤولية، أو لومها وكأنها هي الجاني كما حصل معك هو الأكثر شيوعاً، ومن ثم يرى البعض أنه قد حان الوقت لرفع الصوت عالياً بالنقد والتمرد، وأنصار هذا الرأي سيرون أنه عليك أن تخبري خطيبك بالجريمة التي تعرضت لها، وإنه لو عزف عن استكمال الزواج، أو صدر عنه ما يضايقك أو يعايرك فإنه لن يكون الشخص الجدير بك!!
وأنا أرى أنه يظل اختياراً، وموازنة بين المكاسب المحتملة، والخسائر الممكنة. في كل الأحوال... صورتك أمام نفسك هي الأهم، وأنت بريئة وطاهرة، وضحية، والتعافي مما حصل ممكن جداً، وأنت عاقلة، وصريحة مع نفسك، وهذه بدايات جيدة. وبمقدار ما تسمحين لنفسك بالتعبير عن الألم المختزن في جلسات العلاج بالسرد، أو في ورش علاج الصدمات بالتحرر من المشاعر المختزنة عبر السايكودراما أو غيرها، بمقدار ما ستخف آلامك، وتقل كوابيسك وبالمناسبة ممارسة الدراما تساعد في إطلاق المشاعر، وتحريرها، والتحرر منها، والتعبير في وسط يكفل الثقة والدعم والمشاركة يساعدك كثيرا......... مضى زمن الخوف يا ابنتي، زمن الحرج والخجل والكتمان وقمع التعبير، وصرت الآن شابة واعدة متحركة تبحثين عن مستقبلك، وتستحقين كل خير وسعادة نحن معك، وأنت من يحقق الأمن والتعافي خطوة خطوة، وأنت من ستبني لنفسها خبرة الحياة، ونضج التجارب، والتعلم من الألم، وعبر الألم، ومع الألم.
تواصلك مع جسدك، واحترامك له، واحتفاءك به يفيدك ويتحقق هذا من خلال الرياضة، والرقص، والتأمل، وتابعي معنا فلدينا قريباً إعلان عن ورشة لعلاج مثل حالتك، وتابعينا بأخبارك.
واقرأ أيضاً:
تحرش جنسي Childhood Sexual Abuse
تحرش جنسي Sexual Abuse تعرض